موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم في الحرم الرضوي الشريف بمدينة مشهد المقدّسة في اليوم الأول للعام الإيراني الجديد (1396 ه.ش)

 

بسم الله الرحمن الرحیم (1)

والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیّدنا ونبیّنا أبي القاسم المصطفی محمّد، وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین الهداة المهدیّین المعصومین، سیّما بقیّة الله في الأرضین.

اللّهم صلّ على فاطمة وأبیها وبعلها وبنیها عدد ما أحاط به علمك.

اللّهم صلّ على ولیّك عليّ بن موسى‌ الرّضا عدد ما أحاط به علمك، صلاةً دائمةً بدوام ملکك وسلطانك. اللّهم سلّم على ولیّك عليّ بن موسى‌ الرضا عدد ما أحاط به علمك، سلاماً دائماً بدوام مجدك وعظمتك وکبریائك.

اللّهم کن لولیّك الحجّة بن الحسن، صلواتك علیه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي کلّ ساعة، ولیّاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودلیلاً وعیناً، حتى تسکنه أرضك طوعاً وتمتّعه فیها طویلاً.

 

لقد وفّقنا الله تعالى عاماً آخر ومرة أخرى للحضور في جمعكم أنتم الإخوة والأخوات تحت ظلّ بقعة علي بن موسى الرضا (عليه السلام) المباركة.

نحن بدورنا نُبدي تعاطفنا وتواددنا مع آحاد هذه الجماهير الهائلة والمؤمنة والحاشدة، ونُلقي عليهم جملة من المسائل فيما يخص قضايا البلد والثورة الأساسية والرئيسية، ونشكر الله سبحانه وتعالى على هذا التوفيق.

إن هذه الحشود الجبّارة المتراكمة الحاضرة في هذا الرواق المطهّر(2) وفي أطراف هذا المكان، من الساكنين في مدينة مشهد المقدسة أو الزوار الكرام الذين جذبتهم جاذبية هذا الإمام العظيم ووفدوا إلى هذه المنطقة وهذه المحافظة وهذه المدينة، كلهم شوق وتوق لأن يستمعوا إلى كلام قلب الثورة والنظام في شتى المسائل. ولا يسعني في هذه الفرصة المتاحة إلّا أن أتناول جانباً مما ينبغي قوله، راجياً أن يقع موقع رضا الله وقبوله وهَدْيِه.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! العام الماثل أمامنا عامٌ مهمٌ للبلد، سواء لحاجته إلى حراكٍ اقتصاديِّ هام، وهذا ما ينبغي للمسؤولين أن يفكروا فيه وينهضوا به إن شاء الله، أو لكوننا مقبلين على انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات مجالس البلديات في المدن والأرياف وهي الأخرى بالغة الأهمية أيضاً.

في العام الماضي - 1395 هـ.ش -، ورغم المشاكل الاقتصادية التي كان البلد يعاني منها، تألّق الشعب الإيراني في أمرين: الأول التزامه بمبادئ الثورة والنظام الإسلامي، وهذا ما تجسّد في حضوره الحاشد في مسيرة الثاني والعشرين من بهمن الهائلة وفي التجمّعات التي تخصّ قضايا الثورة، وهو مؤشّر على التزام الشعب الإيراني واندفاعه وانشداده لقضايا الثورة. والجانب الثاني التزام الناس بالأمور الإيمانية والدينية. حيث أفادت التقارير الموثوقة التي رُفعت من جميع أرجاء البلاد في شهر رمضان المبارك وفي شهري محرم وصفر وفي سائر المراسم الدينية، أن اندفاع الناس وحضورهم وانشدادهم للمسائل الإيمانية كان أكثر من أيّ وقت مضى. فقد فاق الحضور الجماهيري وبروز الهمم العالية كل الفترات السابقة سواء فيما يخص قضايا الثورة أو فيما يرتبط بالمسائل الدينية. وهذا أمرٌ فائق الأهمية، وذلك أولاً لأنه يستعرض للصديق والعدو اتّجاه حركة الشعب الإيراني وهويته. فإنّه لا مسيرة الثاني والعشرين من بهمن تختص بتوجّه سياسي خاص، ولا جلسات شهر محرم وشهر رمضان والاعتكاف ومسيرة الأربعين، بل ترتبط بقاطبة الشعب الإيراني وبكل أطيافه وتوجهاته. وهذا إنما يدلّ على أنّ حركة الشعب الإيراني تتجه باتجاه ثوريٍّ دينيّ، أيّاً كانت التوجّهات والسلائق الساسية، وبذلك فهو يستعرض هوية الشعب الإيراني للصديق والعدوّ؛ هذا أولاً.

وثانياً لأنه يُثبت للجميع تلاحم الناس والوحدة الوطنية، فإذا ما نظرتم إلى سنة 1395 من البدء إلى الختام، لوجدتم هذين المؤشرين المهمين قد تجلّيا في جميع القضايا: تعاضد الناس وتآزرهم في شؤون الحياة الأساسية رغم اختلاف الآراء في شتى المسائل الفرعية والسياسية، حيث تجدهم في الاتجاه الرئيس وهو اتجاه النظام والثورة متماسكين متكاتفين؛ هذا أولاً، وثانياً انشداد الناس للثورة وللنظام وللأمور الدينية والإيمانية، وهذا ما ثبت للعالم، وظهر للصديق والعدوّ؛ هذا ما يرتبط بعام 1395.

ولقد شهد العام الماضي بالطبع أحداثاً مرة، آخرها حادثة رجال الإطفاء الأعزاء الذين ضحّوا بأنفسهم وسطّروا حادثة مريرة. فالأحداث المريرة موجودة على الدوام، والأساس أن تكون همة الناس وعزيمتهم واتجاه حركتهم، مُبشّرة وباعثة على التقدم، وهذا ما هو موجود والحمد لله.

وأقولها بأن هذه الحاجة الوطنية باقية على قوتها في العام الحالي كذلك. ففي هذا العام أيضاً يتعيّن على الشعب الإيراني أولاً إظهار وحدته الوطنية، وثانياً إثبات التزامه بالنظام والثورة والأمور الدينية، وثالثاً استعراض اتجّاه حركته لأعداء إيران وأعداء الجمهورية الإسلامية وأعداء الشعب الإيراني، وعلى هذا الأساس تم اختياري للبحث الذي سأتناوله في هذا اليوم.

فالبحث الذي اخترتُه لهذا اليوم ينطوي على موضوعين: الأول يرتبط بالشأن الاقتصادي في البلد، وسأتعرّض له بعيداً عن مصطلحات أهل الفنّ، وأستعرض فيه ما تجدر - باعتقادي - معرفته لأبناء شعبنا الأعزاء والاهتمام به والسير في مسيره ومطالبته من المسؤولين، والموضوع الثاني لبحثي في هذا اليوم، يتعلق بقضية الانتخابات وذكر بعض المسائل في هذا الخصوص.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! القضية الاقتصادية تحتلّ الصدارة في البلد، لا في هذا العام وحسب، بل منذ عدة أعوام وهذه القضية تتصدّر أولويات البلد الفورية، وكانت الحاجة إلى حراكٍ اقتصادي صحيح مبنيّ على برمجة صائبة، ملموسة في غضون هذه السنوات العدة، وقد أُنجزت أيضاً بعض الأعمال التي سأشير إليها.

إنّ أولوية الشعب الإيراني تتمثل في الجانب الاقتصادي، واعلموا أن هذه القضية تشكّل أولوية العدوّ أيضاً. وهذا يعني أنّ أعداء الجمهورية الإسلامية اليوم، وفي سبيل تحقيق أهدافهم تجاه إيران والشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، أخذوا يفتّشون عن سبلٍ اقتصادية، وبتعبير أصحّ، باتوا يبحثون عن طرقٍ للنيل من الشعب الإيراني عبر الاقتصاد. فإن العدوّ، ومن وراء الضغوط الاقتصادية، يهدف إلى تثبيط معنويات الشعب الإيراني وسوقه إلى الشعور بالملل والإحباط تجاه النظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية، وإلى إيجاد هوة بينه وبين النظام الإسلامي وتمرير مشاريعه عبر هذا الطريق. وأقولها لكم بالطبع: منذ سنواتٍ طوالٍ وعدوّنا الجاهل الذي لا إيمان له يبذل مجهوده هذا بغية فصل الشعب عن النظام، ولكنه لم يُفلح في ذلك، ولن يُفلح بعد اليوم أيضاً بحول الله وقوته.

إذن فالعدوّ لا يحقّق مبتغاه، ولكننا مكلّفون بطرح هذا البحث لأهميته ولالتفات المسؤولين إليه ولإيجاد أواصر التعاون والتواصل بين الناس والمسؤولين في المجال الاقتصادي، لأن قضية الاقتصاد ومعاش الناس قضية كبيرة الأهمية، ولذلك فسوف أستعرض جملة من النقاط في هذا الشأن، علماً بأني أشرت إلى هذا الموضوع بالإجمال خلال ندائي بداية العام يوم أمس مخاطباً شعب إيران، واليوم سأخوضه بالتفصيل.

يقول الإمام السجاد (عليه الصلاة والسلام) مخاطباً الباري سبحانه وتعالى: «وَنَعوذُ بِكَ مِن تَناوُلِ الإِسرافِ وَمِن فِقدانِ الکَفاف»(3)، وفي هذا دلالة على أهمية القضية الاقتصادية، حيث نجد الإمام يسأل الله ويعوذ به من الإسراف ومن شحة موارد المعاش لدى الناس بالمقدار الكافي، وهذا مؤشر على أهمية الجانب الاقتصادي، ولذا يتعيّن علينا البحث في هذا المجال.

ولكن قبل الخوض في البحث الرئيسي، أودّ التأكيد على نقتطين، وتذكيركم أنتم الأعزاء الحاضرين هنا والذين سيستمعون إلى هذا الحديث فيما بعد، بهما:

النقطة الأولى هي أنّ العدو في إعلامه المكثّف يحاول أن ينسب النقص المعيشي والاقتصادي الموجود في البلد إلى النظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية؛ هذا هو مخطّط العدو. فإنه يروم الإيحاء بأنّ النظام الإسلامي لم يكن وليس قادراً على معالجة المشاكل الاقتصادية الأساسية وحلّ عُقَد الشعب الإيراني، ويبغي استغلال هذا الأمر لقمع النظام الإسلامي. بيد أنّ الكلام هذا ناجم عمّا يحمله من ضغينة وعداوة وبغضاء تجاه هذا النظام، وهو مخالفٌ للواقع، فقد قدّم النظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية لإيران وشعبها خدمات بارزة وخارقة. ولو قارنّا أوضاع الشعب وأوضاع البلد بما قبل فترة الإسلام، أي بعهد نظام الطاغوت، لاتضحت حينذاك قيمة الخدمات التي قدّمها النظام الإسلامي وعظمتها. نعم، هناك نقاط ضعفٍ مردّها إدارتنا ومآلها إلى ضعف وعجز المدراء الذين يمارسون مهامهم في مختلف القطاعات. بيد أنّ النظام الإسلامي رعرع في داخله طاقات وربّى مدراء استطاعوا النهوض بإنجازات كبرى للبلد على مدى هذه الأعوام الثلاثين ونيف؛ هذا في الوقت الذي كان الشعب خلال السنوات المذكورة رازحاً تحت وطأة ضغوط العقوبات الاقتصادية التي فرضها الأعداء عليه من كلّ جانب.

وأستعرض في ذلك عدة أمثلة، علماً بأنّ هذه ليست سوى نماذج، وإلا فإنّ قائمة الخدمات التي قدّمها نظام الجمهورية الإسلامية قائمة تفوق ما سنسرده بكثير. التفتوا إلى أنّ سكان البلد قد تضاعف منذ بداية الثورة وحتى يومنا هذا ضعفين؛ أي وصل من نحو أربعين مليون إلى زهاء ثمانين مليون نسمة، بيد أنّ الأرقام الدالة على الإنجازات التي تحققت في مختلف الميادين، لا تشير إلى ارتفاع ضعفين أو ثلاثة، وإنما هي أرقام مذهلة وباهرة جداً.

فالأعمال التي تم إنجازها في البلد على صعيد البنى التحتية، تعتبر من حيث المعيار والميزان في غاية العظمة حقاً، إذا ما قورنت بالبلدان الأخرى. وعلى سبيل المثال: تضاعفت طرق البلاد خلال هذه المدة ستة أضعاف، وسعة الموانئ في هذه الفترة عشرين ضعفاً، والسدود السطحية - التي تخزن مياه الشرب ومياه الزراعة - ثلاثين ضعفاً، وتوليد الطاقة الكهربائية أربعة عشر ضعفاً، والصادرات غير النفطية سبعة وخمسين ضعفاً - ففي عهد الطاغوت قبل الثورة، كان التصدير مقتصراً على النفط وبعض المنتوجات القليلة الأخرى التي لا تعدّ تقريباً، إلى جانب صادرات النفط، بالشيء الذي يذكر، واليوم قد بلغت الصادرات غير النفطية 57 ضعفاً -، والصناعات البتروكيمياوية ثلاثين ضعفاً، والمنتجات الفولاذية خمسة عشر ضعفاً. هذه هي النبى التحتية التي يحتاج إليها كلّ بلد يريد التحرك والتقدم في المجال الاقتصادي، وهي التي قد تم إنجازها في عهد الثورة (الإسلامية).

وفي ميدان العلم والتقنية، تضاعف عدد طلاب الجامعات عما كان عليه في بداية الثورة خمسة وعشرين ضعفاً. إذ كان عدد كل الطلاب في أول الثورة نحو مئتي ألفٍ ونيّف، واليوم نجد ما يقرب من خمسة ملايين طالب يزاولون دراساتهم، فيما بلغت المقالات العلمية ستة عشر ضعفاً، إلى غير ذلك من الأنشطة العلمية والتَقَنية الكثيرة الأخرى.

هذا والمؤشرات على صعيد التنمية الاجتماعية والإنسانية عالية جداً. فالإحصائيات في مجال إسداء الخدمات للناس، من قبيل الكهرباء والغاز والهاتف وإعمار القرى والأرياف، إحصائيات مبشّرة وجيّدة جداً. والأرقام في حقل الأنشطة العسكرية مذهلة، فالبلد الذي كان قبل انتصار الثورة من الناحية العسكرية تام التبعية للخارج ولعدوٍّ كأمريكا، بلغ اليوم من التقدم العسكري ما أبهر العدوّ أيضاً وأقلقه وأثاره حفيظته.

هذه كلها من إبداعات النظام الإسلامي وإنجازاته. وسبق أن ذكرتُ بأني لو أردتُ استعراض هذه القائمة، لكانت قائمة طويلة جداً، ولكانت أعلى وأسمى مما ذكر. علماً بأنّ الثورة لا تتوقّف، والمسيرة التقدمية لا تتوقف، وثمة أعمالٌ كثيرةٌ لابد من إنجازها وسوف يتم التصدّي لها بحول الله وقوته. هذا وقد تم التصريح في سياسات النظام الإسلامي العامة بتلك الأمور التي يجب تحققها في المستقبل.

كما ونعاني من نقاط ضعفٍ ليست بالقليلة، وإني على اطلاع بما يتركه ضعف أعمال المسؤولين في البلد - بما فيهم أنا الحقير - من تأثير في أوساط الشعب الإيراني على مدى الأعوام المنصرمة، فإن هناك نقاط ضعف كثيرة ترتبط بإدارتنا ولا تمت إلى مسيرة النظام الإسلامي العامة بصلة. ومن هنا حيثما كنّا نتمتع بإدارة ثورية فاعلة نشيطة تقدّمت الأمور، وأينما كنّا نمتلك إدارة ضعيفة خاملة يائسة غير ثورية عديمة الحركة توقّفت الأعمال أو انحرفت. وهذه ليست سوى معضلة ومشكلة ونقطة ضعف موجودة، والواجب على مدرائنا إن شاء الله أن يتسموا بمزيد من الاندفاع والكفاءة وأن يبذلوا مزيداً من المساعي والجهود، وهذا ما سوف يتحقق بحول الله وقوته. وأقولها بكل حزم: إذا اتسمت إدارتنا في مختلف قطاعات البلد بالتديّن والثورية والكفاءة، ستُعالَج مشاكل البلاد بأسرها، إذ ليس لدينا مشكلة لا حلّ لها في البلد.. هذا فيما يخص النقطة الأولى.

والنقطة الثانية هي أنّ طاقات البلد جبارة، وقدراتنا ومواهبنا فيه هائلة. وهذا يعني أننا حينما نُبدي أملنا بالمستقبل، ونقول بضرورة إنجاز هذه المهام، أو نقول بأنه سيتم إنجازها، كل هذا بالاستناد إلى هذه الطاقات والقدرات الكامنة في البلد. فإن بلدنا سواء من حيث الطاقات الإنسانية، أو الخيرات الطبيعية - بما فيها الموارد الجوفية والسطحية ومختلف الإمكانيات الأخرى - يعتبر من البلدان الثرية. فمن حيث الطاقات الإنسانية - وكما ذكرنا - يعدّ وجود خمسة ملايين طالب جامعي ثروة عظيمة للبلد، هذا بالإضافة إلى أنّ لدينا نحو عشرة ملايين خرّيج جامعي، يمكنهم النهوض بأعمال مختلفة. ولدينا في البلد أيضاً 33 مليون شابٍّ في سنيّ العمل - أي تتراوح أعمارهم ما بين 15 و40 سنة -، وهذا يعني أنّ بلدنا بلد شاب يمتلك القدرة على ممارسة الأعمال. فبحسب أصحاب الرأي والفنّ، تعتبر أفضل فترة للإنسان من حيث قدرته على العمل - رجلاً كان أو امرأة - هي الفترة ما بين 15 و40 عاماً، وبلدنا من هذه الجهة ينعم بوضعٍ مطلوب جداً والحمد لله، حيث يوجد 33 مليون نسمة من سكانه في هذه الأعمار، وهم قادرون على النهوض بالأعمال، ورفع الأعباء الثقيلة على كواهلهم.

ومن حيث الموارد الجوفية أيضاً نعتبر من البلدان المتقدمة في العالم. فقد سبق وأن ذكرتُ (4) بأنّ سكان البلد يشكّلون نحو واحد بالمئة من سكان العالم، بيد أن جميع مواردنا الرئيسية تفوق نسبة الواحد بالمئة، فالبعض منها اثنين بالمئة، والبعض ثلاثة بالمئة، والبعض الآخر خمسة بالمئة، وفي هذا دلالة على أننا من حيث الموارد لسنا مغلولي الأيدي. وفي نفس هذا الاجتماع الذي يُعقد في بداية العام - قبل سنة أو سنتين – (5) قلتُ بأننا نحتلّ الصدارة في العالم من حيث امتلاكنا لاحتياطيّ النفط والغاز معاً؛ أي أنّ بلدنا يعتبر أفضل وأغنى بلدان العالم في هذا المجال، وأننا نتبوّأ المرتبة الأولى في ذلك. وفي الآونة الأخيرة وصلتني إحصائيات تفيد بأننا نتصدّر العالم حتى في احتياطيّ الغاز لوحده؛ أي لا يوجد بلد يمتلك النفط والغاز بمقدار ما يمتلكه بلدنا، ولا توجد دولة في العالم تمتلك الغاز لوحده بمقدار ما نمتلكه، وهو اليوم يشكّل أحد منابع الطاقة الهامة. ومن هنا فالبلد هذا بلدٌ ثريٌّ، وليس من العبث أن نجد أعداءنا - أي القوى المتسلطة من قبيل أمريكا ونظيراتها - قد عقدوا آمالهم الطامعة على هذا البلد يريدون فرض الهيمنة عليه. علماً بأنّ هذا حُلُمهم الدائم، وهو حلمٌ لا يتحقق أبداً.

ولنشرع الآن بالبحث في الشأن الاقتصادي، فالوقت مضيّق، ولابد لي أن أتمكّن من استعراض ما أروم التعرض له، ولو على سبيل الإيجاز.

التفتوا! نحن ماذا نريد لبلدنا ولشعبنا؟ وما هو الهدف المنشود الذي نتطلّعه لهما؟ نحن نريد للشعب الإيراني تحقيق الأمن القومي، والعزة الوطنية، والسلامة العامة، والرفاه العام، والتقدم الشامل، والاستقلال عن القوى السلطوية في العالم، وتفجّر الاستعدادات والمواهب، والتخلص والنجاة من الآفات الاجتماعية - كالإدمان على المخدرات والفساد وما شاكلهما -؛ هذه هي الأمور التي نريدها للبلد ونسعى وراء تحقيقها في الجانب المادي. ولا ينعم الشعب بالاستقرار والراحة إلا إذا تزوّد بهذه المسائل في داخل بلده. ولكن كيف يتأتى اكتسابها؟ وبأي طريقة يمكن التوصّل إلى العزة الوطنية، والأمن القومي، والاقتدار الوطني، والتقدم الشامل؟ أقولها لكم بأنّ البلد ما لم يتمتّع باقتصادٍ قويٍّ لا يمكن التوصّل إلى هذه الأمور. نحن بحاجة إلى اقتصاد قوي وإنتاج قوي إلى جانب إدارة قوية. نحن نحتاج إلى اقتصاد مقتدر مطمئن متكئ على ذاته، يوفّر لنا إمكانية عدم مدّ أيادينا إلى الآخرين، والقدرة على الاختيار، والحركة، والمبادرة، والتأثير على سعر النفط، وتقوية العملة الوطنية، ورفع القوة الشرائية لدى الناس. فمن دون اقتصاد كهذا، لا نصل إلى عزة دائمة ولا إلى أمن مستمر، ولذا لابد من العمل على تحقيقه، وهنا تكمن أهمية الاقتصاد. كما ولا يمكن تحقيق هذه المطاليب من دون اتّحاد وطني، ومن دون مدّ الأواصر بين الشعب والنظام، ومن دون توافر ثقافة ثورية، ومن دون وجود مسؤولين يتسمون بالشجاعة والنشاط والمثابرة. هذه هي متطلباتنا بأجمعها، ولابد من تأمينها، وهذا ما يمكننا تحقيقه. إذن فواحدة من مشاكلنا الأساسية في الوقت الراهن هي قضية الاقتصاد.

ولقد طرحنا موضوع الاقتصاد المقاوم وتحدثنا بشأنه، وأخذ الأعزاء والمسؤولون الناشطون في السلطة التنفيذية وسائر مفاصل البلد، متابعة الأمر ووضع خططٍ وإنجاز أعمالٍ عن طوع ورغبة، وهي أعمال جيدة سأشير إلى جملة منها، بيد أنّ المشهود لنا في هذا اليوم والماثل أمام أعيننا هو أنّ ثغراتنا الاقتصادية ثغرات كبيرة. منها قضية البطالة، ولاسيما بطالة الشباب، وبالأخص بطالة الشباب الخريجين، فهي تمثل فراغاً وثغرة، ومن الواجب ملؤها. ومنها قضية معاش الطبقات الضعيفة، فإننا دوماً ما نتتبّع المعلومات، ونطّلع على أوضاع الناس في مختلف أرجاء البلد، ونعرف بأنهم يعانون من مشاكل في الوضع المعيشي. فالبطالة وصعوبة المعاش، وسائر المشاكل التي تستتبعهما في المجالات الثقافية والاجتماعية.

ولقد أشرنا إلى أنّ العدوّ يركّز أيضاً على هذه المسائل ويروّج لها إعلامياً. ويعتقد المراقبون الاقتصاديون والمنظّرون في المسائل الاقتصادية بأن المشكلة الأساس تكمن في الركود والبطالة، والحق معهم. فإن إحدى المشاكل هي قضية البطالة، والأخرى قضية الركود في الإنتاج وشحة الإنتاج المحلي، وهما يدخلان في عداد الاقتصاد المقاوم، غير أنّ الاقتصاد المقاوم يمثل منظومة، فلو استطعنا تقسيم هذه المنظومة وتجزئتها وإيلاء المزيد من الاهتمام والتأكيد على جانب من أجزائها الهامة في كل حقبة زمنية، لكان بإمكاننا أن نجني منها ثماراً جيدة بكل تأكيد.

لقد تمت في العام الماضي إنجازات جيّدة، وحقيقٌ بنا أن نذكر ونثمّن الجهود التي بذلها المسؤولون الكرام. ففي أوائل السنة الماضية، حيث أكّدت في نفس هذه الجلسة التي عُقدت بداية العام تأكيداً كبيراً على المكاتب الصغيرة والمتوسطة، عزم المسؤولون على دعم هذه المكاتب، وخصّصوا ميزانيةً تُقدّر بخمسة عشر ألف مليار تومان لتنشيط نحو عشرين ألف مكتب صغير وتفعيله وإخراجه من حالة الركود، وبادروا إلى هذا الأمر أيضاً، مع تأخير قليل بالطبع، ولكنهم بالتالي شرعوا بالعمل، وكانت مبادرة جيدة، سوى أنّ المطلوب في كل عملٍ جيّد هو الإشراف والاستمرار. ولو لم يكن هنالك إشراف تام واهتمام ودقة كافية في استمرارية العمل، لما وصل العمل إلى غايته، أو لما بلغ غايته المنشودة. فطالبت القائمين على هذا الأمر توضيحاً، وتحرّيتُ المسألة ميدانياً عبر طرق مختلفة، وعلمت أنّ العمل حقّق تقدّماً ولكن لا بمقدار الكلفة التي خُصّصت له، ولا بالمقدار المطلوب والمرجّو له أن يتقدم. فلابد من التخطيط لأن تؤتي تدابير المسؤولين وسياساتهم التنفيذية نتائجها النهائية.

نحن اليوم نعاني من مشاكل جمة في بعض المؤشرات، فيما نجد بعض المؤشرات الأخرى جيدة. فإن مؤشر التضخّم - على سبيل المثال - يشير إلى الانخفاض وهو جيد، فيما يشير مؤشّر البطالة إلى الارتفاع، وهو يعني ازدياد البطالة. وهذه أرقام رسمية يُدلي بها المسؤولون أنفسهم. أو يعدّ النموّ الاقتصادي إيجابياً، فيما يعتبر النمو في الاستثمار سلبياً، وهذه هي إحدى العيوب الأساسية الكبرى. أو على سبيل المثال تقدّمنا في بعض القطاعات - كقطاع النفط -، فيما تراجعنا في قطاعات أخرى - كقطاع المنجم والمسكن -. وهذا يعني أن الإحصائيات الرسمية لا تُقنِع الإنسان في أنّ الحركة العامة متجّهة صوب معالجة المشاكل الاقتصادية.

والآن فلنتجاوز عن الماضي ولنتطلّع إلى المستقبل. إنّ الذي أنظر إليه تجاه المستقبل كنقطة أساسية ذات أولوية هو عبارة عن الإنتاج الوطني والمحلي. فإن توصيتي وبغيتي ومطالبتي هي التأكيد على الإنتاج الداخلي الذي يمثل كلمة مفتاح. ونقول هذا ليعمد المسؤولون الكرام أولاً إلى الاهتمام به والتركيز عليه لكونه كلام يُطرح على أبناء الشعب الإيراني، وثانياً ليطالب الرأي العام به، ولتساق مطالبات الناس نحو هذا الاتجاه المنشود لدينا والذي تناولناه في هذا اليوم. ذلك أنني أشعر بأن اقتصاد البلد في الظرف الراهن يقوم على أساس الإنتاج القومي والمحلي، وهذه كلمة دليلية تتفرع منها فصول عدة. فلو تمكّنا من إنعاش الإنتاج المحلي، لتوافرت فرص العمل، ولارتفعت أو انخفضت مشكلة البطالة، فإن بطالة الشباب تعتبر واحدة من مآسي بلدنا في هذا اليوم، ونسبة البطالة عالية.

ولقد أحصيتُ هنا عشرة خصائص وفصول (تتفرّع من الإنتاج المحلي)، علماً بأن كل واحد منها يحتاج إلى بحث مطوّل، ولا مناص لي سوى الاكتفاء بفهرستها. فمن هذه الفصول فرص العمل.

ومن الفصول الأخرى المتشعبة من الإنتاج تفجّر مواهب الشباب وإبداعاتهم. فإنه حين ينتعش سوق الإنتاج ويزدهر، تتفجّر مواهب الشباب وتتجلى إبداعاتهم.

والثالث عدم استهلاك العملة الهامة - فإنّ عملة البلد تتسم بالأهمية -، وعدم إنفاقها في شراء البضائع الاستهلاكية.

واستثمار المدّخرات الراكدة لمن له أموال مدّخرة، فانتعاش الإنتاج في البلد، يؤدي إلى تفعيل المدخرات الراكدة وتوليد ثروة في البلد.

والطفرة في التصدير، فالإنتاج يؤول إلى طفرة في التصدير وكذلك إلى إيجاد ثروة في البلد.

ومن الثمار الأخرى الحدّ من التسابق في التفاخر بالماركات الأجنبية. فإن واحدة من بلايانا الاجتماعية والاخلاقية الكبرى في هذا اليوم هي التفاخر بالماركات الأجنبية، متباهين بأنّ هذا الثوب، وهذا الحذاء، وهذه الشنطة، وهذا المنتوج، من نتاجات الشركة الفلانية الأجنبية المعروفة، ونتفاخر به في وجه بعضنا الآخر، ويندلع سباقٌ في ذلك. بيد أنه يمكننا في الحقيقة الحدّ من هذه البلية والمعضلة الثقافية أو الحؤول دونها عبر ازدهار الإنتاج في البلد.

ومن فوائد الإنتاج زوال أو تقلّص المشاكل والآفات الاجتماعية، فإن البطالة تؤدي إلى الفساد، وإلى التأخير في الزواج، وإلى الإدمان على المخدرات، ولو ارتفعت البطالة تزول هذه الآفات أيضاً، والإنتاج بمقدوره أن يعدّ علاجاً لها.

وإيجاد النشاط الوطني، فإن الإنتاج بنفسه إذا انطلق في البلد، سيولّد نشاطاً عاماً وطنياً وهو بحد ذاته يعدّ عاملاً مهماً في تقدم البلاد.

وتوظيف طاقات المناجم في البلاد - ومما يؤسف له أننا متخلفين في هذا المضمار كثيراً - بحيث يكون بمقدورنا استثمار الموارد الإلهية التي وهبها الله لهذا الشعب.

هذه عدة عناوين وفصول، ولو فكرّتم في ذلك لأمكنكم العثور على فصول أخرى، وهي كلها من نتائج وآثار وثمار ازدهار الإنتاج في البلد.

نحن نتحدث عن الإنتاج الوطني والمحلي، ولكنه يحتاج إلى جملة من الإمكانيات، أفهل نمتلك هذه الإمكانيات أو يمكننا اكتسابها؟ جوابي: نعم. نحن نمتلك اليوم بعض هذه الإمكانيات بالفعل، وبوسعنا اكتساب بعضها الآخر. هذه الإمكانيات في الأساس هي: الطاقات الإنسانية، والمهارة، ورؤوس الأموال، وأدوات العمل الضرورية والمتطورة؛ هذه هي الأمور المطلوبة لأن يكون هناك إنتاج ناجح في البلد. وباعتقادي نحن نمتلك الآن في البلد بعض هذه الوسائل والإمكانيات، ويمكننا إيجاد بعضها الآخر، دون أن نتجشّم في ذلك عناءاً كبيراً.

أما الطاقات الإنسانية، فقد ذكرنا بأنّ 33 مليون نسمة من سكّان البلد هم في سنيّ العمل؛ أي تتراوح أعمارهم ما بين 15 و40 عاماً. علماً بأن عدد القادرين على العمل يفوق ذلك، حيث تُقدَّر أعمارهم ما بين 15 و65 سنة - والأخيرة تعتبر مثلاً فترة العجز والإعاقة - ويبلغ تعدادهم 55 مليون نسمة، بيد أنّ القوى العاملة التي تعد من الشباب القادرين على النزول إلى ساحة العمل، يقدّرون بـ 33 مليون نسمة على أقل التقادير. فإنّ لدينا عشرة ملايين خريج جامعي، ولدينا ما يقرب من خمسة ملايين طالب جامعي، وهم يمثلون ثروة للبلد. وقد أخبرنا من له اطلاع بالأمر أن بلدنا يدخل في عداد بلدان العالم الأولى - حتى المتطورة والكبيرة منها - من حيث عدد المهندسين الأخصائيين، وهذا يعني أن إمكانياتنا من حيث الطاقات الإنسانية كبيرة لهذه الدرجة.

وأما رؤوس الأموال، فهي تعدّ من الأمور الضرورية للإنتاج. وغالباً ما يقال بأننا لا نملك رؤوس الأموال الكافية لحثّ المنتج على الإنتاج، وأنا لا أوافق على ذلك. فإنه بالإضافة إلى الإمكانيات الشخصية المتوفرة لدى الأشخاص، استطاعت الحكومة إنشاء صندوق التنمية الوطنية. وأودّ هنا أن أبيّن المراد من هذا الصندوق: قبل بضعة أعوام أُدرج هذا الأمر ضمن السياسات العامة، وأُجبرت الحكومات على إدراج صندوق التنمية الوطنية في جدول برامجها. ولكن ما هو صندوق التنمية الوطنية؟ إنه يعني إخراج نسبة مئوية من عائدات نفط البلد - النفط الذي نقوم باستخراجه وبيعه دون إنتاج قيمة مضافة - سنوياً بغية الحدّ من تبعيّة البلد للنفط اقتصادياً. فارتأينا بادئ الأمر إيداع عشرين بالمئة، ومن ثم إضافة ثلاثة بالمئة عليها في كل عام، ولو كنّا قد أضفنا هذه النسبة إلى يومنا هذا، لكان من المفروض في هذا العام إيداع 36 بالمئة وادّخاره في صندوق التنمية الوطنية، وبهذا المقدار سوف يتخلّص البلد من التبعية للنفط. ومواصلة هذا المسير، سوف تؤدي في غضون عدة سنوات أخر، إلى فصل النفط عن اقتصاد البلد بالكامل، وهذا يشكّل للبلد فرصة كبرى وفوزاً عظيماً.

فإنّ واحدة من مآسي بلدنا وبعض البلدان الأخرى، هي تبعية اقتصادها للنفط، والنفط أيضاً لم يعد بيد البلدان المنتجة له، وإنما هو بيد الدول المستهلكة وبيد القوى العالمية، فإنهم هم الذين يسعّرون النفط، حيث يرفعونه تارة ويخفضونه أخرى، والمنتج للنفط في حقيقة أمره منفعل أمام القوى في هذا الخصوص. فلو استطاع بلدٌ فصل اقتصاده عن النفط، وكان النفط من ممتلكاته، سيحقق تقدّماً مضاعفاً بكل تأكيد. وقد تأسس صندوق التنمية الوطنية لهذه الغاية. علماً بأن المسؤولين الحكوميين في سنة 1394 هـ.ش، أشاروا إلى شحة عائدات النفط، وذلك بسبب قلة البيع وانخفاض السعر، ولذلك طالبوا وعبّروا عن ضرورة الاستفادة من صلاحيات القائد لئلا تضاف إلى الصندوق تلك العشرين بالمئة، وأن يأخذوا منه عشرين بالمئة لا أكثر، فوافقنا على ذلك وسمحنا للحكومة بأن تدّخر في الصندوق عشرين بالمئة فقط.

لقد تأسّس هذا الصندوق من أجل أن يدفع المال إلى القطاع الخاص - أي إلى المنتج الداخلي - ويمنحه القدرة على النهوض بعملية الإنتاج، وبهذا يتوافر رأس المال. فإن تمكين القطاع الخاص عبر صندوق التنمية الوطنية، يعد أمراً بالغ الضرورة. فلابد من النظر إلى هذا الصندوق كفرصة للبلاد، يمكن استثمارها في خدمة الإنتاج بل يجب أن تكون كذلك. ومعنى ذلك أن المنتج الداخلي بمستطاعه الانتفاع من هذا الصندوق عبر سياسات الحكومات وبرمجتها الصائبة. إذن، تلك هي طاقاتنا الإنسانية، وهذه هي رؤوس أموالنا.

وأما أدوات العمل، فالبعض يقول بأننا نفتقد للأدوات الحديثة والمتطورة، وأنا أقول: الشابّ الإيراني الذي يستطيع القيام بتخصيب اليورانيوم خلال مدة قصيرة وإيصاله من ثلاثة ونصف بالمئة إلى عشرين بالمئة - ولقد كان هذا عمل كبير جداً قد تم إنجازه في البلد، وسبق أن ذكرت في إحدى الخطابات العامة (6) بأن صعوبة عملية تخصيب اليورانيوم، تكمن في تخصيبه ما بين ثلاثة أو ثلاثة ونصف إلى عشرين بالمئة، فإن استطاع بلدٌ إيصال تخصيب اليورانيوم إلى عشرين بالمئة، ستتوافر له وبكل سهولة إيصاله إلى 99 بالمئة؛ فهنا تكمن المشكلة الأساسية، بيد أنّ علماءنا الشباب استطاعوا، في ظرفية مدة قصيرة نحن شهدناها، حلّ هذه العُقدة الصعبة، واجتياز هذا الطريق، وإيصال التخصيب من ثلاثة ونصف إلى عشرين بالمئة - فالشابّ الإيراني الذي يستطيع الانطلاق بهذه الحركة العظمى، أو الذي يتمكّن في تصنيع الصواريخ والطائرات، رغم وجود العقوبات الدولية البالغة الشدة، أن يقوم بما يؤدي إلى تصريح ذلك الضابط والمدير العسكري الصهيوني (7) بأني أعادي الإيرانيين، ولكن لا أستطيع صدّ نفسي عن الإشادة بهذا العمل، فقد حققوا إنجازاً كبيراً. فالشابّ الذي يستطيع تصنيع مثل هذه الصواريخ والطائرات والأسلحة العسكرية المتطورة، وإلقاء الرعب في قلب العدوّ، وإيصال تخصيب اليورانيوم من نسبة ثلاثة ونصف إلى عشرين بالمئة، ألا يتمكن نفس هذا الشابّ من تطوير صناعة السيارات وتسيير عجلتها أو أي شيء آخر؟ لماذا لا يستطيع ذلك؟ إنّ شبابنا قادرون، وإن طاقاتنا الإنسانية، والعقل المفكر والوقاد للشاب الإيراني العالم الموهوب، جاهز للنهوض بهذه الأمور، وإن بوسعنا إنجاز الكثير من هذه الأعمال. فلنفسح المجال للشباب، لأنهم قادرون على معالجة الكثير من مشاكلنا وحلّ عُقدنا الكبرى.

إنّ جامعاتنا متعطّشة للتعاون مع أجهزتنا الصناعية. فالتعاون بين الصناعة والجامعة كانت توصيتي منذ عدة سنوات، وقد تم العمل بها إلى حدّ ما، حيث نجد هنالك تعاون جيّد جداً في القطاعات العسكرية وفي بعض المفاصل الأخرى. فإن بإمكان جامعاتنا أن تمدّ يد العون والمساعدة، وهذا ما ينفع الجامعات، ويساعد على تقدم المسيرة العلمية، ويفيد صناعتنا كذلك. إذن لا توجد لدينا مشكلة في الإنتاج من حيث الإمكانيات، لأننا نمتلك طاقات إنسانية، وبوسعنا إعداد أدوات عملٍ متطورة، وبمقدورنا استثمار رؤوس الأموال عبر صندوق التنمية الوطنية وأمثاله وثروات الناس أنفسهم. وعلى هذا فالإنتاج يمكن تطبيقه، وإمكانيات الإنتاج متوافرة في البلد.

ولكن ثمة واجبات ووظائف تقع على عواتقنا جميعاً، بما فيهم أبناء الشعب قاطبة والمسؤولين في الحكومة وفي السلطة القضائية وفي السلطة التشريعية، لو عملوا بها، لانتعش الإنتاج. وسأتعرض لجملة من هذه الواجبات، وأقول لإنارة الرأي العام في هذه القضية: لا يوجد أمامنا طريق موصد، ولا عقبة تحول دون حركتنا وحثّ خطانا نحو الأمام، بل يمكننا المضيّ قُدماً، ولكن ينبغي لنا أن نثابر قليلاً. فإن إحدى الواجبات هي الإدارة الكفوءة الملتزمة المتدينة. فعلى كبار المسؤولين في البلد، أن يضعوا على القطاعات التي تمت إلى الإنتاج بصلة، مدراء يتسمون بالكفاءة والنشاط والحيوية والرغبة والاندفاع والقوة. هذه هي إحدى الواجبات التي تقع على عاتق السلطات العليا في البلد.

ومن الواجبات الأخرى إشراك الناس في عملية الإنتاج، وهذا أمرٌ لابد منه. فلقد أبلغنا قبل عدة سنوات سياسات المادة 44، وكل المراقبين في الشؤون الاقتصادية قالوا بأنها تعتبر ثورة في العمل السياسي، فليتابعوها وليعملوا على مشاركة الناس في هذا الأمر. فقد استطاعت الجمهورية الإسلامية في قضية الحرب والدفاع عن البلد والثغور - وهو عمل غالباً ما يقع على كاهل الحكومات والجيوش لا على عاتق الناس - ومن خلال إدارة صحيحة واختيار صائب، تعبئة الناس وإنزالهم إلى هذه الساحة والانتصار في المعركة. فإنه حين خاض الناس ميدان الدفاع عن الثغور - وهو عملٌ يرتبط بالحكومات والجيوش - تمكّنوا من التقدم إلى الأمام. وإن الكثير من شخصياتنا العسكرية الكبيرة شعبية تعبوية، حيث كانت تعبوية، وجاهدت وهي تعبوية، واستشهدت وهي تعبوية، والشأن الاقتصادي أولى بذلك، لأنه عملٌ شعبي، فلو أنزلنا الناس إلى الساحة الاقتصادية ومارسوا أدوارهم في مجال الاقتصاد والإنتاج، لتقدّمت الأمور في هذا الشأن لا محالة.. هذه هي إحدى الواجبات.

ومن الواجبات قضية التصدير التي ينبغي لرجال الحكومة أن يكونوا فاعلين فيها. فقد بلغني تقرير من المسؤولين الحكوميين يفيد للأسف بأن أساس صادرت بلدنا، بل أساس صفقاتنا التجارية من التصدير والاستيراد، تتم مع خمس أو ستّ دول، وهذا خطأ يقف على الضدّ من الاقتصاد المقاوم. حيث أكّدنا على هذا أيضاً في بنود الاقتصاد المقاوم، وجعلنا واحدة من سياساته تنمية الصادرات واتساع رقعة البلدان التي يتم التصدير إليها. وأما أن نكتفي ونحدّد أنفسنا بخمس أو ست دول، فهو غير صحيح. وهذا ما يتطلّب حركة المسؤولين سواء في السياسة الخارجية أو في سائر المفاصل.

ومنها الأمن في الاستثمار، وهو عملٌ يرتبط بالسلطة القضائية والقوات الأمنية، حيث ينبغي لهم أن يعملوا على صيانة الأمن في عملية الاستثمار.

ومن الواجبات الهامة استقرار السياسات وعدم تغيير القوانين بصورة مستمرة، وهذا يعود إلى مجلس الشورى الإسلامي. فعليهم أولاً حذف القرارات الزائدة والمعرقلة، وثانياً إيجاد الاستقرار في القوانين، فلا ينبغي في كل يوم سنّ قانون جديد.

إنّ قضية الأمن الاقتصادي والأمن في الاستثمار التي ذكرتها، قضية بالغة الأهمية. وقد قصّرنا في هذه المجالات أحياناً. فلنفترض في منطقة من مناطق البلاد، تنطلق عملية استثمار ويتصاعد الضجيج حيالها وتدخل الإذاعة والتفلزيون وتبثّ دعاياتها من أجل الترويج لها، ويقوم الناس بإنفاق كل ما لديهم من ذهب ودار ومال في هذا الطريق، ثم يتضح بعد ذلك أنها لم تكن سوى عملية تدليس! وهذا يعارض الأمن الاقتصادي. كما ويجب صيانة الأمن في الإنتاج. إذن فهذه جملة من الواجبات المؤكدة لعملية الإنتاج.

ومن الواجبات التي تقع على جانب كبير من الأهمية في قضية الإنتاج المحلي، هي شعور الناس بالمسؤولية. علماً بأني أصطفّ إلى جانب الناس، وأستعرض مطاليبهم ومطالباتهم، ولكن على أبناء شعبنا الأعزاء أن يعلموا بأنّ المهمة لا تقع على عاتق المسؤولين وحسب، بل تقع على كاهل الناس أيضاً. فإن تأكيدنا على الإنتاج الداخلي، يستتبع بالطبع توقّع الاستهلاك الداخلي كذلك. لماذا لا يولي الناس اهتماماً كبيراً بالمنتوجات المحلية؟ علماً بأن هناك بعض الأعمال التي تم إنجازها في الآونة الأخيرة والحمد لله، وهناك بعض المتاجر التي لا تعرض إلا المنتوجات المحلية. فليرجّح المستهلك الإيراني السِلَع الداخلية، ولا يلهث وراء الأسماء والماركات الأجنبية؛ هذه هي إحدى التوقّعات.

ومن التوقّعات الأخرى هي أن يفتّش شبابنا الأعزاء حقاً عن العمل، وأن يتجنّبوا التكاسل وانعدام المسؤولية. فإن من الأمور التي تقع حقاً على عاتق عامة الناس، هي الشعور بالمسؤولية، وهذا واجب في أعناقهم. وإنّ من الأمثلة على انعدام المسؤولية، هي ما يقوم به بعض المصدّرين في عددٍ من السلع والبضائع الخاصة للتصدير - وهذا ما وصلنا خبره - مما يدعو إلى تشاؤم الزبون الأجنبي تجاه منتوجاتنا المحلية، كأن يضعون - على سبيل الفرض - البرتقال الكبير والجيّد في أعلى الصندوق والبرتقال الصغير والرديء في أسفله. فلابد أن تمثل صادراتنا حسن الأداء وصحة العمل الإيراني، وإلا فهو انعدام للمسؤولية. إذ من الواضح أن إرسال البضائع الرديئة سيحطّم سوق التصدير.

إني أدعو كافة الموفّرين فرص العمل أن ينزلوا إلى ساحة الإنتاج والعمل وأن ينهضوا بمهامهم في هذا الشأن إن شاء الله.

ثمة قضيتان هامّتان في مجال الإنتاج: الأولى قضية الاستيراد، والثانية قضية التهريب. سبق وأن ذكرتُ ونبّهتُ على هذا الأمر واليوم أُعيده أيضاً بأنه يجب النظر إلى استيراد البضائع التي تُصنع مثيلاتها محلياً بالمقدار الكافي على أنه حرام شرعاً وقانوناً، فلا ينبغي استيراد ما يتم تصنيعه في الداخل. وأما أن نرى بضائعنا الاستهلاكية من الطعام إلى الملبس، إلى أدوات المنزل، إلى الشنط والأحذية النسائية، إلى أدوات المدرسة من الدفاتر والأقلام ونحوها، تُستورَد من الخارج، فهذا ما يبعث على الخجل! حيث يشعر الإنسان بالخجل أمام المنتج المحلي، وأمام من يصدّر البضائع إلينا من الخارج. فلا ينبغي لنا السماح باستمرارية هذا المسير بهذه الطريقة، مع الإمكانيات المتاحة في بلدنا، ولنقف أمام الاستيراد بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى. فإنّ بعض السلع الأساسية صالحة للتصنيع محلياً، ومع هذا تُستورد من الخارج، في حين يمكن إنتاجها في الداخل، ولو أننا نفتقدها ولا نصنّعها اليوم، ولكنها صالحة للإنتاج. قبل بضع سنوات سمعتُ بأن العلف يتم استيراده، فقلتُ وهل يُستورد العلف مع وجود كل هذه المراعي والمزارع وما شاكل؟! قالوا: يحتاج العلف إلى المادة الفلانية التي لا تُصنَّع في الداخل. فقلتُ لهم: إذن صنّعوها! وهي مادة زراعية - محددة وقد دوّنتها ولا أروم اليوم ذكر اسمها - يمكن تصنيعها في الداخل.. صنّعوها لئلا تُجبروا على استيراد العلف لأغنامكم من الخارج. إذن فالقضية الأولى هي قضية الاستيراد التي تتسم بأهمية بالغة.

والأخرى قضية تهريب السلع وهي قضية فائقة الأهمية. حيث يقال بأن الذي يُنفق في عملية التهريب يعادل 15 مليار دولار، وهذا هو الحدّ الأدنى من الأعداد التي تُذكر اليوم، ومع ذلك فهو عدد كبير جداً، وقد بلغت الأعداد المذكورة 20 و25 مليار أيضاً! وهي تسدّد ضربة لاقتصاد البلد، فلابد من التصدي للتهريب. والقائمون على مكافحة التهريب بالطبع، لا يلتبس عليهم الأمر! فإننا نطالبهم بمكافحة عصابات التهريب. وأنا أقول بأن البضائع المهرّبة حين تدخل إلى البلد من مداخله الرسمية، فإنّ ذلك الموظّف المتصدي لهذا الأمر لا يرتكب خيانة، غاية الأمر أن هنالك تقصير في المسألة. حيث وصلني تقرير يفيد بأن ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف حاوية تدخل إلى البلد يومياً من الميناء الفلاني، ولا يُفتَّش منها إلا 150 حاوية! لماذا؟ إن لم يتم تفتيش الباقي ودخلت البضائع إلى المخازن، فمن الواضح أنها ستحتوي على بضائع مهرّبة، وتدخل إلى البلد من مداخله الرسمية! وأما ما يدخل عبر الحدود غير الرسمية أو من المناطق الحرة فهو بحث آخر. فلابد من الحؤول دون ذلك، وهذا ما نحن قادرون عليه. ولقد ذكرتُ نفس هذه القضية لرئيس الجمهورية المحترم ونبّهته على أنّ البعض من أهل النظر والاطلاع قالوا: هنالك وسيلة تقوم بتفتيش هذه الحاوية وهي في حال العبور دون حاجة إلى إيقافها. فليقوموا بإعداد هذه الوسيلة، إما عبر شرائها إن تطلّب الأمر أو استيرادها أو تصنيعها. فإننا قادرون على الوقوف أمام التهريب. وهذه القضية هي الأخرى تتسم بالأهمية. هذا ما نعنيه من مكافحة التهريب، لا التصدي للقضايا الجزئية، كأن يذهبوا في سوق الرضا بمدينة مشهد إلى البائع الفلاني الذي يبيع خواتم من فضة قائلين له بأنك استوردت هذه البضاعة بالتهريب، أو أن يذهبوا على الحدود إلى العائلة الفلانية التي تمرّر معاشها من خلال بضائع قليلة تذهب بها من هذا الجانب إلى ذلك الجانب من الحدود؛ ليس هذا هو المقصود، وإنما هو التصدي لحركات التهريب الضخمة.

لقد فات الأوان وطال حديثنا، وهنا أُنهي الكلام في الجانب الاقتصادي. علماً بأن ما هو ضروريّ من الحديث في هذا المجال طويل، ولقد قلنا للمسؤولين ما ينبغي قوله وسنقوله بعد اليوم أيضاً إن شاء الله. وباعتقادي فإن نفس هذه المواضيع التي طرحت، يمكن توسيعها وتوضيحها وتفصيلها وتبيينها، وهذا ما يجب القيام به على من هم أهلٌ لذلك.

وأما قضية الانتخابات؛ أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! تعتبر الانتخابات في بلدنا مسألة كبيرة الأهمية، ولا يقتصر الأمر على الانتخابات الرئاسية، بل يشمل انتخابات المجلس وانتخابات البلديات أيضاً. لأن الانتخابات تمثل أحد ركني سيادة الشعب الدينية. فإن سيادة الشعب الدينية ترتكز على ركنين؛ أحدهما رأي الناس والانتخابات. ونحن بفضل الانتخابات نتباهى ونفتخر أمام العالم. وأما الأعداء فإنهم يتجاهلون الانتخابات ويرشقونها بالتهم قمعاً للشعب الإيراني وللجمهورية الإسلامية، وهذا ينبئ عن مدى أهمية الانتخابات. (8) فهي مدعاة للعزة الوطنية، وتقوية الشعب الإيراني، وصيانة سمعته وكرامته. علماً بأني سوف أتحدث ثانية بشأن الانتخابات إن شاء الله، ولكنّ الذي أروم قوله اليوم في هذا الجانب هو أن الانتخابات ظاهرة تمنح القوة والاقتدار. وقد انبهر الناس والمنظّرون في العالم بفكرة سيادة الشعب الدينية التي طرحت في الأوساط العالمية. ففي قبال المدارس المختلفة كالليبرالية والشيوعية والفاشية وما شاكلها، أنزل الإمام الخميني العظيم فكرة سيادة الشعب الدينية إلى الساحة، واستمال بها الشعوب والخواص في جميع بقاع العالم وأصقاعه. إن سيادة الشعب الدينية هذه تقوم على أساس الانتخابات، ومن هنا يجب على الشعب الإيراني أن يتألق في الانتخابات. إن ما أقوله وما يهمني أنا الحقير بالدرجة الأولى هو المشاركة الجماهيرية الواسعة والحاشدة لكل من يتيح له القانون الإدلاء بصوته.. هذه هي أولى وأهم مطاليبنا.

وأضيف في هذا الشأن أيضاً بأنه لابد في الانتخابات من تطبيق القانون بحذافيره، والنتيجة التي تخرج بها أصوات الشعب مهما كانت، هي المعتبرة والشرعية. وأنا شخصياً لا أتدخّل في الانتخابات، ولم أقل للناس ولا أقول لهم أبداً: انتخبوا فلاناً ولا تنتخبوا فلاناً. أنا لا أتدخّل إلا في موضع واحد وهو إذا أراد البعض الوقوف في وجه أصوات الشعب وانتخابه وتحطيم آراء الناس عبر خلق المتاعب والعراقيل. وكل من يحاول التلاعب بنتائج أصوات الناس، سأقف في وجهه، كما حصل في السنين الماضية وفي الدورات السابقة: سنة 1997، وسنة 2005، وسنة 2009، وسنة 2013، وكان البعض منها على مرأى من الشعب واطلع الناس عليها، والبعض الآخر لم يعلم الناس بها ولكني أنا الحقير اطلعت على مجريات أحداثها. ففي جميع السنوات التي أحصيتها، حاول البعض الوقوف أمام الانتخابات، وفي سنة 2009 ظهروا إلى العيان ونزلوا إلى الشوارع، وفي السنوات الأخر عملوا بطريقة أخرى. فوقفت في كل هذه السنوات، وقلت بضرورة تنفيذ أصوات الشعب مهما كانت. هذا هو الموضع الذي أتدخل فيه بشأن الانتخابات، وأقف في وجه كل من يخالف ويعارض الانتخابات، وأما في سائر المواضع فلا، بل لابد من تطبيق القانون بحذافيره، وعلى الناس أن يشخّصوا وينطلقوا بأنفسهم.

والذي أتوقّعه هو أنّ انتخاباتنا ستكون بتوفيق من الله حاشدة شاملة. راجين بإذن الله أن تكون نتائج صناديق الاقتراع - سواء في انتخابات البلديات أو الانتخابات الرئاسية - موضع رضا الله وسعادة الشعب الإيراني. وأنا أقول لكم: أقيموا الانتخابات بشكل جيد، فإنّ هذا سيؤدي إلى مجد الشعب وشموخه وتقدمه، والعدوّ بتوفيقٍ إلهيٍّ لا يستطيع ارتكاب أية حماقة.

إلهنا! اجعل ما قلناه وما سمعناه لوجهك وفي سبيلك وتقبّله منّا بكرمك.

إلهنا! احشر أرواح شهدائنا الطيبة وروح إمامنا الجليل الطاهرة مع الأرواح الزاكية لشهداء صدر الإسلام.

إلهنا! اجعل هذه الأرواح المطهّرة والمنوّرة راضية عنا.

إلهنا! امنن علينا برضا ولي العصر (أرواحنا فداه) واجعلنا من الجنود السائرين على خطاه.

إلهنا! اجعل عواقب أمورنا خيراً، واجعل الشهادة لي أنا الحقير ولكل راغب هي المحطة الأخيرة من حياتنا.

والسلام علیکم ورحمة الله وبركاته

 

الهوامش:

1- في بداية هذا اللقاء، تحدّث حجة الإسلام والمسلمين السيد إبراهيم رئيسي سادن الروضة الرضوية الشريفة، حول أهم إنجازات وبرامج العتبة الرضوية المقدّسة في إطار المهام السبعة التي حددها قائد الثورة الإسلامية المعظم.

2- رواق الإمام الخميني (رض).

3- الصحيفة السجّاديّة للإمام علي بن الحسين عليهما السلام، الدعاء السادس.

4- خطاب سماحة القائد خلال لقائه مسؤولي النظام الإسلامي (2016/5/14).

5- خطاب سماحة القائد في الحرم الرضوي الشريف بمدينة مشهد المقدسة (2014/3/21).

6- خطاب سماحة القائد خلال لقائه رؤوساء الجامعات ومراكز الأبحاث ومراكز رشد والواحات العلمية والتكنولوجية (2015/11/11).

7- يوزي رابين؛ المدير الأسبق لبرنامج العدوان الصاروخي للكيان الصهيوني.

8- سماحة القائد رداً على شعارات الحضّار "هيهات منّا الذلة" : إنتبهوا ! لو كانت هنالك ضرورة هنا لتقولوا هيهات؛ فقولوا هيهات لعدم الإنتخابات.