موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم في محفل الأنس بالقرآن الكريم في أول أيام شهر رمضان المبارك


بسم الله الرحمن الرحیم


والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا ونبینا أبي القاسم المصطفی محمد، وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین، سیّما بقیّة الله في الأرضین، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین.

لقد كانت جلسة في غاية الحلاوة والحسن والبركة والفائدة إن شاء الله.(1)

مبارك عليكم جميعاً حلول شهر رمضان وعلى الشريحة القرآنية قاطبة. لقد اقترنت بداية هذا الشهر المبارك - الذي يعد واحدة من أبرز سماته نزول القرآن والأنس به وتلاوته - اليوم بتلاوة آيات من الذكر الحكيم وقد استفدنا وانتفعنا حقاً

إنني أشكر الإخوة الذي بذلوا جهودهم وعقدوا هذه الجلسة ونظّموا هذا البرنامج، فقد كان جيداً جداً.

إن الورود القرآنية في جميع أرجاء هذه الحديقة الكبيرة المسماة بإيران بدأت تتفتح واحدة تلو الأخرى وتُبرز نفسها والحمد لله، وقد نثرت بذور القرآن المباركة في هذه الأرض، وهذه هي من إبداعات الثورة، ومن إبداعات النظام الإسلامي. ففي السنين الغابرة لم يكن الوضع على ما هو الآن عليه، وفي فترة طفولتنا وشبابنا كان القرآن مهجوراً في البلد بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى. نعم، كان هناك في أطراف البلد من يمارس تعلّم القرآن أو الأنس به بكل شوق وجد، بيد أن الأجواء العامة كانت غريبة (عن القرآن) كلياً، ولم يكن أثر لهذه المسائل. أما اليوم فقد تعرّفت أجواء البلد العامة على القرآن والحمد لله. ولكم أن تنظروا إلى الشباب والناشئين والأطفال على مختلف أعمارهم ومن شتى أنحاء البلاد، كيف يأنسون بالقرآن ويتلونه ويتدبرون فيه.

لقد حققت تلاوة القرآن في البلد تقدماً باهراً. ذلك أننا كنا نشهد منذ انتصار الثورة تلاوات قرّائنا الحسنة، ونرى حالات التقدم بشكل ملموس. سوى أن الطموحات التي كنا نحملها تجاه قرّاء القرآن بأن ينجزوا هذه الأعمال وينتهجوا هذا النهج في تلاوة القرآن والتدّبر في آياته وفهمها وإلقائها - هذه طموحات وآمال كنا نحملها على الدوام - أخذت تتحقق واحدة تلو الأخرى والحمد لله، حيث الأساتذة الجيدين والمقرئين الجيدين والشباب الجيدين والناشئين الجيدين، ولله الشكر على ذلك، إلا أن هذا هو أول الطريق. ذلك أننا اليوم نعاني من تخلف كبير جداً في مجال الأنس بالقرآن والانتهال منه، وهذه هي الخطوات الأولى التي يجب إنجازها. ولطالما قلتُ وأعيدها ثانية بأن هذه الجلسات والاجتماعات والتوصيات والبرامج كلها مقدمة لأن تتبدّل أجواء البلد وأذهان الناس العامة إلى أجواء قرآنية، فيأنس الذهن بالقرآن وبالمفاهيم القرآنية، وهذا هو المهم.

فلو تم الأنس بالقرآن، حينئذ ستتاح الفرصة لأصحاب الفكر من مختلف الطبقات والفئات، أن يتدبروا في المسائل القرآنية ويستفيدوا ويستنبطوا من القرآن ويفهموه ويجيبوا على الأسئلة المختلفة. والأسئلة هذه لا أعني بها الشبهات، وإنما أقصد بها الأسئلة التي تدور على مدار الحياة وطريقة العيش، فهناك الملايين من الأسئلة الماثلة أمامنا. فلو أنّ مجتمعاً وبحكومة معينة، يأخذ بمسيرة الحياة صوب مُثُلٍ ومبادئ ويتقدم إلى الأمام، ستواجه هذا المجتمع آلافاً مؤلفة من التساؤلات، في نوع التواصل، ونمط السلوك، وكيفية اتخاذ المواقف، وطريقة اتخاذ العدو والصديق، وأسلوب التعامل مع الأموال ومع الشؤون الدنيوية؛ هذه كلها أسئلة مطروحة، وتوجد أجوبة عليها جميعاً. والبشرية سلكت سبيل الضلالة والتعاسة لأنها لم تحصل على أجوبة صائبة لهذه الأسئلة.

فالتعاسة التي ألقت بظلالها على العالم المعاصر وعلى البشرية، تعود إلى أنها لم تتعرف على إجابات صحيحة لهذه الأسئلة ولم تتعلّم، وإنما تلقّت وانقدحت في ذهنها أجوبة خاطئة منحرفة مُضلة فطبّقتها، حتى وصلت إلى ما هي الآن عليه. فالدنيا أضحت بعيدة عن الأمن والصفاء والمعنوية والاستقرار الروحي، وقلوب أبناء البشر لا تعاطف فيما بينها.. هذه هي الأوضاع السائدة في العالم المعاصر برمته.

لقد خُلق الناس لإيجاد العلاقات، ولابد من ربط القلوب مع بعض، ومن التحابب والتعاون. وينبغي للناس أن يكونوا بمثابة الجسد الواحد في هذا العالم، فقد خُلقت البشرية ونظّمت على هذا الأساس، ولكن انظروا اليوم إلى كل مكان لتجدوا اندلاع نيران الحرب وانعدام الأمن واستشراء الخوف والضلالة وتنافر القلوب وتفسّخ العوائل والفوارق الطبقية الكبيرة، فجماعة متنعمة وأخرى محرومة، كل ذلك لأنه لم تتم الإجابة الصحيحة على أسئلة الحياة، بل وفُهمت بشكل خاطئ. فتولّدت هذه الأنظمة الاقتصادية والسياسية المنحرفة في العالم، وابتُلي البشر ومليارات الناس بهذه الأوضاع، حتى أولئك المتنعّمون والمتموّلون. فإن حديثنا عن الفوارق الطبقية لا يعني أن أولئك الذين يدخلون في عداد الواحد بالمئة من المجتمع الأمريكي على حدّ التعبير الشائع، يعيشون حياة مستقرة هنيئة؛ كلا، فإن حياتهم أيضاً تعجّ بحالات التعاسة والأزمات والمشاكل الروحية والنفسية، بل قد تفوق مشاكلهم الإنسان الفقير، وبالتالي فالكل يعاني من المشاكل والأزمات.

هذه هي حالة المجتمع الذي لا يعرف الطريق القويم، ولا يعرف الصراط المستقيم، ولا تربطه صلة بالله. والمجتمعات البشرية اليوم وللأسف قد منيت بمثل هذه الضلالة وهذا الانحراف. وهذا هو السبب الذي يقف وراء كل ما تكررونه وما أوصيتم بتكراره من قول: ﴿اِهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم﴾(2). فالصراط المستقيم هو ذلك الطريق المجرّد عن هذه الآفات والمشكلات.. هذا هو معنى الصراط المستقيم. وإنكم دوماً ما تسألون الله سبحانه وتعالى أن يهديكم إليه، وهذه الهداية موجودة في القرآن. فلو أنسنا بالقرآن وفهمناه بشكل صائب وتدبرنا في آياته، سنصل حينذاك إلى الإجابات الصحيحة على أسئلة الحياة، فلابد من متابعة هذا الأمر، وهو في غاية الأهمية.

أيها الشباب الأعزاء! كلما ازداد أنسكم بالقرآن أكثر، كلما تجلّت هذه الحقائق لكم أكثر، وكلما شربتم من هذا الشراب العذب، كلما ازداد تشوّقكم وتعطّشكم إليه.. هكذا هو القرآن.

إن المجتمع الإسلامي اليوم يعاني كسائر المجتمعات من أزمات ومشاكل. فانظروا ماذا يجري في العالم الإسلامي؟ لقد استحوذت في العالم الإسلامي جماعة حقيرة لا قيمة لها ولا أهلية على مقدرات بعض المجتمعات الإسلامية، كالدول التي تشاهدونها من السعودية وأمثالها، والسبب في جزء من ذلك يعود إلى الابتعاد عن القرآن وعدم الوقوف على الحقائق القرآنية، والجزء الآخر يعود إلى عدم الإيمان به. ففي الظاهر يؤمنون بالقرآن، وأحياناً يطبعون ملايين المصاحف ويوزّعونها هنا وهناك مجاناً، ولكنهم لا يؤمنون بفحوى القرآن ومعناه ومضمونه إطلاقاً .

فالقرآن يقول: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾(3)، ولكنهم أشداء على المؤمنين رحماء مع الكفار. فانظروا إلى أوضاعهم، كيف يأنسون مع الكفار ويودّونهم وينفقون عليهم من أموال شعوبهم، لأنهم لا يملكون مالاً، فلمن تعود هذه الأموال التي بحيازتهم وهذه الثروات الطائلة التي تكدّست في حساباتهم المصرفية ومن أين جاءت؟ إنهم لم يتوارثوها عن آبائهم، وإنما هي أموال النفط والمناجم الجوفية والثروات الوطنية، ولكن بدلاً من أن تُصرف في سبيل تحسين أوضاع الناس المعيشية، تُودَّع في حساباتهم لاستثمارها شخصياً وتقديمها إلى الكفار وإلى أعداء الناس. ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾(4)؛ يزعم هؤلاء الحمقى أن بإمكانهم استجداء محبة أعداء الإسلام عبر بذل الأموال وتقديم المساعدات، ولكن أنى ذلك فإنهم كالبقرة الحلوب كما وصفوهم، يحلبونها ثم يذبحونها إذا ما جفّ لبنها.

هذه هي الأوضاع السائدة في العالم الإسلامي، حيث يتصرفون معهم بطريقة، ومن جانب آخر يتصرفون مع شعب اليمن وشعب البحرين بطريقة أخرى، وهي ليست سوى ممارسات مناهضة للدين. علماً بأنهم يشقون طريقهم إلى الانهيار، فلا تنظرون إلى الظواهر، ولا يُخدعنّ أحد بها، فإنهم في طريقهم إلى السقوط والهلاك. ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾(5)؛ إنهم باطل والباطل لا محالة آيل إلى الزوال والسقوط والتعاسة والاندحار، وهذا مما لا يشوبه أدنى شك وريب. علماً بأنه قد يتقدم أو يتأخر زوالهم قليلاً، وهذا منوط بعمل المؤمنين والمجتمع المؤمن، فإن أصابوا في عملهم تحقق هذا الهدف أسرع، وإلا فسيتأخر قليلا، ولكنه حتمي الوقوع. فالجميع في طريقهم إلى السقوط، سواء هؤلاء أم الذين عقدوا آمالهم عليهم.

والمستقبل للإسلام وللقرآن ولكم أنتم الشباب المؤمن، فإنكم أنتم الشباب المؤمن من يتطلع للمستقبل. ولقد قرأوا هنا قوله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾(6)، ومن أعلم من الله بالمستقبل؟ وقد قال تعالى شأنه أن المستقبل للمؤمنين والصالحين والمجاهدين في سبيل الله، وهذا ما لا شك فيه، فهو وعد إلهي. وأما إذا تعرض أحدٌ للوساوس والشكوك ولم يُطمئن قلبه وعد الله، فالتجارب ينبغي أن تسوقه للسكينة والطمأنينة. ولقد قلتها مراراً وأؤمن بها من أعماق قلبي، بأننا لو لم نوعد بأي وعد، فإن الشعب الإيراني ومن خلال التجارب التي اكتسبها منذ ثلاثين أو أربعين عاماً، عليه أن يتيقن بأن المستقبل له والنصر حليفه.

نحن أناسٌ كانت قد تربّعت على كرسي الرئاسة في بلدنا حكومة، كان الأمريكيون يغازلونها كما يغازلون اليوم هؤلاء التعساء المتخلفين فكرياً وعقلياً، بل أكثر وأفضل بكثير، حيث كانوا يخاطبون حكومتنا الطاغوتية بصراحة قائلين: «إنكم تمثلون شرطي المنطقة في الخليج الفارسي». ولقد كانت عقولهم أكبر من عقول هؤلاء، وقدراتهم أكثر، واعتمادهم على هؤلاء الطواغيت أكبر، وعلاقاتهم وارتباطهم بهم أقوى، ولكن مع وجود مثل هذه الحكومة في رأس السلطة، استطاع الشعب الإيراني بقوة الإيمان والجهاد والتضحية أن يسقط هذه الحكومة رغم كل الدعم العالمي الذي كانت تتلقاه، وأن يحلّ محلها نظاماً لا تطيق القوى الاستكبارية رؤيته؛ ألا وهو نظام الجمهورية الإسلامية، وهذه تجربة، أفهل توجد أفضل من هذه التجربة؟

﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾(7)، إن اتسمتم بالإيمان فأنتم المتفوّقون. فانتهجوا في طريق الإيمان نهج القوة والصراحة والاستقامة. وإني أؤكّد على أبناء الشعب والمسؤولين أن يلتزموا الصراحة في ذكر المباني الإسلامية، فإن نفس الآيات التي قرأتها هذه المجموعة المجيدة للتلاوة: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾(8)، تدل على هذا المعنى، حيث قالوا بصراحة: ﴿كَفَرْنَا بِكُمْ﴾.

وهذا لا يتنافى مع ما يختلج في أذهان البعض وما يراودهم من هاجس أن على الدولة والحكومة أن يكون لها تواصلها مع العالم، فإني أؤيد هذا المنحى وعلى إيمان تام به، ولكن لا تنافي بين هذا وبين أن يصرّح المرء بمبانيه وأسسه والمضي قدماً نحو الأمام أيضاً، والنجاح في كافة مجالات الحياة المختلفة بما فيها العلاقات الدولية، وهذا ما يمكن تحقيقه. فليخوضوا الغمار ولينزلوا إلى الساحة وليتّكلوا على الله، وسوف يرون أن هذا أمر ممكن، فإن هذا ما أثبتته التجارب.

قبل أيام قلت للجماعة التي كانت حاضرة هنا(9)، بأن النبي إبراهيم على عظمته، يخاطب الله سبحانه وتعالى قائلاً: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ﴾، فيقول له الله: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ﴾ إني مؤمن بذلك؛ أي أقبل به وأصدّقه تماما وأعتقد به بكل وجودي، ﴿وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾(10) ولئلا يبقى اضطراب في ذهني وليستقر بالي. فأمره الله تعالى بأن يقوم ببعض الأعمال ليرى بعينه كيف يحيي الله الموتى. ولقد شاهدنا بأم أعيننا أنّ شعباً انتصر في الحرب المفروضة بيد عزلاء، وأنّ شعباً فتياً حديث عهد بالشؤون السياسية والدولية تغلّب على مؤامرات الأعداء، وأن شعباً تشكّلت أمامه جبهة مادية مقتدرة تطعن من الخلف وتشهر السيف من الأمام وتثير الضجيج وتعربد وتحوك المؤامرات ضده أربعين عاماً، إلا أن مؤامراتها تُحبط منذ أربعين سنة؛ ألسنا نشهد هذه الحقائق؟ هذه هي تجاربنا، فلنأخذها بنظر الاعتبار، ولنعلم بأن سبيل التقدم المتسم بالقوة والاقتدار والعزة والنجاح هو الارتباط بالقرآن.

فإن هذا الكتاب الإلهي العزيز هو أساس كل الخيرات، وها أنتم على معرفة وأنس به والحمد لله، فمنكم من يحفظه ومنكم من يتلوه ويقرأه ومنكم من يستمع إليه ومنكم من هو أستاذ فيه، وعلى هذا فالأساس هو القرآن.

عليكم أن تعملوا على مضاعفة الجلسات القرآنية، وازدياد تعليم القرآن وتعلّمه ما استطعتم، وإحياء معاني القرآن ومفاهيمه. وأقولها لقرائنا الأعزاء - ولحسن الحظ فإن بعض من تلا القرآن اليوم من السادة راعى هذا الجانب بشكل جيد جداً - عليكم أن تجسّدوا مفاهيم الآيات القرآنية في كيفية التلاوة. كما أن الخطيب البارع الحاذق حين يقرأ شعراً على سبيل المثال، يتفوه بالكلمات بطريقة تُجسّد مفهوم الشعر بأجمعه لدى المستمع - كمقدم البرنامج صاحب البيان البديع في هذا اليوم(11) - فإنه حين يجيد المرء الكلام وقراءة الشعر والحديث وإخراج الكلمات بالأسلوب المناسب، سينتقل إلى المستمع كل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى ومضمون وسيتلقاها المستمع..

هكذا ينبغي أن تكون تلاوة القرآن الكريم. فإن مضمون الكلمة بأسره، لابد وأن يُعرض على المستمع عبر ارتفاع القراءة وانخفاضها وأوجها وهبوطها وتغيير الصوت ونوع الأداء، وهذا بالطبع لمن يفهم معنى القرآن. ولذا لابد من تعلّم لغة القرآن، وعليكم أن تزيدوا من أنسكم بهذه اللغة ما استطعتم. فإن الكثير ممن يأنس بالقرآن لم يدرس العربية، ولكنهم حين يقرأون القرآن يفهمون معانيه. فكم قد شاهدنا من الذين لم يتعلموا العربية في صفوف وبرامج دراسية، ولكنهم لكثرة أنسهم بالقرآن وتكرارهم لتلاوة آياته، حين يفتحون القرآن ويقرأون آية منه يفهمون معناها. فالأنس الكثير يؤدي إلى فهم معانى الآيات، فلنضاعف من صلتنا وارتباطنا بالقرآن.

إلهنا! نقسم عليك بمحمد وآله محمد أن تزيد من ارتباطنا القلبي المتواصل بالقرآن يوماً بعد يوم، وأن تتفضّل علينا ببركات القرآن ونِعمه ورزقه، وألّا تجعلنا من الذين لا يتعلمون من القرآن سوى ألفاظه ويكتفون بذلك.

إلهنا! أتمم لطفك وفضلك على هذا البلد وهذا الشعب بإيصاله إلى مبادئه وانتصاره على أعدائه، واحشر الروح الطاهرة للإمام الخميني الجليل مع أوليائه، واحشر الأرواح الطيبة للشهداء الأبرار مع أوليائهم، وانصر كل طائفة من المؤمنين تواصل درب الكفاح والجهاد في سبيل الله بكل أنماطه، أينما كانت على أعدائها.

والسلام علیکم ورحمة ‌الله وبرکاته

 

الهوامش:

1- في بداية هذه الجلسة التي عقدت في أول أيام شهر رمضان المبارك تلا عدد من قرّاء القرآن الكريم آيات من الذكر الحكيم، وأنشد عدة فرق مجموعة من التواشيح الدينية.

2- سورة الفاتحة، آية 6.

3- سورة الفتح، جزء من الآية 29.

4- سورة مريم، آية 81 و82.

5- سورة الإسراء، جزء من الآية 81.

6- سورة النساء، جزء من الآية 122.

7- سورة آل عمران، آية 139.

8- سورة الممتحنة، جزء من الآية 4.

9- من خطاب سماحته أمام حشد من مختلف أبناء الشعب بمناسبة ذكرى تحرير مدينة خرمشهر (2017/5/24).

10- سورة البقرة، جزء من الآية 260.

11- السيد مجيد يراقبافان.