موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال استقباله رؤساء السلطات الثلاث وكبار مسؤولي البلاد:

كافة المسؤولين في إيران يسعون الى اتفاق جيد ومنصف يصون عزة البلاد ويضمن مصالحها/ كافة اشكال الحظر الاقتصادي والمالي والمصرفي سواء ما يتعلق بمجلس الأمن أو الكونغرس الامريكي أو الادارة الامريكية يجب أن تلغى فوراً عند توقيع الإتفاق.

استقبل سماحة آیة الله الخامنئي قائد الثورة الإسلامیة المعظم عصر الیوم (الثلاثاء 23/06/2015) رؤساء السلطات الثلاث وكبار مسؤولي الحکومة و مدراء وكوادر النظام، في لقائه السنوي بهم بمناسبة شهر رمضان المبارک، و أوضح في کلمته في هذا اللقاء الآثار الإیجابیة للاقتصاد المقاوم و التحدیات التي یواجهها و سبل تحقیقه، و أشار إلی نقاط حاسمة و بالغة الأهمیة في خصوص المفاوضات النوویة، و أعلن عن الخطوط الحمراء لإیران في الملف النووي و شرحها مؤکداً: الأمریکان یسعون لتدمیر الصناعة النوویة الإیرانیة، و في المقابل فإن کافة المسؤولین الإیرانیین یشددون علی الخطوط الحمراء و یسعون في الوقت نفسه لإبرام إتفاق جید، أي اتفاق منصف و عادل یحفظ العزة و یتطابق مع المصالح الإیرانیة.
و أکد قائد الثورة الإسلامیة علی أن نموذج الاقتصاد المقاوم قد طبق في بعض بلدان أخری و ظهرت تأثیراته الإیجابیة، و اعتبر المحور الرئیسي في الاقتصاد المقاوم التدفق الداخلی و النظرة إلی الداخل مضیفاً: هذا التدفق الداخلی لا یعنی المیل للعزلة بل یعني الاعتماد علی الإمکانیات و القدرات الذاتیة بالنظر في الوقت نفسه إلی الخارج. 
و تابع قائد الثورة الإسلامیة: قد یتصور البعض أن نموذج الاقتصاد المقاوم نموذج جید لکنه غیر ممکن التطبیق، لکنني أقول بکل تأکید أن تطبیق نموذج الاقتصاد المقاوم ممکن تماماً في الظروف الحالیة للبلاد و بالنظر للإمکانیات و الطاقات المتوافرة. 
بعد ذلک استعرض آیة الله الخامنئي الإمکانیات الکبیرة التي تتمتع بها البلاد و التي یمکن أن تکون أساساً لتطبیق سیاسات الاقتصاد المقاوم، و منها الطاقات الشبابیة و الإنسانیة الکفوءة الهائلة و المکانة الاقتصادیة لإیران في العالم (المرتبة العشرون) و احتیاطیات النفط والغاز الضخمة و الموقع الجغرافی و مجاورة 15 بلداً عدد سکانها 370 ملیون نسمة مضافاً إلی البنی التحتیة للبلاد في مجالات الطاقة و النقل و الاتصالات و محطات الطاقة و السدود، و التجارب الإداریة المتراکمة.
و أکد سماحة آية الله الخامنئي علی أن بعض المشکلات ناجمة عن تحدیات داخلیة قائلاً: التحدي الکبیر الذي تواجهه البلاد هو التساهل و التماهي في العمل و النظرة التبسیطیة السطحیة للأمور.
و في جانب آخر من کلمته أدلی سماحة قائد الثورة المعظم بنقاط بالغة الأهمیة حول الملف النووي الإیراني و ذکر ثلاث نقاط قبل الخوض في شرح بعض تفاصیل المفاوضات النوویة و الإعلان الصریح عن المطالب و الخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية الإیرانیة. 
النقطة الأولی؛ هي أن کل ما تقوله القیادة في الجلسات العامة هو بعینه ما تقوله في الجلسات الخاصة لرئیس الجمهوریة و سائر المسؤولین المعنیین.
النقطة الثانیة؛ هي التأکید علی أمانة و غیرة و شجاعة و تدیّن أعضاء الفریق الإیراني المفاوض. 
و کانت النقطة الثالثة موجهة لمنتقدي المفاوضات النوویة حیث قال: لا أعارض النقد بل أراه ضروریاً و مساعداً و لکن من الواقع أیضاً أن النقد أسهل من العمل لأن مشاهدة عیوب الطرف المقابل أسهل لکن استیعاب الصعوبات و حالات القلق التي یواجهها أمر صعب.
ثم عمد آیة الله الخامنئي إلی استعراض موجز لتاریخ المفاوضات مع الأمریکیین مما یساعد علی استیعاب سیاق المفاوضات أکثر.
و قال سماحته: قضیة التفاوض مع الأمریکیین تعود إلی الحکومة الإیرانیة السابقة و إلی إرسال واسطة إلی طهران لطلب التفاوض.
و أوضح قائد الثورة أکثر فقال: في ذلک الحین جاء أحد الشخصیات المحترمة في المنطقة للقائنا و قال بصراحة إن رئیس جمهوریة أمریکا ترجّاه بزیارة طهران و طرح طلب الأمریکان بالتفاوض مع إیران. و کان الأمریکان قد قالوا لهذا الوسیط إننا نروم إلی جانب الاعتراف بإیران کقوة نوویة معالجة الملف النووي و إلغاء الحظر خلال ستة أشهر. و قد قلنا لذلک الوسیط إننا لا نثق بالأمریکان و کلامهم، و لکن بإصرار الوسیط وافقنا علی اختبار هذه القضیة مرة أخری و هکذا بدأت المفاوضات. 
و لفت سماحة آية الله الخامنئي إلی نقطة مهمة في النزالات العالمیة قائلاً: في أیة مواجهة دبلوماسیة هناک ساحتان یجب الاهتمام بهما؛ الساحة الأصلیة هي ساحة الواقع و العمل و إنتاج الأرصدة، و الساحة الثانیة هي ساحة المدراء الدبلوماسیین و السیاسة و هي ساحة تبدیل الأرصدة إلی امتیازات و تأمین المصالح الوطنیة.
و أضاف سماحته: الید الخالیة لأي بلد في الساحة الأولی تقلل من قدرته علی العمل والمناورة في الساحة الثانیة و في ضوء هذا المنطق دخلت إیران ساحة المفاوضات بمکاسب و أرصدة مهمة و قویة منها قدرتها علی إنتاج الوقود النووي المخصب بنسبة 20 بالمائة. 
و أردف سماحته قائلاً: فضلاً عن الوقود المخصب بنسبة 20 بالمائة کانت لنا مکاسب واقعیة و میدانیة أخری و الواقع أن استراتیجیة إیران في الصمود بوجه الضغوط کانت مجدیة و توصَّل الأمریکان إلی نتیجة أن الحظر لا یفضي إلی نتائجهم المرجوة و ینبغي علیهم إتباع سلوک جديد وطریق آخر. 
و أشار سماحة آية الله الخامنئي إلی النظرة المرتابة لإیران بالطرف الأمریکي قائلاً: علی الرغم من ذلک کنا علی استعداد إذا بقی الأمریکان عند وعودهم و أقوالهم لذلک الوسیط الإقلیمي، بأن ندفع التکلفة، ففي المفاوضات یمکن علی أساس العقل والحسابات أن تکون هناک حالات تراجع، لکنهم بعد فترة وجیزة من المفاوضات بدأوا جشعهم و نکثهم للعهود. 
و أشار قائد الثورة الإسلامیة المعظم إلی أن الاتفاق الجید من وجهة نظر إیران یعني الاتفاق العادل و المنصف مردفاً: في سیاق المفاوضات غیَّرَ الأمریکان مدة الشهور الستة التي وعدوا بها لرفع الحظر إلی سنة، و بعد ذلک راحوا یمارسون جشعهم و طمعهم فأطالوا المفاوضات بل و هددوا بمزید من الحظر و تحدثوا عن النزعة العسکریة و الخیارات علی الطاولة و تحت الطاولة. 
و لخص سماحة آية الله الخامنئي سیاق المفاوضات مؤکداً: التأمل و الدراسة في سیاق مطالبات الأمریکان تدل علی أن هدفهم استئصال الصناعة النوویة الإیرانیة و القضاء علی الماهیة النوویة للبلاد و تبدیلها إلی کاریکاتیر و لوحة دون محتوی.
وأشار سماحته إلی الحاجة الحقیقیة و المؤکدة للبلاد إلی 20 ألف میغاواط من الکهرباء النووي مردفاً: إنهم إلی جانب سعیهم للقضاء علی الصناعة النوویة و حرمان الإیرانیین من المنافع العدیدة لهذه الصناعة، یهدفون إلی مواصلة الضغوط و الإبقاء علی الحظر بشکل من الأشکال.
ثم أشار قائد الثورة الإسلامیة المعظم إلی نقطة مهمة أخری في سیاق استعراضه لواقع الساحة المعقدة الخاصة بالمفاوضات مع الأمریکان، و هي حاجة الحکومة الأمریکیة إلی الاتفاق النووي.
و قال سماحته: إذا استطاعوا التوصل إلی أهدافهم في المفاوضات، فقد حققوا نصراً کبیراً لأنهم جعلوا شعب إیران الطالب للاستقلال یستسلم و یکونوا قد هزموا البلد الذي بوسعه أن یکون نموذجاً لسائرالبلدان، و کل نکثهم للعهود و مماطلاتهم من أجل تحقیق هذه الأهداف. 
و أکد قائد الثورة الإسلامیة علی المطالبات المنطقیة الإیرانیة منذ بدایة المفاوضات إلی الآن قائلاً: لقد قلنا منذ البدایة إننا نروم رفع الحظر الظالم و مستعدون في مقابل ذلک إلی إعطاء أشیاء شریطة أن لا تتوقف الصناعة النوویة الإیرانیة أو تتضرر.
و تابع سماحة قائد الثورة المعظم کلمته بالإشارة إلی الخطوط الحمراء النوویة الإیرانیة، قائلاً: إننا بخلاف الأمریکان لا نقبل القیود الطویلة لمدة 10 أو 12 عاماً، و قد ذکرنا لهم المدة التي نقبلها.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامیة مواصلة البحث و التنمیة و البناء حتی خلال فترة التقید، الخط الأحمر الثاني لإیران مضیفاً: إنهم یقولون لا تفعلوا أي شیء خلال مدة 12 عاماً، لکن هذا منطق قوة مضاعف و حماقة مضاعفة. 
و أکد سماحة آية الله الخامنئي في إیضاحه للخط الأحمر الثالث: الحظر الاقتصادي و المالي و المصرفي سواء المتعلق منه بمجلس الأمن الدولي أو الکونغرس الأمریکي أو الحکومة الأمریکیة، یجب أن یُلغی فوراً عند توقیع الاتفاق، کما یجب أن تُرفع حالات الحظر الأخری خلال فترات معقولة. 
وأضاف سماحته: یطرح الأمریکان بخصوص رفع الحظر معادلة معقدة و متعددة الطبقات و عجیبة غریبة لیس من المعلوم ما الذي ینتج عنها، لکننا نعلن عن مطالبنا بصراحة.
و تابع سماحته: إلغاء الحظر ینبغي أن لا یناط بتطبیق إیران لالتزاماتها، فلا یقولوا طبّقوا أنتم التزاماتکم ثم تشهد الوکالة الدولیة للطاقة النوویة بذلک حتی یُرفع الحظر، فنحن لا نوافق هذا الشیء علی الإطلاق. و أکد قائد الثورة الإسلامیة المعظم: تنفیذ إلغاء الحظر یجب أن یتناظر مع تنفیذ إیران لالتزاماتها. 
کما أکد آیة الله الخامنئي: إننا نعارض إیکال تنفیذ الطرف المقابل لالتزاماته بتقریر الوکالة الدولية للطاقة الذرية، لأن الوکالة أثبتت مراراً و تکراراً أنها غیر مستقلة و غیر عادلة لذا فنحن لا نثق بها.
و تابع یقول: یقولون ینبغي أن یحصل الاطمئنان لدی الوکالة. أي کلام غیر معقول هذا؟! و کیف یمکن للوکالة أن تطمئن إلا إذا فتَّشت أرض إیران شبراً شبراً. 
و أعلن قائد الثورة الإسلامیة عن أن حالات التفتیش غیر المألوفة و استجواب الشخصیات الإیرانیة و تفتیش المراکز العسکریة خط أحمر آخر. 
و أکد سماحة آية الله الخامنئي بصراحة: الجمیع في إیران بما في ذلک شخصي و الحکومة و مجلس الشوری الإسلامي و الجهاز القضائي و الأجهزة الأمنیة و العسکریة و کل المؤسسات، تروم اتفاقاً نوویاً جیداً یمتاز بالعزة و الإنصاف و یتطابق مع المصالح الإیرانیة.
وفي بداية كلمته أوصى قائد الثورة الإسلامية المعظم بضرورة الإفادة من بركات شهر رمضان المبارك لاسيما الإثراء من أدعية هذا الشهر و مضامينها السامية وقال: شهر رمضان المبارك، شهر الخشوع والإستغفار وشهر الإنابة والرجوع إلى الله وبناء الذات و سمو الأخلاق.
قبيل كلمة سماحة آية الله الخامنئي، ألقى حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية كلمة أشار خلالها إلى بدء عمل الحكومة الحادية عشرة قبل 22 شهراً، وأكد أن توجه الحكومة فيما يتعلق بالمواضيع الداخلية يقوم على الثقة الحسنة، التعامل السلمي، تقليل الفوارق والإبتعاد عن التطرف، وقال: توجه الحكومة في مجال السياسة الخارجية هو التعامل البنّاء مع العالم على أساس الخطوط الحمر " صيانة الإستقلال، العزة والكرامة الوطنية"، وفي المواضيع الثقافية، المناخ الأكثر إنفتاحاً لجميع المثقفين والفنانين مع الإلتزام بالخطوط الحمراء وهي الأخلاق وأحكام الشريعة الإسلامية.  
واعتبر الرئيس روحاني حل موضوع المفاوضات في إطار إحقاق الحقوق النووية وتوفير حاجات المجتمع والبلاد، من أولويات عمل الحكومة وأضاف: الأمر الذي جاء بالبلدان الكبرى إلى طاولة المفاوضات، كان مقاومة الشعب الإيراني أمام ضغوط الأعداء و فشل الحظر.    

700 /