موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم أمام حشود زوّار مرقد الإمام الرضا (ع) بمناسبة بداية العام الإيراني الجديد 1395 (هجري شمسي).

 بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا ونبینا أبي القاسم محمّد وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین الهداة المهدیین المعصومین، سیما بقیة الله في الأرضین.

اللّهم صلّ علی فاطمة بنت محمّد، اللّهم صلّ علی فاطمة بنت رسولك، وزوجة ولیك، الطهرة الطاهرة المطهرة التقیة النقیة الزکیة، سیدة نساء أهل الجنّة أجمعین.

اللّهم صلّ علی ولیك علي بن موسی‌ صلاةً دائمةً بدوام ملکك وسلطانك، اللّهم سلّم علی ولیك علي بن موسی‌ سلاماً دائماً بدوام مجدك وعظمتك وکبریائك.

 نشكر الله سبحانه وتعالى على أن منّ علينا ولمرة أخرى، بتوفيق اللقاء بكم يا أهالي مشهد الأعزاء ويا أيها الزوار الكرام الأحباء الذين شددتم الرحال من أطراف البلاد وأكنافها إلى هذه العتبة المقدسة.

وبادئ ذي بدء أبارك ثانية لجميع الإخوة والأخوات حلول السنة الجديدة. يمتاز هذا العام بميزة خاصة وهو أنه يقترن في بدايته بالمولد السعيد لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وفقاً للأشهر القمرية، وينتهي كذلك بهذه الولادة المكرّمة والمعزّزة. سائلين العليّ المتعال بيمن وجود فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)؛ سيدة الكونين، وسيدة نساء العالمين، أن يبارك هذا العام للشعب الإيراني وللمسلمين في العالم أجمع ولمحبي أهل البيت (ع)، وأن يجعل هذه الولادة العطرة مبعث نفع وبركة للجميع إن شاء الله. والنقص الوحيد الذي نتلمّسه هذا العام في هذه الزيارة وهذا الاجتماع، هو فقدان أخينا العزيز، سماحة الشيخ الطبسي [سادن الروضة الرضوية].. ذلك المجاهد المناضل، والخدوم المخلص لهذه العتبة المقدسة. فلقد كان وجوده مغتنماً، وكان يُعدّ في عداد السابقين في الثورة، وفقدانه لكل من يعرفه خسارة كبرى بكل ما في الكلمة من معنى.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل روحه الطاهرة مستظلة بظل ألطاف الإمام أبي الحسن الرضا (سلام الله عليه)، وأن يتغمّده برحمته ومغفرته. سأبدأ بحثي في هذا اليوم بشعار هذا العام [الاقتصاد المقاوم.. مبادرة وعمل]، وفي تتمة الحديث سوف أُدلي ببعض الإيضاحات لكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء الحاضرون في هذا المجلس، وكذلك لمن سيستمع حديثي فيما بعد.

وأودّ أن يكون البحث الذي نتداوله، بحثاً متقناً ومنطقياً، فالأبحاث الشعارية في هذا اليوم لا تحتل مكانة كبيرة في أذهان الناس، وإن شعبنا وشبابنا وأبناء مجتمعنا من أهل الفهم والإدراك، وينظرون إلى القضايا بعين المنطق والاستلال، ولذلك نرغب في أن يكون الحديث الذي نطرحه على أفكار شعبنا العزيز حديثاً قائماً على أساسٍ منطقي رصين.

إن السبب من اختيارنا شعاراً اقتصادياً لهذا العام أيضاً، يعود إلى تحليلٍ ونظرةٍ شاملة لقضايا البلاد. ولربما اختلج في أذهان البعض بأنّ شعار هذا العام يُفضَّل أن يكون شعاراً ثقافياً أو أخلاقياً، ولكن بالنظر إلى مجموع قضايا البلاد، ارتأينا أن يكون الشعار لهذا العام الذي لا بد وأن يتبدل إلى خطاب ويشيع في أوساط الشعب والرأي العام، شعاراً اقتصادياً كما حصل في السنوات الأخيرة الماضية. وإني سوف أطرح هذا التحليل، وأرغب في أن يتصدى شبابنا الأعزاء الذين يستمعون لهذا الحديث إلى التدبر والتفكر وإمعان النظر فيه.

لقد اقتضت السياسات الاستكبارية ولاسيما السياسات الأمريكية في هذه المرحلة الزمنية تزريق فكرة معينة في أوساط شعبنا، بدءاً من نخب المجتمع ووصولاً إلى الرأي العام شيئاً فشيئاً، وبالتالي حقن فكرة خاصة بين الرأي العام. وتلك السياسة التي ينشدونها هي الإيحاء إلى أن الشعب الإيراني يقف على مفترق طريقين، ولا مناص له سوى اختيار أحدهما.

وهذان الطريقان هما: إما أن يساوم أمريكا، أو أن يتحمل الضغوط الأمريكية المتواصلة والمشاكل الناجمة عنها، وعلى الشعب الإيراني انتخاب أحد هذين الطريقين.. هذا ما هم يريدونه. علماً بأن مساومة أمريكا ليست كمساومة أية دولة أخرى. لأن الإدارة الأمريكية تمتلك الثروة والأجهزة الإعلامية الوسيعة والأسلحة الخطيرة والإمكانيات الواسعة، والتساوم مع الإدارة الأمريكية لا يعني سوى الرضوخ لإملاءاتها. وهذه هي طبيعة الاتفاق مع أمريكا، وهي جارية في كل مكان. واتفاق سائر البلدان معها في أية قضية، يدل كذلك على تنازلها عن مواقفها لصالح الطرف الآخر، دون أن يتنازل الخصم لصالحها تنازلاً ملحوظاً. وعلى نفس هذا السياق سار الاتفاق النووي الأخير، رغم أنه حظي، إلى جانب الفريق المفاوض، بتأييدنا، فقد قال لي وزير الخارجية المحترم بأننا لم نتمكن من الحفاظ على هذا الموقع أو هذا الخط الأحمر. وهذا هو المفهوم من ذلك، فإن كان الطرف الذي يقف أمامنا دولة كالدولة الأمريكية التي تتمتع بوسائل الإعلام، والإمكانات، والأموال، والدبلوماسية النشيطة، والعوامل المختلفة في شتى بقاع العالم، والدول الخاضعة تحت سيطرتها والتي تفرض الضغوط عليها، فإن التساوم معها يعني الإعراض عن بعض الأمور التي يشدّد المرء عليها.

وهذا هو مفترق الطريقين الذي تهدف أمريكا وفق سياساتها إلى تزريقه في أذهان شعبنا، وهو مفترقٌ لا مفرّ ولا مناص منه:

إما أن نتراجع أمام أمريكا وطلباتها في كثير من المواطن، أو أن نتحمّل ضغوط أمريكا وتهديداتها والأضرار الناجمة عن مناهضتها.

فهم يسعون وراء تبديل هذا الأمر إلى خطاب يشيع بين النخب في المجتمع، ومن ثم يترشح بالتدريج في أوساط الناس والرأي العام. وأخذوا يروّجون لهذه الفكرة في داخل البلد وخارجه، ويشيعونها بأشكال متعددة وأساليب مختلفة عبر وسائل الإعلام العالمية العامة، ويوظّفون من يتمكّن من إشاعة هذه الفكرة في أوساط شعبنا. وكما ذكرنا فإن هناك في الداخل من هو مقتنعٌ بهذه الفكرة ويسعى لإقناع الآخرين بها أيضاً. التفتوا جيداً لأوضّح الموضوع، فسأنقل أولاً كلام الطرف المقابل، ثم أبيّن ما يقتضيه الحق والحقيقة.

يقول الطرف المقابل المتمثل بالجهاز الإعلامي الصانع للأفكار والتيارات بأن إيران تمتلك إمكانيات اقتصادية واسعة، والهدف من الاتفاق النووي أن تتمكّن إيران من استثمار هذه الإمكانيات، ولكن على الرغم من إبرام هذا الاتفاق، فهو لا يكفي بمفرده، وهناك قضايا أخرى لا بد للشعب الإيراني وللحكومة الإيرانية وللمسؤولين الإيرانيين أن يتخذوا القرار ويقطعوا خطوة عملية فيها، ففي منطقة غرب آسيا على سبيل المثال - وهي المنطقة التي يُطلق عليها الغربيون اسم الشرق الأوسط - صراعات واضطرابات كثيرة، وهذه مشكلة تعمّ المنطقة بأسرها، ولو أردتم إنقاذ بلادكم منها، عليكم أن تبذلوا جهودكم لإخمادها. ولكن ما الذي يجب علينا فعله؟ يجب أن نتعاون مع أمريكا ونشاطرها الرأي ونجتمع معها ونفاوضها ونختار نموذجاً ينسجم مع رغبة الأمريكيين أو يستند إلى الاتفاق المبرَم معهم؛ وهذه بدورها حالة أخرى.

أو أننا نعاني من مشاكل أخرى، ولنا مع أمريكا اختلافات كثيرة، فلا بد من حلّ هذه الاختلافات ومن القضاء عليها، وفي غضون ذلك، لو اضطر الشعب الإيراني مثلاً إلى غض الطرف عن أسسه ومبادئه وعن خطوطه الحمراء، فليفعل ذلك. فإن الطرف الآخر لا يتراجع عن أسسه وقِيَمه، ولكن يجب علينا التراجع لو تطلّب الأمر ذلك، في سبيل معالجة مشاكلنا، وبغية أن يتمكن البلد من استثمار طاقاته وإمكانياته، وأن يتبدّل مثلاً إلى قوة اقتصادية بارزة.. هذا هو كلامهم. ومن هنا فعلى الرغم من الاتفاق الذي أُبرم في الملف النووي، والذي أطلقنا عليه عنوان «برجام» (البرنامج الشامل للعمل المشترك)، لا بد من إبرام اتفاق آخر في قضايا المنطقة، وفي شأن دستور البلد؛ اتفاق ثانٍ وثالثٍ ورابعٍ وهلمّ جرّا ليتسنى لنا أن نعيش عيشاً رغيداً.

وهذا منطقٌ يحاولون إشاعته في أوساط النخب ونقله بواسطتهم إلى الرأي العام. ولكن ماذا يعني هذا الكلام؟ إنه يعني أن تُعرِض الجمهورية الإسلامية عن القضايا الأساسية التي التزمت بها بحكم الإسلام وفي إطار المضامين الرفيعة لنظام الجمهورية الإسلامية؛ أي أن تُعرض عن القضية الفلسطينة، وأن تُعرض عن دعم المقاومة في المنطقة، وأن تُعرض عن المساندة السياسية للمظلومين في المنطقة بما فيهم شعب فلسطين وأهالي غزة وشعب اليمن وشعب البحرين، وأن يقترب نظام الجمهورية الإسلامية عبر تعديل متطلباته، مما يهدف الطرف المقابل المتمثل بأمريكا إلى تحققه.

هذا الكلام يعني أن تعمل الجمهورية الإسلامية على غرار ما قامت به بعض بلدان وحكومات المنطقة اليوم، رغم حكم الإسلام ومطاليب شعوبها، بالتساوم مع الكيان الصهيوني والتغطية على القضية الفلسطينية أمام القضايا الأخرى. إنه يعني أن تقوم الجمهورية الإسلامية بعقد اتفاق سلامٍ مع العدو الصهيوني، كما مدّت بعض الحكومات العربية اليوم يد الصداقة له بكل وقاحة. علماً بأن الأمر لا ينتهي إلى هنا، والتحليل السياسي الذي يدّعيه العدو يعني أن تُعرض الجمهورية الإسلامية حتى عن آلياتها الدفاعية إذا ما شخصت الرغبة الأمريكية إلى ذلك.

ألا ترون الضجيج الذي أثاروه في العالم بشأن المنظومة الصاروخية، متسائلين: لماذا تمتلك الجمهورية الإسلامية صاروخاً؟ ولماذا يكون لها صواريخ بعيدة المدى؟ ولماذا تصيب صواريخ الجمهورية الإسلامية الأهداف بدقة؟ ولماذا يقومون بتجربتها؟ ولماذا يمارسون تدريبات عسكرية؟ ولماذا ولماذا ولماذا.. إن الأمريكيين بعد الحين والآخر، يبادرون في منطقة الخليج الفارسي التي تبعد عنهم آلاف الكيلومترات إلى إجراء مناورات مع إحدى دول المنطقة، رغم أنهم لا يمتلكون أية مسؤولية تجاه هذه المنطقة، وأما إذا عمدت الجمهورية الإسلامية في داخل بيتها وبيئتها وحريمها الأمني إلى إجراء مناورات، يتعالى ضجيجهم وصخبهم قائلين: لماذا تجرون مناورات؟ ولماذا تبادرون إلى ذلك؟ ولماذا تقوم قوتكم البحرية أو الجوية بهذه الممارسات؟ فالمراد من ذلك التحليل الذي يطرحه العدو، هو ضرورة أن نغض الطرف عن كل هذه الأمور.

بل القضية تفوق ذلك، فإنهم بالتدريج سوف يسوقون الموضوع إلى هذا التساؤل وهو أنه أساساً لماذا تم تأسيس فيلق القدس وقوات الحرس الثوري؟ ولماذا يجب أن تتطابق السياسات الداخلية للجمهورية الإسلامية مع الإسلام كما في الدستور؟ إلى هنا سوف تصل الأمور. فإنكم إذا تراجعتم أمام العدو في المواطن التي يمكنكم الصمود والثبات فيها - وسوف أتطرق إلى ذلك فيما بعد - سيتقدم العدو دون توقف، وسوف يسوق الأمور رويداً رويداً إلى أن قولكم بضرورة أن تقوم الحكومة في الجمهورية الإسلامية، ومجلس الشورى الإسلامي، والسلطة القضائية، على أساس أحكام الإسلام والشريعة الإسلامية، يتعارض مع الحرية ومرفوض في النظرة الليبرالية؛ إلى هنا سوف يصل الأمر شيئاً فشيئاً.

ولو تراجعنا، سيؤول التراجع إلى هذا التساؤل القائل: ما هو الدور الذي يؤديه مجلس صيانة الدستور في المجتمع؟ ولماذا يجب أن يقوم مجلس صيانة الدستور بحذف القوانين المتعارضة مع الشريعة؟ هذا هو الكلام، وهذا هو تغيير السيرة في الجمهورية الإسلامية الذي أشرتُ إليه مراراً. فقد تبقى صورة الجمهورية الإسلامية على حالها، ولكنها تتجرّد عن مضمونها بالكامل، وهذا ما يصبو إليه العدو. وبالاستناد إلى هذا التحليل الذي يطرحه العدو ويزرقه في أذهان النخب والرأي العام، لو أرادت الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني أن يتخلّصا من شرّ أمريكا، عليهم التغاضي عن مضمون الجمهورية الإسلامية، وغض الطرف عن الإسلام، والإعراض عن المفاهيم الإسلامية، والتخلي عن الأمن السائد في البلد.

ثمة أمورٌ مفقودة لم تؤخذ في هذا التحليل بنظر الاعتبار، وأنا سأشير إلى واحد منها، وهو أن الأمريكيين في هذا الاتفاق النووي الأخير الذي تم إبرامه مع دول 5+1، لم يلتزموا بتعهداتهم ولم يعملوا بواجباتهم. وعلى حدّ تعبير وزير الخارجية المحترم، كتبوا حبراً على ورق، ولكنهم حالوا دون تحقق مقاصد الجمهورية الإسلامية عبر شتى الطرق الانحرافية والملتوية. ولكم أن تلاحظوا اليوم في جميع أرجاء البلدان الغربية والدول المتأثرة بها، مازالت معاملاتنا المصرفية وإعادة أموالنا المجمَّدة في بنوكهم والمعاملات التجارية المختلفة التي تحتاج إلى التعامل في البنوك تعاني من مشاكل عدة، وعندما نتابع الأمر ونتحقق في المسألة ونتساءل عن القضية، يتبيّن لنا أنهم يخافون من أمريكا.

فإن الأمريكيين وعدوا بإزالة الحظر وكتبوا ذلك على الأوراق، ولكنهم يتشبثون بطرق أخرى للحؤول دون تحقق آثار إزالة العقوبات ونتائجها. ومن هنا فإن الذين يعقدون آمالهم على الجلوس مع أمريكا والتفاوض معها بشأن القضية الفلانية للتوصّل إلى اتفاق معين - بأن نتعهّد بشيء ويتعهد الطرف الآخر بشيء أيضاً - يغفلون عن أننا مجبَرون على العمل بكامل تعهداتنا، بيد أن الطرف الآخر، وبطرق مختلفة وأساليب متعددة، ومن خلال التحايل والتزوير، يتملّص منها ولا يفي بها.

وهذا هو الشيء الماثل أمام أعيننا في الظرف الراهن؛ وهو يمثل خسارة محضة. بيد أن المسألة تفوق هذا أيضاً. وأنا أرى من الضروري أن أطرح بعض النقاط على الشباب الأعزاء الذين لم يُدركوا نظام الطاغوت، ولم يشهدوا عهد الطاغوت، ولا يعرفون ما الذي حدث بعد انتصار الثورة الإسلامية في هذا البلد. لاحظوا أن بلدكم العزيز إيران يعتبر في هذه المنطقة التي نعيش فيها - وهي منطقة غرب آسيا - زهرة المنطقة، ويعدُ بلداً منقطع النظير من حيث المكانة والموقع الاستراتيجي بالتعبير المتداول، ويمتاز على المنطقة برمتها، ومن منظار آخر على العالم بأسره بما يملكه من احتياطي واسع للنفط والغاز ومن مصادر كثيرة أخرى. وهو بلدٌ مترامي الأطراف، بشعب موهوب ومستعد، وتأريخ غني عريق. ولهذا كان زهرة المنطقة، بيد أن هذه الزهرة كانت في فترة من الفترات رازحة بالكامل تحت وطأة الأمريكيين، يفعلون بهذا البلد وفيه ما يحلو لهم، فكانوا ينهبون خيراته ويسرقون ثرواته ويفعلون به كل ما تفعله دولة مستعمرة ومستكبرة بشأن دولة ضعيفة، وكانوا قد وضعوا هذا البلد في قبضتهم وبين مخالب قوتهم، فانبثقت الثورة الإسلامية وانتشلت هذا البلد من مخالبهم، فعشعش الحقد والبغضاء تجاه الثورة في قلب السياسة الأمريكية، ولا ينتهي عداؤهم إلا إذا استطاعوا استعادة تلك الهيمنة ثانية على هذا البلد..

هذا هو الهدف الذين ينشدونه. علماً بأنهم من السياسيين والدبلوماسيين، ويعرفون العمل السياسي، ويعلمون أن لكل هدف ومقصد طريق، وأن عليهم أن يتحركوا بالتدريج وأن يخوضوا الميدان من الطريق المؤدي إليه، وهم يمارسون هذه الخطة. والواجب علينا هو التحلي بالوعي واليقظة وتوخي الحيطة والحذر. إن الجمهورية الإسلامية لم تُنقِذ إيران من أيديهم وحسب، بل حثّت البلدان الأخرى على الاتسام بروح المقاومة والشجاعة التي أبدتها من نفسها - وسأشير فيما بعد إلى ذلك -. وتشاهدون اليوم في العديد من بلدان المنطقة وحتى خارج المنطقة يردّدون هتاف «الموت لأمريكا» ويحرقون العلم الأمريكي. وقد أثبت الشعب الإيراني أنه يستطيع الصمود والمقاومة - وهذا ما تعلّمته الشعوب الأخرى أيضاً - وأن زمام الأمور قد أفلت من يد أمريكا. فقد أعلن الأمريكيون أنهم يرومون تأسيس شرق أوسط كبير - حيث قالوا تارة شرق أوسط حديث وأخرى شرق أوسط كبير - والهدف من وراء ذلك أن يسلّطوا في منطقة غرب آسيا وفي قلب البلاد الإسلامية، الكيان الصهيوني اللقيط على كافة مقدرات هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية..

هذا ما كانوا يهدفون إليه. ولكم أن تلاحظوا اليوم بأن نفس أولئك الذين كانوا يرفعون شعار الشرق الأوسط الكبير، قد أعيتهم السُبُل في قضية سوريا، وفي قضية اليمن، وفي قضية العراق، وفي قضية فلسطين، ويعتبرون أن إيران والجمهورية الإسلامية هي السبب في كل هذه الإخفاقات. هذا هو دليل عدائهم للجمهورية الإسلامية، فإنهم لم يختلفوا معها على قضايا جزئية، وإنما اختلفوا على قضايا أساسية، وأخذوا يقطعون الخطى ويتجهون بهذا الاتجاه علّهم يتمكنون من استعادة هيمنتهم القديمة. إن شبابنا الأعزاء لم يشهدوا نظام الطاغوت، وأقولها لكم أيها الشباب الأحباء بأن البريطانيين أولاً، ثم تلاهم الأمريكيون قد أمسكوا بزمام شؤون البلاد على مدى نحو خمسين أو ستين عاماً - وهي فترة الحكومة البهلوية وقبلها بقليل - وفعلوا فيها ما بدى لهم، فأجلسوا مثلاً الحكومة البهلوية على سدة الحكم، حيث قلّدوا بادئ الأمر رضاخان هذا المنصب، ثم نحّوه عن الحكم لامتعاضهم منه لسببٍ ما، وأحلوا محمد رضا محله.

وهذا يعني أن في بلدٍ بهذه السعة والعظمة، وفي قبال هذا الشعب، يتصدى الأمريكيون أو البريطانيون لعزل رئيس هذا البلد وتنصيب أحدٍ مكانه بكل سهولة.. هكذا كانوا يتعاملون في إيران. ولكن كيف استطاعوا أن يفرضوا هذه الهيمنة؟ لقد قامت الحكومة البريطانية وأعقبتها في السنين أو العقود التالية الإدارة الأمريكية ببناء خنادق في هذا البلد واستثمارها، لاستدامة هيمنتهم عليه. فانتصرت الثورة وقامت على أيدي شبابها بتدمير هذه الخنادق وهدمها، وبناء خنادق مكانها لصيانة الثورة والجمهورية الإسلامية والمصالح الوطنية. وهم يبتغون ترميم تلك الخنادق التي تهدمت، وتهديم هذه الخنادق التي تأسست على يد الثورة والثوريين والشباب..

هذا ما يهدفون إليه. وسأُحصي لكم عدداً من هذه الخنادق. الخندق الأهم للأنظمة المستكبرة - وهي بريطانيا أولاً ثم أمريكا - في بلدنا كان عبارة عن النظام الطاغوتي العميل، حيث كان يمثل خندقاً لهم، وكانوا من خلاله يفعلون في هذا البلد ما يحلو لهم، من صنوف الممارسات الاقتصادية والثقافية والسياسية، ويقومون بأيّ تغيير، ويتخذون أي موقف، ويسوقون البلد والحكومة إلى حيث ما يشاؤون ويرغبون، ولهذا فقد كان النظام الطاغوتي هو الخندق الأهم لأمريكا وبريطانيا في هذا البلد..

هذا أحد الخنادق. فجاءت الثورة وحطّمت هذا الخندق وقضت عليه واقتلعت جذوره، واستأصلت شأفة الحكم الـمَلَكي في البلد، وأحلّت محلّ الحكومة الملَكية والفردية، حاكمية الشعب. ففي فترة كانوا يقولون بأن للبلد صاحب، وإن تساءلت قائلاً: من هو صاحب هذا البلد؟ لأجابوا: صاحب السموّ الملكي. وهذا ما كانوا يردّدونه على الألسن كراراً بأن الملك هو صاحب هذا البلد ومالكه؛ أي أن عنصراً فاسداً فاقداً للأهلية والجدارة عميلاً وخاوياً في الأغلب من الحمية الوطنية، هو الذي كان يملك مقدرات هذا البلد. فظهرت الجمهورية الإسلامية وأزالت هذا المالك الغاصب الكاذب، وسلّمت المملكة بيد أصحابها الرئيسيين وهم أبناء الشعب، حيث وفّرت لهم إمكانية الانتخاب والتواجد في الساحة والإرادة والإثبات والنفي؛ هذا هو الخندق الأول للعدو الذي حطّمته الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية. ولم يكن هذا هو الخندق الوحيد، بل كانت خنادق أخرى أيضاً تتمثل في العوامل النفسية والعينية، وسأذكر اثنين أو ثلاثة منها.

الأول هو الخوف.. خندق الخوف من القوى. فقد فعلوا في البلد ما من شأنه أن يكون الخوف هو الحاكم على كل القلوب، من قوة أمريكا في العقود الأخيرة كما ذكرنا، وقبلها الخوف من بريطانيا، حيث كانوا يعزون كل حدثٍ يحدث في البلد إلى الإنجليز، ومعنى ذلك أنهم يعتبرون الإنجليز قوة مطلقة. ولم يكن هذا الخوف مختصاً بالناس، بل كان زعماء النظام أيضاً يخشون أمريكا. فإن المذكرات التي كتبها أزلام النظام وانتشرت بعد الثورة، تدل على أن نفس محمدرضا والمقرّبين منه كانت تثور ثائرتم في بعض المواطن تجاه أمريكا لإذلالها لهم وعدم اكتراثها بهم، ولكنهم كانوا مضطرين ومجبرين على الانقياد، ومرغمين على الطاعة خوفاً منهم.

فاندلعت الثورة الإسلامية وهدمت خندق الخوف. ولا يمكنكم اليوم أن تجدوا في الجمهورية الإسلامية عنصراً واعياً عارفاً متكئاً على القيم الدينية يخشى أمريكا، فقد ضرب الشعب الخوف عرض الخائط، لا من أمريكا وحسب، بل من معسكر الاستكبار برمته. ففي فترة الحرب المفروضة التي طالت ثمانية أعوام - وشبابنا للأسف لم يُدركوا تلك الفترة الذهبية المشرقة - كانت أمريكا تدعم صدام، والناتو يدعم صدام، والاتحاد السوفيتي آنذاك يدعم صدام، والحكومات العربية الرجعية بكل عجزها وضعفها تدعم صدام، والكل كان يدعمه ويسانده، حيث تخندق الشرق والغرب في معسكر واحد لمناصرة صدام ومناهضة الجمهورية الإسلامية، بيد أنها بقيت صامدة دون أن تنثني، وتغلّبت وانتصرت بتوفيق من الله عليهم جميعاً؛ ذلك أنهم بعد ثمانية أعوام من الحرب لم يستطيعوا فصل شبر واحد من أرض إيران عنها.

وبهذه الطريقة بدّدوا حالة الخوف. أجل، لقد ذكرت بأن من كان اليوم صائناً لنفسه واعياً متكئاً على المبادئ الإسلامية لا يهاب أمريكا، ولكن قد يوجد اليوم من أصيب بهذا الخوف، إلا أن خوفه هذا لا يرتكز على ركيزة عقلائية، ولو كان خوف محمدرضا من أمريكا خوفاً عقلائياً، فإن خوف هؤلاء لا يستند إلى أساس عقلائي، لأن ذاك لم يكن يمتلك رصيداً شعبياً، والجمهورية الإسلامية اليوم تحظى بدعامة وسند كهذا الشعب الكبير.

ومن خنادق العدوّ الأخرى للسيطرة على بلادنا، هي تزريق فقدان الإيمان بالذات والاعتماد على النفس والثقة بالذات الوطنية، حيث كانوا يشاهدون بأعينهم بهرجة الدول الغربية وتطوراتها العلمية والتَقَنية وزخارفها الحضارية والمادية، ويفتقدون تلك الأمور في بلدهم، بسبب ما كان يعانيه من تخلف، ولهذا كانوا يشعرون بعدم الاعتماد على النفس وعدم الإيمان بها. ففي العهد البهلوي قال أحد أركان الحكومة بأن على الإيراني أن يقوم بصناعة إبريق من الطين وليس حتى إبريقاً من المعدن. فقد كانت شائعة في الأزمنة الغابرة صناعة الأباريق من الطين. وأضاف قائلاً بأن الإيراني لا يليق به سوى تصنيع هذا النوع من الأباريق، فما شأنه والاختراعات! هكذا كانوا يتكلمون في ذلك اليوم.

وقال أيضاً أحد الشخصيات البارزة في ذلك العصر بأن الإيراني لو أراد التقدم، عليه أن يكون غربياً أوروبياً من رأسه إلى أخمص قدميه، وأن يبدّل كل ما يرتبط به إلى ما يشابههم، علّه يتمكن من التقدم، وهذا يعني أنهم لم يكونوا على ثقة بأنفسهم. فانتصرت الثورة الإسلامية وأبدلت انعدام الثقة هذا بالمرة إلى الثقة بالذات والاعتماد على النفس الوطني، واليوم أصبح الشاب الإيراني يردّد قول: إننا قادرون. ففي كثير من مواطن وحالات التقدم العلمي - ما عدا الأمور التي أتيحت وحالات التقدم التي تحققت اليوم والحمد لله - كان شبّاننا في بعض الأوقات يطرحون من الأفكار الحديثة ما لا يتأتى للأجهزة المسؤولية تلبيتها، فالشاب الإيراني يثق بذاته. وعدم الثقة بالذات يؤدي إلى عدم التقدم، والثقة بالذات تؤول إلى شعار «نحن قادرون»، وتستتبعها القدرة، فيغدو البلد قادراً، والشعب قادراً، وهذا ما بتنا نشاهده في الوقت الراهن.

خمسون عاماً والجامعات موجودة في هذا البلد في عهد الطاغوت قبل الثورة، وكانت تضم هذه الجامعات عدداً من الأساتذة الملتزمين الجيدين، ومن طلاب الجامعات المستعدين - رغم أن تعدادهم أقل بكثير مما هم اليوم عليه نسبياً، ولكن على أيّ حال فقد كان أولئك من الشباب الإيرانيين المستعدين الموهوبين - بيد أن إيران لم تشهد طيلة تلك الأعوام الخمسين أي حركة علمية وأي ظاهرة علمية حديثة.. لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يصدّقون بأنهم قادرون، ولم يكونوا على ثقة بأنفسهم، وهذه حالة زرقوها في أذهان الشعب.

وبلادنا اليوم تشهد في كل يوم إبداعاً علمياً وتَقَنياً. وأعداؤنا حين يشاهدون هذه الإبداعات تثور ثائرتهم. فلقد استطاع بلدنا اليوم رغم وجود الحظر، أن يدخل في عداد بلدان العالم العشرة الأوائل في العديد من الفروع والعلوم المتطورة. والماثل حالياً أمام أعين الناس، هو الآليات العسكرية والأدوات الحربية التابعة للحرس الثوري وللجيش ولقطاعات أخرى، والتي هي على مرأى منكم. وهناك حالات أخرى من التقدم حققوها في مجال النانو وفي القضية النووية؛ كل هذا يعود إلى الإيمان بالذات.

فإن واحدة من خنادق العدو في إيران، هي فقدان إيمان الشعب بذاته، وإن واحدة من الخنادق الكبيرة التي تمخضت عن انتصار الشعب والشباب، هو الإيمان بالذات وروح «نحن قادرون». وهذا بدوره كان أحد خنادق العدو. ومن خنادق العدوّ الأخرى، فصل الدين عن السياسة. فقد أقنعوا الجميع بأن الدين لا ينبغي له التدخل في شؤون السياسة وبيئة الحياة والنظام الاجتماعي؛ هذا ما عملوا على إقناع الآخرين به. وفضلاً عن أولئك الذين لم تكن تربطهم بالدين صلة، فإن المتدينين وبعض علماء الدين حتى لم يكونوا يصدقون بأن الإسلام قادرٌ على التدخل في الشؤون السياسية، في حين أن ولادة الإسلام منذ البداية، قامت على أساس منحى سياسي. فإن الخطوة الأولى التي قطعها النبي الأكرم في المدينة، هي تشكيل الحكومة، بيد أنهم زجّوا هذه الفكرة في أذهان الناس، ووظّفوا هذا الخندق للعمل ضدّ النظام وضد البلد وضد الشعب. فجاءت الجمهورية الإسلامية وحطّمت هذا الخندق وقضت عليه.

ولذا نجد اليوم شبابنا وطلبتنا الجامعيين في جامعاتنا، فضلاً عن العلماء والحوزات العلمية وما شابه، يعملون ويبذلون مجهودهم في شؤون البلاد من منظارٍ إسلاميٍ وقرآني. هذا وإني أقصد من «العدو» حين أتحدث عنه، هو الإدارة الأمريكية دون مجاملة. علماً بأنهم يقولون إننا لسنا من أعدائكم بل من أصدقائكم. ويبعثون لشعبنا نداءاً بمناسبة حلول الربيع، ويبدون حرصهم على شبابنا، أو يمدّون مائدة «السبع سينات» في البيت الأبيض! وهذه ممارسات تصلح لخداع الأطفال، ولا يوجد من يصدّق بها. فمن جانب يحافظون على العقوبات، وتسلك وزارة الخزانة الأمريكية سُبُلاً خاصة بها - وهي تعترف بها - لئلا تجرأ الشركات والمكاتب والمصارف الكبيرة من الاقتراب والتعامل مع الجمهورية الإسلامية، فإنهم يمارسون هذه الأعمال من فرض العقوبات والتهديد التي تمثل عِداءاً سافراً، ومن جانب آخر يمدون مائدة السبع سينات في البيت الأبيض، أو يقولون في ندائهم بمناسبة حلول الربيع بأننا نعمل على توفير فرص عملٍ للشباب الإيرانيين! ولهذا لا يصدّقهم أحد. فإنهم مازالوا لا يعرفون شعبنا، ولا يدركون الشعب الإيراني.. إنه شعبٌ فهيمٌ واعٍ يعرف أعداءه ويقف على أساليب عِدائهم..

نعم، لا توجد لدينا مشكلة مع الشعب الأمريكي، كما هو حال كل الشعوب الأخرى، وإنما نواجه السياسات والساسة، فإنهم هم الذين يمثلون العدو. ولأُخلّص الموضوع لئلا يضيع أساس البحث الذي كنا نروم طرحه. ثمة حقائق موجودة: منها توفّر بلدنا على إمكانيات واسعة وطاقات كبيرة، بما في ذلك المصادر الطبيعية، والطاقات الإنسانية، والفرص الدولية. وقد وفّرت هذه الطاقات لبلدنا اليوم إمكانية التقدم الفائق.. هذه حقيقة. وتبدلّت الجمهورية الإسلامية في الوقت الراهن إلى قوة مؤثرة على صعيد المنطقة، وفي بعض المواطن على صعيد العالم.. هذه حقيقة موجودة، فلنعرف قدر وقيمة وأهمية أنفسنا، ولنُدرك عظمة هذا الشعب. والحقيقة الثانية هي أن أمريكا، ولأسباب واضحة تعادينا، ونقصد بذلك كما ذكرنا، الساسة الأمريكيين والسياسات الأمريكية. ففي قضية الاتفاق النووي نكثوا العهود وهدّدونا بفرض عقوبات أخرى. وكما ذكرت فإن وزير الخزانة الأمريكية راح يبذل مساعيه الدؤوبة للحيلولة دون انتفاع الجمهورية الإسلامية من نتائج الاتفاق النووي.

وهذا هو العِداء بعينه. فإنهم يهدّدون على الدوام بفرض المزيد من العقوبات. وبعد عدة أشهر - سبعة أو ثمانية أشهر - ستجرى الانتخابات الرئاسية في أمريكا، والحكومة الأمريكية الحالية تتبدّل بعد تسعة أشهر، ولا توجد أية ضمانة تفيد بأن الحكومة القادمة ستلتزم بهذه التعهدات القليلة التي وقّعت عليها الحكومة الحالية. والمرشحون لرئاسة الجمهورية في أمريكا أخذوا اليوم يتسابقون خلال خطاباتهم الانتخابية في الإساءة إلى إيران، وهذا هو العِداء، وهو عداء سافر. ومع ذلك، حينما نقول بأن أمريكا هي العدو، يستاء البعض قائلين لماذا تصفونها بالعدو؟ ولكنه عدو، وممارساته عدائية.. وهذه أيضاً حقيقة. [هنا تعالت الهتافات مرددة: يا حكومة التدبير والأمل! البصيرة.. البصيرة..]، التفتوا ولا تغفلوا عن قولنا بضرورة أن يسود التعاطف والانسجام بين الشعب والحكومة، ولا ينبغي أن يقلع هذا الأمر عن أذهانكم. وعلى الجميع أن يبذلوا جهودهم لمساعدة الحكومة، وأن يُرشدوها إن كانوا يحملون بعض الإرشادات، وبالتالي عليهم أن يمدّوا يد العون والمساعدة للحكومة.

 والحقيقة الثالثة هي أن أدوات عِداء هذا العدو المقتدر في ظاهره محدودة، وله عدة أدوات رئيسية وفاعلة: الأولى الإعلام المتمثل في رهاب إيران، والثانية النفوذ، والثالثة الحظر. فيما يتعلق بالنفوذ تحدثتُ كراراً خلال الأشهر المنصرمة، ولا أكرر الحديث في ذلك، وفي شأن الإعلام أيضاً ثمة بحث طويل. والآن أودّ أن أتحدث حول الحظر. إن الحظر يمثل أحد أدوات العدوّ الثلاث المؤثرة. فقد شعر أن الحظر يلحق الضرر ببلدنا وشعبنا، ومما يؤسف له أننا بأنفسنا عزّزنا هذا الانطباع لديه. ففي بعض المواطن وفي برهة من الزمن عمدنا إلى تهويل الحظر بشكل متواصل، وبتنا نكرر هذه القضية بأن العدو قد فرض الحظر علينا ولا بد من إزالته، ولو بقي الحظر لألحق بنا هذه الأضرار وأمثال ذلك، ومن جانب آخر، أخذنا نركّز أيضاً على إزالة الحظر ونهوّلها ونضخّمها بأن العقوبات إذا ما لم تتم إزالتها لحدث ما حدث، في حين لم يحدث شيئاً، بل ولن يحدث لو واصلنا هذا الطريق.

لكنّ العدوّ شعر بأنه يستطيع عبر أداة الحظر أن يفرض الضغوط على الشعب الإيراني؛ هذا ما شعر به العدو. إذن فإن القضية الرئيسة التي تواجهنا في الوقت الراهن هي الحظر. ولكن ما الذي يجب علينا فعله في سبيل مواجهة الحظر؟ ذكرتُ في مستهل الحديث بأن العدو يدلنا على مفترق طريقين قائلاً: إما أن تستسلموا لأمريكا وتمتثلوا لأوامرها بالكامل، أو أن نواصل طريق الضغط والحظر، وقلنا بأن هذا المفترق باطل وكاذب، ولكن هناك مفترق آخر: إما أن نتحمل المشاكل الناجمة عن الحظر، أو أن نصمد عبر الاقتصاد المقاوم. ]تصاعدت هنا هتافات: يا قائد الأحرار.. نحن مستعدون.. نحن مستعدون[، هذا الاستعداد الذي تُبدونه جيد جداً، ولكن لا يكفي مجرد الاستعداد لتحقيق الاقتصاد المقاوم، ولذلك قلنا «مبادرة وعمل». علماً بأن الحكومة المحترمة قد أنجزت بعض الأعمال في هذا المجال، حيث أوصيناهم بتشكيل مقرٍّ لقيادة سياسات الاقتصاد المقاوم، فنفّذوا هذا الأمر، وعيّنوا النائب الأول لرئيس الجمهورية المحترم قائداً على هذا المقر، وأنجزوا بعض الأعمال، ورفعوا لي تقريرها، وأنا بدوري أشرت إلى ذلك لشعبنا العزيز في النداء الذي قدّمته بداية هذا العام، بيد أنها أعمالٌ تمهيدية.

فقد جاء في التقرير أن الأمور التي تم إنجازها تسببت في إيجابية الميزان التجاري، ومعنى ذلك زيادة صادراتنا غير النفطية على وارداتنا، وهذا خبرٌ جيّد جداً، أو أدت على سبيل المثال إلى الحدّ من السِلع المستوردة في هذا العام على ما كانت عليه في العام الماضي، وهذه أخبار جيدة، غير أنها لا تكفي ولا يتم إنجاز العمل بها، بل يتحتم القيام بأعمال أساسية. ولقد أحصيتُ هنا بعض المهام التي ينبغي النهوض بها في مجال «المبادرة والعمل».

المهمة الأولى هي ضرورة أن يقوم المسؤولون المحترمون في الحكومة بتشخيص الأنشطة والشبكات الاقتصادية المميّزة في البلد والتركيز عليها، فإن بعض الأنشطة الاقتصادية لها أولويتها وأهميتها، وهي كالأم التي تتفرع منها أبواب اقتصادية وإنتاجية متعددة، فلا بد لهم من التركيز عليها وتشخيصها وتحديد خارطة الطريق وتعيين وظائف الجميع.

والمهمة الثانية التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار فيما يخص «المبادرة والعمل» التي طرحناها، هي إحياء الإنتاج المحلي. حيث تفيد التقارير بأن نحو ستين بالمئة من طاقاتنا الإنتاجية معطّلة، فالبعض منها تعمل بأقل من قدراتها، والبعض الآخر لا تعمل أساساً، فلا بد لنا من إحياء الإنتاج. ولهذا الأمر سبيله المعروف لدى الكثير من علماء الاقتصاد الملتزمين. ولطالما ذكرتُ للمسؤولين الحكوميين بأن يقوموا بدعوة المنتقدين والاستماع إلى كلامهم، فأحياناً ما يقدّمون مقترحاتٍ جيدة يمكن من خلالها إحياء الإنتاج وتفعيله في البلاد.

والمهمة الثالثة هي أن لنا بالتالي تجارتنا الخارجية ولنا وارداتنا، وثمة أمور نحتاج إلى استيرادها من الخارج، ونضطر لشرائها، ولا إشكال في ذلك، ولكن لنلتفت إلى أن البضائع التي نشتريها لا تؤول إلى إضعاف قوة إنتاجنا المحلي. فلنفترض بأننا نريد استيراد أو شراء طائرة مثلاً، ولكن يُقال لنا - وهذا ما يقوله المسؤولون الحكوميون بأنفسهم - أننا لو استثمرنا هذه النسبة من الثمن في صناعة الطائرات المحلية، لاستفدنا أكثر مما لو كنا قد اشترينا من الخارج ولتنامى إنتاجنا المحلي أيضاً. فمن الخطأ أن نستورد كل شيء من الخارج، دون أن ننظر إلى الضرر الذي سيُحلقه هذا الشراء وهذا الاستيراد بالإنتاج المحلي. إذن لا بد أن نقوم في شرائنا بما لا يؤدي إلى إضعاف الإنتاج الداخلي.

والمهمة الرابعة هي أن لنا أموالٌ في خارج البلاد، فإن عائدات النفط المباع لم يتم تسليمها لنا. وتقرر في الاتفاق النووي استعادة هذه الأموال - علماً بأن أكثرها واجهت مشكلة ولم تتم استعادتها، ويشاهد المرء التدخل الأمريكي خلف هذه القضية، وهناك بالطبع دوافع أخرى أيضاً، إلا أنّ خُبث بعض الأجهزة الأمريكية أدى إلا أن لا تعود هذه الأموال، ولكنها سوف تعود في نهاية المطاف - فإن عادت هذه الأموال المجمّدة في الخارج، والتي يبلغ مقدارها عشرات المليارات، لا ينبغي إنفاقها في المصارف التي تؤدي إلى إهدارها. فإن هذه أموال ستدخل إلى البلاد، والبلد في الدرجة الأولى بحاجة إلى الإنتاج، فليحذروا من إهدار هذه الأموال التي تتم استعادتها، ومن إتلافها، وإنفاقها في شراء البضائع التي لا جدوى منها، وبذلها في أمور لا طائل من ورائها، وصرفها في مواطن البذخ  والإسراف، وهذا يعني إدارة المصادر المالية التي تدخل إلى البلاد من المصارف والمراكز الأجنبية.

والمهمة الخامسة هي أن هناك قطاعات مهمة في الشأن الاقتصادي، كقطاع النفط والغاز أو قطاع إنتاج المحركات للسيارات والطائرات والقطارات والسفن، فلا بد من تبديل هذه القطاعات الحساسة والهامة إلى قطاعات مبنية على المعرفة.

وهذا هو ما نعبّر عنه بالاقتصاد المبني على المعرفة. فقد أثبت شبابنا وعلماؤنا بأنهم قادرون على الإبداع، وقادرون على رفع المستوى التَقَني. أفهل يعتبر هذا إنجازاً صغيراً بأن ينظموا صاروخاً بعيد المدى بطريقة تمكّنه من إصابة هدفٍ على بعد 2000 كليومتر بخطأ لا يتجاوز مترين أو خمسة أمتار؟ فإن العقلية التي تستطيع النهوض بهذا العمل، قادرة على أن توظّفها في مواطن أخرى، كأن تقوم على سبيل المثال بتطوير محرك السيارة للحدّ من استهلاكه للوقود، أو أن تغيّر محرك القطار بطريقة معينة.

ففي الوقت الراهن توجد في بلادنا مكاتب اقتصادية وإنتاجية تفوق إنجازاتها وإنتاجاتها أو تضاهي المشابه الأجنبي، هذا ما هو موجود حالياً، فلا بد من تعزيز هذه المكاتب وتقويتها. إذن فإن تبديل القطاعات الاقتصادية الداخلية المهمة إلى قطاعات مبنية على المعرفة، يعتبر من المهام التي تُشتَرط في تحقيق الاقتصاد المقاوم والتي يجب القيام بها.

والمهمة السادسة هي الاستفادة والانتفاع من بعض القطاعات التي سبق وأن تم الاستثمار فيها. فقد كان لنا استثمار جيّد في مجال بناء محطات الطاقة والبتروكيمياويات. والبلد اليوم بحاجة إلى محطة الطاقة، كما وأن البلدان الأخرى أيضاً تحتاج إلى محطات طاقةٍ رخيصة الثمن نحن نصنعها.

فلا ينبغي لنا أن نستورد محطة طاقة من الخارج، أو أن نأتي من الخارج بأشخاص لبناء محطات الطاقة. ولا بد من إحياء القطاعات التي تم الاستثمار فيها وبُذلت المساعي والجهود في سبيلها، والانتفاع منها.

والمهمة السابعة هي أن نشترط نقل التكنولوجيا في جميع المعاملات الأجنبية التي نقوم بها. علماً بأن إخواننا في الحكومة ذكروا لنا أنهم قاموا ويقومون بهذا الأمر، ولكنني أكرر هذه القضية وأؤكد عليها لئلا يتم التغافل عنها. وعلى سبيل المثال لو أرادوا شراء وسيلة أو منتوج جديد، لا ينبغي لهم شراء ما تم إنتاجه بالكامل، بل عليهم إعداد ذلك الشيء بتقنيته المختصة به وإنتاجه من خلال هذه التقنية في داخل البلد. فليأكدوا في إبرام العقود والاتفاقيات على هذا الأمر بشدة.

والمهمة الثامنة هي المكافحة الجادة للفساد والاستئثار والتهريب، فإنها تلحق الضرر باقتصاد البلد ويصل ضررها إلى الناس. فلو تساهلنا مع تلك المجموعة التي تستأثر وتستحوذ على الثروات عبر التزوير والتلاعب في القضايا الاقتصادية وتخصص لنفسها مزايا خاصة، أو تلك التي توغلّت في فساد مالي واقتصادي، سيؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالبلاد لا محالة، فلا ينبغي التساهل في هذه المسائل.

علماً بأن هناك أقوال جميلة وجيدة تُطرح في مقام البيان وفي الصحف وفي خضم الضجيج والصخب وبالخصوص ما يُطرح منها بالاستناد إلى التوجهات السياسية، ولكن لا طائل من وراء هذه الأقوال. فلو اعتقلوا مجرماً اقتصادياً على سبيل الفرض، لا فائدة من أن تقوم الصحف بالحديث عنه ونشر صوره وتفاصيل أعماله وما إلى ذلك لأغراض فئوية وسياسية، فكثير من الكلام لا يضاهي قليلاً من العمل. إذن لا بد من مكافحة الفساد الذي قد يحصل اليوم والوقوف أمامه، كما ويجب الحؤول دون التهريب ومكافحته بكل ما في الكلمة من معنى.

والمهمة الأخرى[التاسعة] هي ترشيد استهلاك الطاقة. ولقد ذكرتُ في هذا المكان قبل عدة أعوام في أحد خطاباتي بداية السنة، بأن هناك ادّعاء وقولٌ يشير إلى أننا لو استطعنا تنمية ظاهرة الاستغلال الأمثل للطاقة وترشيد استهلاكها، لأدى ذلك إلى توفير مئة مليار دولار، وهو مبلغٌ باهض وليس بقليل، فاحملوا هذه القضية على محمل الجد. فإن هناك أعمالٌ مختلفة يتم إنجازها في هذا البلد؛ البعض منها غير ضرورية، والبعض الآخر مضرة، فليركّزوا أعمالهم على مثل هذه الأمور.

وهذا هو «المبادرة والعمل»، فالمبادرة تعني التصدي لهذه القضايا. ولقد سمعتُ بالطبع أن مجلس الشورى الإسلامي قد صادق على قرار تنمية ترشيد استهلاك الطاقة. فليتداولوا هذه القضية حقاً بالبحث والتقصي، وليركّزوا جهودهم عليها ويبذلوا مساعيهم في سبيل تحقيقها.

والمهمة العاشرة هي الاهتمام الخاص بالصناعات المتوسطة والصغيرة. ففي بلدنا حالياً توجد آلاف المصانع والمعامل المتوسطة والصغيرة، ولو كانت هذه الأرقام التي أبلغوني بها وأشرتُ إليها وهي تعطيل ستين بالمئة منها صحيحة، فهي خسارة. فإن الشيء الذي يوفّر فُرص العمل في المجتمع، ويؤدي إلى الحيوية والحركة، وينفع الشرائح الضعيفة، هو نفس هذه الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فلا بد من تعزيزها وتفعيلها.

إذن هذه عشرة مهام يمكن النهوض بها فيما لو أريد التصدي للمبادرة والعمل في سبيل تحقيق الاقتصاد المقاوم. علماً بأن هناك مهام أخرى يمكن القيام بها وعلى المسؤولين دراسة الأمور والتحري فيها، والذي أقترُحه أنا هو هذه المهام العشر. وبهذا تتدفق مسيرة الثورة وتنطلق حركة ثورية في البلد ويتحقق الاقتصاد المقاوم الذي يؤدي إلى إنقاذ البلاد.

ولو عملنا على تطبيق هذه المهام، لكان بإمكاننا الوقوف في وجه أمريكا، ولما تركت عقوباتها أثراً فينا. فإننا لا نحتاج إلى الإعراض عن مبادئنا وعن خطوطنا الحمراء وعن أسسنا لصدّ أمريكا عن فرض الحظر علينا، وإنما يتسنى لنا من خلال تحقيق سياسات الاقتصاد المقاوم عملياً، أن نقوم بتحصين البلاد وترصينها لئلا ترتعد فرائصنا تجاه الحظر بأنهم يريدون فرض الحظر علينا، فليفعلوا ذلك. إذ لو تحقق الاقتصاد المقاوم، لما تركت عقوبات العدو تأثيراً بليغاً.

وبهذا تنطلق الحركة الثورية والإيمانية. ولو قمنا بتنفيذ هذه المهام، لكان بإمكان المسؤولين الحكوميين المحترمين أن يقدّموا تقريراً في نهاية هذا العام قائلين بأننا عمدنا إلى إحياء عدة آلاف من المصانع والمعامل والمزارع وحقول تربية الحيوانات وأمثال ذلك. هذا ما بإمكانهم أن يتحدثوا به ويرفعوا تقريره إلى الناس، والناس بدورهم سوف يشهدون ويتلمسون ذلك. وحينذاك سيشعرون بالثقة والاطمئنان. علماً بأن الوظيفة الملقاة على عاتق الناس هي المساعدة. وأقولها لكم بأن على الناس - بما فيهم السياسيين والاقتصاديين وأبناء الشعب - أن يساعدوا الحكومة والمسؤولين في البلد. وهذه المهمة بالطبع لا تقع على كاهل الحكومة وحسب، بل يجب على السلطات الثلاث أن يتعاونوا فيما بينهم لتسيير هذا الأمر، وعلى الناس أن يساعدوهم في ذلك، فإن هذه المساعدة إلى جانب جدية المسؤولين ولاسيما السلطة التنفيذية أمرٌ ضروري.

ولو استطعنا إطلاق هذه الحركة، ستكون - كما ذكرنا - حركة ثورية، وستزداد سرعة، وسيحالفها التوفيق والنجاح. وهذه نتائج شهدناها في كل موطن قطعنا فيه خطوة ثورية. فانظروا إلى أن المكسب الذي كان رائده شهداءنا النوويين في المجال النووي الخطير للغاية، والمكسب الذي كان رائده الشهيد طهراني مقدم، والمكسب الذي كان رائده الشهيد كاظمي في مجال الخلايا الجذعية، إنما هي مكاسب كبيرة جداً. هذا بالإضافة إلى الإنجاز الذي كان رائده الشهيد آويني والمرحوم سلحشور في السنوات الأخيرة في الشؤون الثقافية، فإن هؤلاء روّاد الإنجازات والمكاسب الثورية في هذا البلد، ولا بد من ترويج مكاسبهم ومعرفة قدرهم وتخليد ذكرهم.

وهذا هو العمل الثوري. وكل تأكيدي على تكريم القوات الثورية والولائية وحفظهم يعود إلى هذا السبب، فإن العمل إذا ما تم إنجازه بروح ثورية، سيتقدم إلى الأمام. لقد تناولتُ قضية الاقتصاد المقاوم، وأودّ أن أتحدث قليلاً بشأن القضايا الثقافية. إنكم تعلمون بأن القضايا الثقافية تحتل في رؤيتي أهمية بالغة، وإني أُعطي لهذه المسائل فائق الأهمية. والموضوع الذي أودّ طرحه في هذا اليوم، هو نفسه الذي طرحته في العام الماضي أو الذي قبله على ما يبدو، في هذا الاجتماع الذي يُعقد بداية كل سنة، وهو أن المجموعات الشعبية المتدفقة التي تمارس العمل الثقافي - ويصل حالياً تعدادها في جميع أرجاء البلاد إلى آلاف المجموعات التي تتصدى بنفسها للمبادرة والفكر والجهد والعمل الثقافي - لا بد وأن تنمو بشكل متصاعد، وأن تحظى بمساعدة الأجهزة الحكومية.

فبدل أن تفتح الأجهزة الحكومية المعنية بالشؤون الثقافية أذرعها للذين لا يؤمنون بالإسلام وبالثورة وبالنظام الإسلامي وبالقيم الإسلامية، يجب أن تفتح أذرعها للشباب المسلم المؤمن الثوري الولائي، فإن هؤلاء هم الذين بمقدورهم إنجاز الأعمال، وهم بالفعل يُنجزون أعمالهم ويقدمون إنجازات ثقافية قيمة. وشبابنا الثوري بوسعه بذل الجهود والمساعي في جميع المجالات.  أيها الشباب الأعزاء! البلد لكم، والمستقبل لكم، واليوم أيضاً لكم، واعلموا أنكم إذا تواجدتم في الساحة، وقطعتم الخطى بالإيمان بالله والتوكل عليه، وكنتم على ثقة بأنفسكم، لا تستطيع أمريكا ولا أكبر من أمريكا أن ترتكب أية حماقة.

إلهنا! اجعل كل ما قلناه وسمعناه لك وفي سبيلك وتقبّله بكرمك.

إلهنا! بحق محمد وآل محمد اجعل أرواح الشهداء الأبرار والروح الطاهرة للإمام الخميني العظيم راضية عنا.

إلهنا! أسبغ على شعبنا عزة متزايدة وشوكة متزايدة وقوة متزايدة وطاقة متزايدة وشاملة.

إلهنا! لا تحرمنا من خدمة هذا الشعب وخدمة الإسلام والمسلمين وخدمة هذا البلد.

إلهنا! بحق محمد وآل محمد تفضّل علينا بكل ما قلناه وما سألناه وما أنت تعلم بحاجتنا إليه دون أن نذكره.

إلهنا! احشر الروح الطاهرة لأخينا العزيز المرحوم الشيخ الطبسي (رضوان الله تعالى عليه) مع أوليائك.

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.