موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

بحث حول الصابئة

  • اقوال الفقهاء
  • التحقيق في المسألة
    • المحور الأول: الأمور الکبرويّة
      • الأمر الأول
      • الأمر الثاني
      • الأمر الثالث
      • الأمر الرابع
      • مقتضى الاصل العملي
        سهلة الطبع  ;  PDF

         

        مقتضى الاصل العملي

        واما الاصل العملي فربما يبدو ان المورد مجرى استصحاب عدم كون الصابئة ممن اوتي الكتاب، ويمكن تقريره على وجهين:
        الأول: ان يكون المراد بالعدم المستصحب هو العدم المفروض في ما قبل وجود الصابئة، فيكون هذا الاستصحاب من جزئيات استصحاب عدم الخصوصية المفروض في ظرف عدم موضوعها، المعروف لدى الاصوليين باستصحاب العدم الازلي، ففي ما نحن فيه يصدق ان هؤلاء قبل وجودهم لم يكونوا ممن اوتي الكتاب، فيستصحب هذا العدم. وهذا النوع من الاستصحاب قد استقر على امكانه وصحته رأي اكثر متأخري الاصوليين، بذريعة تمامية اركان الاستصحاب فيه، ولذا ترونهم يتمسكون به في باب الشك في تذكية الحيوان المشكوك ذكاته والشك في قرشية المرأة المشكوك كونها قرشية وغيرهما من الامثلة الكثيرة.
        الا اننا مع الاعتراف بما يدعى من انطباق قاعدة الاستصحاب عليه شكلياً وعدم قبول ما يورد عليه من هذه الجهة لم نتمكن من الاعتراف به بحسب شمول ادلة الاستصحاب عليه لفظاً أو اطلاقاً، وهكذا بحسب انطباق الاستصحاب عليه كقاعدة عقلائية متداولة في عرف العقلاء، ونرى ان حكم العقلاء بعدم وجود الخصوصية المشكوك فيها في موضوع ما في صورة سبق السلب بانتفاء الموضوع انما هو من باب ان الحكم بوجود كل خصوصية ذاتية كانت أو عرضية في اي موضوع من الموضوعات انما يحتاج إلى وجود دليل لذلك، فحكمهم بعدم الخصوصية من باب عدم الدليل عليها، لا من باب الاستصحاب. والتفصيل في ذلك موكول إلى محاله ولا يسعه المجال في ما نحن فيه.
        الثاني: ان يكون المراد بالعدم المستصحب عدم نزول الكتاب على الجماعة المعتنقة لهذه النحلة في اول الأمر، وهذا خارج عن استصحاب العدم الازلي؛ اذ العدم المستصحب انما فرض في ظرف وجود موضوعه لا في ظرف عدمه، فكل جماعة يفرض اعتناقها اولاً لنحلة ما اذا شك في نزول الكتاب السماوي عليها، يمكن استصحاب عدم نزوله عليهم في ما قبل ذلك، والنتيجة هي ان الجماعة المعتنقة اولاً لتلك النحلة والمسماة اولاً بذاك الاسم ليست ممن اوتي الكتاب. وهذا كاف في تنقيح هذا الموضوع بالنسبة إلى من يتبعهم في الازمنة اللاحقة؛ اذ المفروض عدم نزول الكتاب عليهم بعد تلك الازمنة.
        والاستصحاب على هذا التقرير ايضاً تام الاركان، ولا يرد عليه ما يمكن ان يورد على استصحاب العدم الازلي، الا ان الاعتماد على مثله في الامور الخطيرة التي ترتبط بالنفوس والاموال والاعراض لا سيما في المسائل العامة الراجعة إلى الجماعات المتعاقبة والاقوام المتتابعة مما لا يمكن المساعدة عليه؛ وذلك لوضوح ان احالة امر دماء الالوف من افراد النوع البشري إلى مجرد عدم العلم بكونهم محقوني الدم بعيد عن مذاق الشرع، ولا يعهد عن التعاليم الالهية وبالخصوص عن الشريعة الاسلامية التي تعتبر كرامة الانسان وحرمة دمه من اعظم الامور، ولا تسمح بهدر الدماء وهتكها بغير حق ان تحكم بحل دم انسان واحد فضلاً عن الجموع الكثيرة بمجرد الشك في حرمة دمائهم واعتماداً على امثال هذا الاستصحاب.
        وتوهم ان الاحتياط في امر الدماء مختص بدماء المسلمين مردود؛ بان المناط في هذا الاحتياط انما هو احتمال حقن الدم في مورده، ومعلوم ان منشأ هذا الاحتمال لا ينحصر في الاسلام بل يشمل الكتابي المعاهد وامثاله ايضاً، فكلما وجد هذا الاحتمال من اي طريق كان ومن اي منشأ، يكون المورد مورد الاحتياط، والواضح وجود هذا الاحتمال في امثال ما نحن فيه.
        فالحاصل ان جريان استصحاب عدم الكتابية في ما نحن فيه لا يستقيم بوجه. فالظاهر ان المورد مجرى اصالة الاحتياط من جهة لزوم ذلك في باب النفوس والاموال والاعراض، والله العاصم.
        هذا كله في الامور الراجعة إلى كبريات المسألة.

    • المحور الثاني: الأمور الصغرويّة
700 /