موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

سائر الكتب

  • الفكر الأصيل
  • ضَرورة العَودة إلى القرآن
  • العودة إلى نهج البلاغة
  • روح التوحيد رفض عبودية غير الله
  • دروس وعبر من حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)
  • الامام الرضا(ع) وولاية العهد
  • عنصر الجهاد في حياة الأئمة (عليهم السلام)
  • كتاب الفن والأدب في التصور الإسلامي
  • الإمامة والولاية في الإسلام
  • المواعظ الحسنة
    • تمهيد
    • البكاء على النفس
    • نعمة الدعاء
    • وبالوالدين إحساناً
    • التكبر
    • اللين
    • العفو
    • شهر رجب
      سهلة الطبع  ;  PDF

       

      7 ـ شهر رجب

      أيها الأعزاء، ها قد حلّ علينا شهر رجب، شهر العبادة والتوجه إلى الله، وهو الشهر الذي يشكّل مقدمة لشهري شعبان ورمضان. ولاشك أن من جرّب الأنس مع ربه في رجب فسوف يتهيأ لشعبان الذي هو من أفضل الشهور، ويقول فيه النبي (ص) "شعبان شهري". هذا لا يعني أن هذا الشهر مختص بالنبي، ولكن كلام الرسول (ص) يدل على أنه في هذا الشهر، ولكثرة فضائله، كان يجهد جهداً كبيراً في سبيل طاعة الله.
      ورد في دعاء شجرة النبوة والذي نقرأه في كل ظهر ومساء من شعبان: "وهذا شهر نبيك سيد رسلك شعبان الذي حففته منك بالرحمة والرضوان الذي كان رسول الله (ص) يدأب في صيامه وقيامه في لياليه وأيامه".
      النبي (ص) كان دائم الصيام والقيام في شهر شعبان. إذاً هذا الشهر شهر مبارك لا يمكن مقارنته مع جمادى الثانية، فاجعلوا صلاتكم ودعاءكم وذكر الله في هذا الشهر أفضل من الشهر الذي قبله. فإن كنتم تقومون ببعض المستحبات فاسعوا لذلك في هذا الشهر أكثر من السابق، وإن لم تكونوا تقومون بها فابدأوا بذلك في هذا الشهر.
      في السابق ذكرت الأخوة أنكم شباب، ومن مستلزمات عملكم التدين والإيمان بالله. استفيدوا من هذه الطاقة وابنوا أنفسكم معنوياً ومادياً. فمعنوياً اسعوا لأن تكونوا عباداً تطبقون أحكام الشريعة من واجباتها حتى المستحبات وأن تجعلوا الأوامر الإلهية نصب أعينكم دائماً. وأما مادياً فتعلموا جميع الفنون اللازمة كالرماية وغيرها وكل ما يناسب عملكم. تعلموا كل شيء بأحسن وجه.
      ولكن يبقى الجانب المعنوي هو الأهم، حيث يجب أن لا يكون التدين ضعيفاً عند الأخوة المجاهدين. يتصور البعض أن نفس العمل الذي كانوا يقومون به في السابق يجب أن يستمروا فيه الآن، ولكن النفس البشرية تتحرك نحو الكمال، ولا محل ولا معنى للتراجع. عليكم أن تكثروا من فعل الصالحات التي كنتم تلتزمون بها في السابق من صلوات وصوم مستحب، وحتى مراقبة الأعمال اليومية التي هي من أهم الوظائف لكي نتخلص من كل سيئ في أفعالنا. أنتم معرضون للتلوث بأنواع الفساد، والفساد ليس منحصراً بالجانب الجنسي والأخلاقي بل قد يكون فساداً سياسياً ومالياً ومعنوياً وكل هذا...
      وإنني حريص جداً على أن لا يتلوث الأخوة المجاهدين بأي من أنواع الفساد، ولذلك عليكم بالمراقبة‍. ابدأوا بأنفسكم وانتبهوا للآخرين ولا تتركوا إخوانكم إن انخرطوا في الفساد. اسعوا لاصلاحهم وهدايتهم. 

      دعاء شهر رجب
      يعد الدعاء من فرائض شهر رجب، فهذا الشهر هو شهر الله، شهر التوجه إلى الله وشكره، شهر الدعاء والزيارة، وأعماله كثيرة جداً.
      من الأدعية المستحبة والتي تقرأ بعد كل صلاة في شهر رجب دعاء "يا من أرجوه لكل خير"، وقد يقرأ هذا الدعاء بنحوين، قراءة تلتفت إلى المعاني والمفاهيم السامية التي يحملها الدعاء في كلماته، وقراءة لفظية لا يلتفت فيها إلى المعاني ولا تترك أثراً في القلب. طبعاً القراءة الأولى في كل مرتبة تقدم الانسان درجة نحو الله، فهذا الدعاء يمثل حال التضرع والعبودية تجاه الخالق الباري.
      "يا من أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل شر، يا من يعطي الكثير بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة، أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة، واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم".
      "يا من أرجوه لكل خير". نحن نرجو الخير والثواب في كل عمل نقوم به، في الحراسة والصلاة، في الكلام الصادق والعمل الخير. نرجو الثواب في كل عمل إلهي. 

      حلم الله ورحمانيته
      "وآمن سخطه عند كل شر". نحن نرى أنفسنا في أمن من سخط الله في ما نفعله من سيئات... أليس كذلك؟ لا يوجد لدينا أي خوف في ذلك. أليس هذا كافياً ليكون درساً لنا؟ أن أرى نفسي آمنة من غضبه تعالى في كل شر؟ حقاً إن هاتين العبارتين كافيتان لمناجاة الله، ومعناهما أنك يا رب حليم لا تستعجلني بالعذاب، وهذا يظهر العظمة الإلهية من جهة وصفات العباد من جهة أخرى. 

      كرم الله
      "يا من يعطي الكثير بالقليل". نحن نرى مجاهدات هذه الأمة وبالأخص مظلومية الإمام (س) ودماء الشهداء المضحين الذين كانوا يفدون أنفسهم ويصبرون ويستقيمون مقابل الشدائد والى ما هنالك من أعمال جعلت العالم اليوم يتحول وينقلب على نفسه، وحقاً إن أعمالنا مقابل هذا الثواب قليلة جداً.
      "يا من يعطي من سأله". يا من تعطي كل من يطلب منك كل ما يريده عبدك، طبعاً كل ما يصب في مصلحة الإنسان.
      أصلاً أساس الخلقة أن يعطي الله عباده ما يشاؤون وإن لم يلتفت الإنسان لذلك، وقد يتقدم أو يتأخر زمن تحقق حاجة الإنسان، لكن لابد أن تتحقق ولا صعوبة في ذلك. كان البعض يقولون قبل انتصار الثورة إننا ندعو كثيراً ومع كل ذلك الدعاء لم يزل حكم الشاه ونظامه من الوجود‍‍‍‍‍! وكنت أقول إن للدعاء وقتاً للإجابة ووقتاً خاصاً به، وإن تصبروا حتى وصول ذلك الزمن يفرج الله عنا، وكما رأينا فقد أتى ذلك الزمن واستجيب الدعاء. 

      عطاء النعم دون طلب
      "يا من يعطي من لم يسأله"، أي يا من تعطي من لم يسألك من قبل أي عطاء، فعندما تولد هل تطلب من الله لبناً؟ ولكن الله يمدنا بلبن من خلال الأم. نعم إن عطاء الله متحقق دون طلب العباد.
      "ومن لم يعرفه" كالكفار والذين لا دين لهم ولا معرفة لهم بالله. وما هو سبب ذلك؟ "تحنناً منه ورحمة" عن رحمة وتحنن. 

      أحسن الدعاء
      "أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة": ترون أن الله لا يعطي الإنسان الكثير من الحاجات التي قد تتصورونها خيرة وحسنة، فبعض النعم، بعض الأموال، وبعض الجاه والمقامات قد يكون مضراً للإنسان، فالله هو العالم بمصلحة الإنسان، لذا يصح أن يقول الإنسان في طلبه "إلهي هب لي الخير فإنني لا أعلم ما هو وأين هو".
      "واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا والآخرة" أي أبعد عني جميع شرور الدنيا والآخرة.
      "فإنه غير منقوص ما أعطيت" فمقدرة الله وخزائنه لا متناهية، والنقص مني أنا، منا نحن، نحن ناقصون وضيّقو النظر. ويجب علينا أن نخاطب الله هكذا، فنقول: "وزدني من فضلك يا كريم".
      هنا ينتهي الدعاء، وعندها تأخذ بلحيتك لتظهر منتهى التضرع والذلة والخشية أمام الله سبحانه وتعالى، فقد كان الإمام يأخذ بلحيته باكياً ويقول:
      "يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا النعماء والجود، يا ذا المن والطول، حرم شيبتي على النار"، فإن أعطانا الله النعم ولكن لم يحرم أجسادنا على النار، فهل يكون لذلك فائدة؟؟
      أنتم إن قرأتم هذا الدعاء يومياً خمس مرات ستتقربون من الله، وقد سبق أن قلت لكم إن عليكم أن تتيقنوا من هذه المسائل، ولاشك أنكم تعتقدون بذلك وترونه عملاً واجباً ذا أهمية، وهو حربة في وجه أعدائكم، وإن كنتم تعتقدون غير ذلك فإنكم تضيعون حياتكم هدراً.
      ونظراً لحساسية عمل الأخوة، عليكم أن تعملوا جيداً. احرسوا جيدا. أدوا واجباتكم بسرعة ولا تتورطوا أو تأسروا أنفسكم بالأوضاع السياسية وتتوسلوا بهذا أو ذاك.
      انتبهوا إلى أن هذا العمل عمل طاهر. فأبقوه كذلك، كل شخص مسؤول ومرهون بحياته وعمله الشخصي، ولكنكم أنتم في جبهة قتال، وهذا الجو مناف للحياة المرفهة المريحة. وباستطاعتي قول ذلك لأنني أرى نفسي في الجبهة.
      عندما نكون في الجبهة فلنلحظ أن هذا المكان هو مقابل عدونا، وبهذه النظرة نؤدي وظائفنا والله يكون بعوننا.

    • إرادة الحق هي الغالبة
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • قيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
700 /