موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم في مراسم الذكرى السنوية السابعة والعشرين لرحيل الإمام الخميني (رض)

 

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیّدنا ونبیّنا أبي القاسم المصطفی محمّد وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین الهداة المهدیّین، سیّما بقیّة الله في الأرضین.

اجتماعٌ في غاية البهاء والعظمة، انقعد في هذا المكان تكريماً لذكرى إمامنا الخميني العظيم، كما وانعقد ما يشابه هذا الاجتماع في الكثير من مناطق البلد الأخرى إحياءاً لذكرى الإمام الجليل وإظهاراً لخالص الودّ والعشق إليه.

تمرّ علينا الأيام الأخيرة من شهر شعبان المبارك. وكان إمامنا الكبير - على ما يحتمل قوياً - يستفيض من هذا الشهر الفيض الأعلى. وتدل القرائن والشواهد على أن ذلك القلب النيّر ببركة هذا الشهر كان يزداد نوراً وتألقاً. ولطالما تكررت على لسان الإمام خلال كلماته وخطاباته في شتى المناسبات، هذه الفقرة المعروفة من المناجاة الشعبانية: «إِلهي هَب لي کَمالَ الاِنقِطاعِ إِلیكَ، وَأَنِر أَبصارَ قُلوبِنا بِضِیاءِ نَظَرِها إِلَیك»(1). وهذا يدلّ على أن إمامنا العظيم كان مأنوساً بهذه المناجاة وبمضامينها وبهذه الأيام المباركة. وإن من الأدعية التي أكّد الإمام عليها وفضّلها على غيرها، حين سألته عن ذلك يوماً ما، هي نفس هذه المناجاة الشعبانية. وهي تنطوي على فقرات هامة، منها: «إِلهي هَب لي قَلباً یُدنیهِ مِنكَ شُوقُه، وَلِساناً یُرفَعُ إِلَیكَ صِدقُه، وَنَظَراً یُقَرِّبُهُ مِنكَ حَقُّه»(2). هذه هي الصفات التي نطلبها من الله سبحانه وتعالى في هذا الدعاء الشريف وفي هذه المناجاة، وهي تمثّل درساً لنا. وكان إمامنا الجليل مأنوساً بهذه الدروس طيلة عمره، وببركة هذا الأنس، وبفضل معرفته بمراتب الحق والحقيقة وقربه من ربّ الأرباب، وهبه الله سبحانه وتعالى هذه القوة التي مكّنته من القيام بهذه الحركة العظيمة الخالدة.

ولنتناول الآن الحديث عن إمامنا الكبير. إنّ من العناوين والصفات التي قلما تُذكر للإمام العظيم الراحل، وقلما نصفه بها، أنا أعبّر عنها بعنوان جامع، وهو أنه مؤمن متعبّد ثوري. فإننا دوماً ما نصف الإمام بصفات عديدة، بيد أنّ هذه الصفة التي قلّما وصفناه بها، تعدّ صفة جامعة شاملة: مؤمنٌ متعبّدٌ ثوريّ.

مؤمنٌ: يعني مؤمن بالله، ومؤمن بالهدف، ومؤمن بالطريق المؤدي إلى هذا الهدف، ومؤمن بالناس. وقد ورد هذا التعبير في القرآن بشأن الرسول الأكرم أيضاً: ﴿یُؤمِنُ بِاللهِ وَیُؤمِنُ لِلمُؤمِنین﴾(3). الإيمان بالله وبالهدف وبالطريق وبالناس.

عبدٌ متعبّدٌ: يعني أنه يرى نفسه عبداً أمام الله، وهذه بدورها صفة فائقة الأهمية. ولكم أن تلاحظوا بأن الله تعالى قد وصف نبيه في القرآن بصفات عدة: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(4)، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ﴾(5)، إلى غير ذلك من الصفات التي تكشف كل واحدة منها عن فصلٍ كبيرٍ من خصائصه (ص)، بيد أن تلك الصفة التي أُمِرنا نحن المسلمون أن نُكرّرها بشأن النبي في صلواتنا كل يوم هي: «أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَرَسولُه»، وهذه تدل على أهمية العبودية. فإن لهذه الصفة من العظمة والبروز ما أدى إلى أن يأمر الله تعالى المسلمين بتكرارها كلّ يومٍ في صلواتهم لعدة مرات. والإمام كان يتحلى بهذه الصفة، وهي صفة العبودية، حيث كان من أهل الخشوع والتضرّع والدعاء، وكان مؤمناً متعبّداً.

وأما الصفة الثالثة المتمثلة بالثورية، فهي تلك النقطة التي أودّ أن أشدّد عليها وأتحدث في جوانبها. فقد كان الإمامُ إمامَ الثورة.

الثورة كلمة واحدة ولكنها تنطوي في مكنونها على حقائق تجلّ عن الحصر، وإمامُ الثورة يعني الرائد في كل هذه الخصائص التي تتضمنها مفردة الثورة. وإن غضب القوى المادية المتواصل وغيظهم تجاه الإمام الجليل وهلعهم منه أيضاً، يعود السبب الرئيس فيه إلى هذه الصفة، وهي النزعة الثورية التي يتسم بها الإمام، وهم يعادونه من أجل ذلك. واليوم أيضاً أعداء الشعب الإيراني يخاصمون ويعادون توجّهاته الثورية. وأساساً فإن القوى المادية تخاف وتخشى وتفرّ من مفردة «الثورة الإسلامية». والنزعة الثورية هي السبب الذي يقف من وراء الضغوط التي يمارسونها، وسأبيّن ما هي المفاهيم والمعاني والخطوط التي تنطوي عليها هذه الصفة. ولذا فإن لهم الحق في أن يهابوها. علماً بأنهم يفرضون الضغوط بذرائع شتى، فتارة بذريعة الطاقة النووية، وأخرى بذريعة حقوق الإنسان ونحو ذلك، ولكنّ حقيقة الأمر هي أن أعداء الشعب الإيراني وأعداء إيران الإسلامية يحملون الخوف والقلق تجاه النزعة الثورية. ففي الآونة الأخيرة، وقبل بضعة أشهر، قال أحد الساسة الأمريكيين: لقد فُرضت العقوبات على إيران بسبب الثورة الإسلامية، وأساس الحظر يرتبط بالثورة التي انطلقت عام 1979! وهذه حقيقة.

ولكن ما هو السبب في ذلك؟ ولماذا يناهضون الثورة؟ السبب هو أن هذا البلد الواسع والمترامي الأطرف، والزاخر بالخيرات، والثري بالثروة الطبيعية والإنسانية، كان بأسره تحت قبضة السطوة الأمريكية، فجاءت الثورة وأخرجتهم من البلد، وتسببت في أن يعادونها. فإنها من جانب طردتهم، ومن جانب آخر أصحبت مُلهمة للآخرين. حيث إن الثورة الإسلامية التي انطلقت في هذا البلد علی أيدي الناس، وواصلت مسيرتها، أضحت مُلمهة للشعوب الأخری، وهذا في محله بحث مفصّل له أدلة كثيرة.

لقد أخرج إمامنا الثوريُّ البلدَ من مستنقعات عدّة وأنقذه منها بواسطة الثورة. وعلی شبابنا الأعزاء الذين لم يشهدوا فترة ما قبل انتصار الثورة ولم يلمسوها، أن يدقّقوا ويتنبّهوا لهذه القضية الرئيسية. فلو جهل شعبٌ قضيته الأساسية، سيتيه في وادي الضلالة. والقضية هي أن الثورة الإسلامية انطلقت وأنقذت البلد من مستنقعات عدة، بما في ذلك مستنقع التبعية، ومستنقع التخلّف، ومستنقع الفساد السياسي، ومستنقع الفساد الأخلاقي، ومستنقع الحقارة الدولية. حيث كنّا نعاني من هذه الأمور، وكنا أتباعاً، معرَّضون للتحقير والامتهان، وقد فُرض علينا التراجع والتخلّف في العلم والاقتصاد والتكنولوجيا والتواجد الدولي وفي كل شيء. وبدلاً من ذلك كانت أمريكا وبريطانيا هي الآمر والناهي لنا. فقد كنّا يومذاك نصدّر البترول بأربعة أضعاف ما نصدّره في الوقت الراهن، وكان سكّان البلد أقل من نصف ما هم الآن عليه، ومع ذلك فقد كانت معظم نقاط البلد محرومة من الخدمات الحكومية العامة التي تقع علی عاتق الحكومات، وكان البلد رازحاً تحت وطأة الفقر والتخلف والفساد الأخلاقي، وكان في كل بناه التحتية - بما فيها الطرق، والمياه، والكهرباء، والغاز، والمدارس، والجامعات، والخدمات المدنية - يعاني من الآفة والتخلف والتأخّر والفقر والحرمان، وكانت توضع خيراته الطبيعية بين يدي الأجانب، وكان الجهاز الحاكم هو الذي يتمتع بها، ويكمّم أفواه الناس عبر الإغراء أو القوة والإرعاب، غير أن الناس كانت قلوبهم قد مُلئت قيحاً، وكانوا يشهدون الحقائق، وبالتالي آلت تلبيتهم لذلك النداء الرباني الإلهي الذي صدح به الإمام الخميني العظيم إلی انطلاقة الثورة.

فقد بدّل إمامنا الجليل المسيرة، وقام بإيجاد تحوّل كبير، وغيّر مسار الشعب الإيراني، وبدّل السكة، وسار بنا صوب الأهداف الكبری. وهذه الأهداف التي ساقتنا الثورة وإمام الثورة إليها وقاموا بهداية المجتمع الإيراني نحوها، تمتاز بأهمية بالغة. وهي أهدافٌ تتلخّص في حاكمية دين الله التي تعني العدالة الاجتماعية بمعناها الحقيقي، وتعني اجتثاث الفقر، وتعني استئصال الجهل، وتعني اقتلاع جذور الاستضعاف، وتعني إحلال منظومة من المبادئ والقِيَم الإسلامية، وتعني القضاء علی الآفات الاجتماعية، وتعني تأمين الصحة البدنية والنزاهة الأخلاقية والمعنوية والتقدم العلمي في البلد، وتعني توفير العزة والهوية الوطنية الإيرانية والاقتدار الدولي، وتعني تعبئة الطاقات والإمكانيات التي أودعها الله في هذه الأرض.. هذه كلها تنضوي تحت حاكمية دين الله، والإمام قد هدانا للسير في هذا الاتجاه، وهو بالضبط علی النقيض من ذلك الطريق الذي كانوا يسوقوننا إليه في عهد نظام الطاغوت.

علماً بأن هذه الأهداف التي سار باتجاهها قطار المجتمع الإسلامي ببركة الثورة، أهدافٌ بعيدة المنال، تستغرق وقتاً، وتحتاج إلی مضي الزمن، وتتطلّب سعياً وجهداً، ولكن يمكن التوصّل إليها جميعاً بشرط واحد، وهو أن القطار يسير ويتقدم علی نفس هذه السكة، وهي سكة الثورة. فقد دلّنا الإمام علی الطريق، وأرانا المعايير والمعالم، وحدّد لنا الأهداف، وبدأ بهذه الحركة بنفسه. ونحن حتی يومنا هذا، وبفضل السير في الاتجاه الثوري، حققنا مكاسب كثيرة، ولكن مازال هناك بون شاسع بيننا وبين تلك الأهداف. ويمكننا بالطبع بلوغ تلك الأهداف، شريطة أن يتحرك القطار علی نفس هذه السكة، وهي السكة التي سار الإمام بقطار المجتمع الإسلامي عليها.

وبعد رحيل الإمام، أينما عَمِلنا بثورية تقدّمنا، وأينما غفلنا عن النزعة الثورية والحركة الجهادية تراجعنا وفشلنا، وهذه حقيقة. ولقد كنتُ أنا مسؤولاً خلال هذه السنوات، وإن كان هناك تقصير في الأمر، فهو موجَّه لهذا الحقير أيضاً. ومن هنا فأينما اتصفنا بالثورية، وتحركنا حركة جهادية، وسرنا علی نفس هذه السكة، تقدّمنا، وأينما تقاعسنا وغفلنا، تراجعنا. فيمكننا الوصول شريطة أن نتحرك بثورية ونتقدم إلی الأمام بثورية.

والمخاطَب في هذا الكلام، جيل اليوم وجيل غدٍ وأجيال المستقبل، والمخاطَب كلنا؛ أي المسؤولون، والناشطون في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية، والشباب، والجامعيون، وطلبة العلوم الدينية، والحِرَفِيّون، والقرويّون، والمدنيّون، والكل مخاطَبٌ في هذا الكلام، وعلی الجمیع أن يعلموا أنّ بالإمكان انتهاج هذا النهج بطريقة ثورية، وعندذاك سيكون التقدم أمراً قطعياً، وبالإمكان اتّباع أسلوب آخر، وحينها سيكون المصير مؤلماً. وللإمام تعبير شائع، طالما كرره في مواطن عدة حيث يقول: «سوف يُصفَع الإسلام». فلو غيّرنا المسار، سيتلقّی الشعب الإيراني صفعته، وسيتلقی الإسلام ضربته كذلك. ولقد بقي الكلام ناقصاً، والأقوال المطلوبة في هذا المجال كثيرة.

التفتوا إلی(6) أني أود أن أغتنم هذه الفرصة، وأن أقول لكم وللشعب الإيراني، يا أعزائي! إن الثورة تمثل رصيداً ممتازاً وفريداً لشعبنا وبلدنا. وقد دفعنا أثماناً باهضة لاكتسابها، بيد أن منافعها تفوق تلك الأثمان مئات الأضعاف، وهذه تجارة مربحة لأبناء الشعب. أجل، فلقد كانت ثمانية أعوام من الحرب ثمن، والاضطرابات ثمن، والعقوبات ثمن، وهذه كلها من أثمان الثورة وتكاليفها، بيد أن الأرباح المتاحة في هذا الطريق تفوق التكاليف أضعافاً مضاعفة، ولقد كانت التكاليف والمنافع والأرباح مترافقة مع بعض منذ البداية، فدفعنا الكلفة من جانب، وربحنا من جانب آخر. ففي الحرب انطلق شبابنا ونالوا الشهادة، بيد أن الشعب والشريحة الشبابية في البلد حصلوا علی إنجازات كبری من نفس هذه الحرب الباهضة الكلفة. فقد كانت هذه التكاليف والمنافع منذ البداية مترافقة مع بعضها الآخر، ولكن كلما تقادمت الأيام، كلما قلّت الكلفة وهان تحمّلها، بيد أن المنافع اتّسعت وازدادت. فاليوم هو ذلك اليوم الذي نستطيع فيه، ويستطيع الشعب الإيراني فيه اكتساب منافع كبری من الثورة دون أن يدفع الثمن غالياً، وهذه القدرة متاحة في الوقت الراهن. فقد تجذّرت الثورة، وترسّخت شجرة النظام الإسلامي، وتبيّنت الكثير من الحقائق، وأتيحت السُبُل، واتضحت اليوم الأوضاع لشعب إيران، وتهيأت الأرضية وتعبّدت الطرق أكثر مما مضی، فالكفة موجودة وستستمر، ولكنها قلّت وتيسّر دفعها وتجنّبها أكثر من الماضي.

وهناك نقطة هامة، وهي أن الثورة لم تتحقق بالانقلاب والحركة العسكرية، كما هو حال بعض الثورات التي قام فيها عددٌ من الضباط العسكريين بإزالة حكومة وإحلال حكومة أخری محلّها.. كلا، وإنما تحققت الثورة بواسطة الناس، وعزائمهم، وطاقاتهم الثورية، وإيمانهم، وبنفس هذه القوی دافعت عن نفسها وبقيت وتجذّرت. فإن أبناء شعب إيران الأعزاء، هم الذين أقلعوا عن الخوف والهلع، وهم الذين صمدوا وثبتوا وأصبحوا مصداقاً لهذه الآية الشريفة: ﴿اَلَّذینَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَد جَمَعُوا لَکُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إِیمانًا وَقالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَکیل﴾(7). فقد تعرّضنا لتهديدات مستمرة، ولطالما كرروا تهديدهم بأننا سنهاجكم، وسنفرض الحظر عليكم. بيد أن الناس لم يخشوا التهديد العسكري، ولم يهابوا الحظر، ولم يشلّوا إثر العقوبات، بل واصلوا مسيرتهم ببسالة وشجاعة ورفعة رأس، ويجب علينا أن نكون كذلك بعد اليوم أيضاً. فعلی أبناء شعبنا، ومختلف شرائحنا، وشبابنا، وعلمائنا، وحِرَفيّينا، وجامعيّينا، وباحثينا، ومسؤولينا، ورجال حكومتنا، وأعضاء مجلسنا، أن يثبتوا علی ثوريتهم، وأن يكونوا ثوريين في حركتهم - وسأبيّن بعض المؤشرات في ذلك -، وأن يتسم الجميع بالنزعة الثورية، لتتوافر لنا إمكانية مواصلة هذا الطريق والمضيّ فيه قُدماً بتوفيق ونجاح.

إن من الخطأ أن نتصوّر بأن الثوريّ الوحيد هو ذلك الذي كان في عهد الإمام الخميني، أو في فترة النضال إلی جانب الإمام.. كلا، فإن البعض وكأنه يخال أن الثوريين هم أولئك الذين صاحبوا الإمام في عصره، أو في فترة الكفاح، أو في عهد حكومته.. كلا، فلو فسّرنا الثورية بهذا المعنی، لما بقي من الثوريين سوی نحن الشيوخ والطاعنون في السنّ. فإن الثورة للجميع، وإن شبابنا أيضاً من الثوريين، وبوسعهم أن يكونوا ثوريين، بتلك الموازين والمعالم التي سوف أطرحها. بل بمقدور الشابّ المعاصر أن يكون أكثر ثورية مني أنا الذي أُعتبَر من ذوي السوابق في هذه الثورة، كما شاهدنا في أيام الدفاع المقدس أناساً حملوا أرواحهم علی أكفّهم، وهبّوا إلی جبهات القتال دفاعاً عن الثورة وتنفيذاً لأمر الإمام (8)، وبذلوا مهجهم، فأولئك هم الثوريون مئة بالمئة، وهم الثوريون الكُمَّل، وأولئك هم المستعدون للفداء والتضحية، فلا ينبغي لنا أن نحصر الثوريَّ بجماعة كانوا مع الإمام في أيام النضال، أو كانوا يعرفون الإمام، أو كانوا من أصحابه.. كلا، فالثورة كالشطّ الجاري، وكل من ينزل إلی الساحة بهذه السمات ويبذل مجهوده علی مرّ التأريخ فهو ثوريّ، حتی ولو لم يشهد الإمام، كما هو حال غالبيّتكم أنتم الشباب.

وإن من الخطأ أيضاً أن نزعم بأننا إذا قلنا فلان ثوري، يعني أن فلاناً متطرّف، أو إذا أردنا أن نشير إلی الثوريين، عبّرنا عنهم بالمتطرّفين.. كلا، هذا خطأ. فالثورية لا تعني التطرّف. وإنّ هذه الثنائيات التي هي من مِنَح الأجانب ومن أقوال أعداء إيران، لا ينبغي أن تشقّ طريقها إلی داخل البلد وإلی ثقافتنا السياسية، فإنهم يصنّفون الناس إلی متطرّف ومعتدل، بيد أن البحث لا يدور حول هذا التنصيف، وإنما يعبّرون عن الثوريّ متطرّفاً، وعن غير الثوري معتدلاً! وهذه ثنائية أجنبية، فإنهم يكرّرون ذلك في إذاعاتهم ووسائل إعلامهم وتصريحاتهم، ولا ينبغي لنا أن نكرّر نفس الأمر. فالثوري، ثوري.

وإنّ من الخطأ كذلك أن نتوقّع من جميع الثوريين نهجاً ثورياً واحداً أو درجة ثورية واحدة. وعلی حدّ قولنا نحن طلبة العلوم الدينية، تعتبر النزعة الثورية قضية تشكيكية. فقد تكون حركة شخصٍ في سبيل مفاهيم الثورة والعمل الثوري أفضل، وحركة شخص آخر لا تصل إلی نفس تلك الجودة، ولكنه بالتالي يسير في نفس ذلك الطريق. فمن الخطأ أن نتّهم كل من لا يتحرّك جيّداً أو لا يتحرّك أساساً بأنه غير ثوريّ أو أنه معادٍ للثورة، فقد تكون قيمة حركة البعض مئة درجة، والبعض الآخر أقل منهم وهكذا، بيد أن الجميع يسير في هذا المسير. فالمهم تطابق تلك المؤشرات، والمهم هو المؤشرات نفسها، والمهم هو أن ذلك الشخص الذي لا يتحرك بتلك القوة والجدية أيضاً يتسم بمؤشرات النزعة الثورية. فلو توافرت هذه المؤشرات، لكان ذلك الفرد ثورياً، وتلك الجماعة ثورية، وتلك الحكومة ثورية، وتلك المنظمة ثورية، والأساس هو معرفة المؤشرات.

ثمة مؤشرات ومعالم للاتصاف بالثورية، وسأذكر خمسة منها، علماً بأنها تفوق ذلك، ولكني سأطرح في الحال الحاضر خمسة مؤشرات للنزعة الثورية التي يجب علينا أن نسعی لإيجادها في أنفسنا والحفاظ عليها، أينما كنّا، فواحد في مجال الفنّ، وآخر في مجال الصناعة، وثالث في مجال النشاط السياسي، ورابع في مجال النشاط العلمي، وخامس في مجال النشاط الاقتصادي والتجاري، ولا فرق في ذلك، وبالإمكان أن تتوافر هذه المؤشرات في كافة أبناء الشعب الإيراني.

والمؤشرات الخمسة التي سأحيطها شرحاً هي: المؤشر الأول: الالتزام بمباني الثورة وقِيَمها الأساسية. والمؤشر الثاني: تحديد مبادئ الثورة كأهدافٍ وشحذ الهمم العالية لتحقيقها، حيث يجب علينا أن نأخذ مبادئ الثورة وأهدافها السامية بنظر الاعتبار، وأن نتسم بالهمة لبلوغها. والمؤشر الثالث: التمسك بالاستقلال الشامل للبلد، بما في ذلك الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي - الذي هو أهم من الجميع - والأمني. والمؤشر الرابع: الحساسية تجاه العدوّ وممارساته ومخططاته وعدم اتّباعه، ولا بد في ذلك بالطبع من معرفة العدو، والوقوف علی مخططاته، والإقلاع عن تبعيّته - ولقد ذكرنا بأن القرآن عبّر عن عدم التبعية بـ«الجهاد الكبير»، وتحدثتُ بهذا الشأن مرتين أو ثلاث خلال الآونة الأخيرة (9) -. والمؤشر الخامس: التقوی الدينية والسياسية التي تقع علی جانب كبير من الأهمية. فلو توافرت هذه المؤشرات الخمس في أحد، لكان قطعاً من الثوريين، مع اختلاف بالطبع في درجات النزعة الثورية كما ذكرنا. وسأقدّم بشأن كل واحد منها، توضيحاً مقتضباً ومختصراً.

ذكرنا بأن المؤشر الأول هو الالتزام بمباني الإسلام الأساسية. ولقد تحدّثتُ في العام الماضي وفي نفس هذا الاجتماع حول مباني الإمام وأسسه، وهذه هي مبانينا الأساسية. المبنی الأول: الالتزام بالإسلام الأصيل في قبال الإسلام الأمريكي. والإسلام الأمريكي ينطوي علی شِقَّين: الأول الإسلام المتحجّر، والثاني الإسلام العلماني.. هذا هو الإسلام الأمريكي. والاستكبار والقوی المادية كانوا ولايزالون يدعمون كلا هذين الشِقَّين، ففي بعض الأماكن أسّسوا، وفي بعض المواطن وّجهوا، وفي بعض الموارد دعموا، والإسلام الأصيل يقف في مواجهتهم، وهو ذلك الإسلام الشامل الذي يشمل الحياة الفردية والخلوة الخاصة للإنسان إلی إقامة النظام الإسلامي. وهو ذلك الإسلام الذي يحدّد واجباتنا أنا وأنتم تجاه العائلة وفي الخلوات الشخصية، ويحددها في المجتمع أيضاً، ويحدّدها تجاه النظام الإسلامي وإقامته كذلك.. هذا هو الإسلام الأصيل. وهذه هي إحدی المباني التي يجب الالتزام بها.

ومن المباني الأخری محورية الشعب؛ ذلك أننا حين نردف الشعبية ومحورية الشعب بالإسلام، ستنتج الجمهورية الإسلامية من هذا التركيب. والجمهورية الإسلامية تعني أن الناس هم المحور، وأن المقاصد لهم، والأهداف متعلقة بهم، والمنافع مِلكهم، ومجريات الأمور بأيديهم. ومحورية الناس هي: رأيهم، وإرادتهم، وحركتهم، وعملهم، وتواجدهم، وكرامتهم في نظام الجمهورية الإسلامية. وهذه هي الأخری من تلك المباني التي يجب الإيمان بها بكل ما في الكلمة من معنی.

ومن المباني والقيم الأساسية هي الإيمان بالتقدّم والتحوّل والتكامل والتعامل مع المحيط، إلی جانب تحاشي الانحرافات والأخطاء التي قد تعترض هذا الطريق. فلا بد أن يطرأ التحوّل والتكامل علی علومنا الفقهية، والاجتماعية، والإنسانية، وعلی سياستنا، ومناهجنا المختلفة، وأن تتحسّن يوماً بعد آخر، ولكن علی يد الخبراء والمتخصصين والمتعمّقين والمؤهّلين لإبداع الطرق الحديثة، وأما أنصاف العلماء والذين يدعون من الجهلة فلا يستطيعون القيام بشيء. ولذا لا بد من الاهتمام بهذا الأمر، وهذه كلها تمثل صراطاً ذا يمين وشمال، والواجب هو السير في وسط الجادة.

ودعم المحرومين، هو الآخر من مباني النظام الإسلامي وقيمه الأساسية. والمبنی الآخر مساندة المظلومين في أي بقعة من بقاع العالم. وهذه هي من ركائز وقيم الثورة الأساسية التي لا يمكن التغاضي عنها. فلو أن فرداً أو جماعة أو تياراً لم يكترث بالمحرومين، أو لم يعبأ بالمظلومين في العالم، لا يتسم بهذا المؤشر.

ولو توفّر الالتزام بالركائز والقيم الأساسية - وهو المؤشر الأول -، ستكون الحركة متواصلة مستقيمة، لا يطرأ عليها التغيير في زوبعة الأحداث. ولو لم يتوفّر هذا الالتزام، ستتجلی النقطة المضادة له وهي الذرائعية المفرطة؛ أي أن يميل المرء في كل يوم إلی اتجاه، وأن تجرّه كل حادثة إلی جانب. ]وعلی حدّ قول الشاعر[ «تتقاذفني كالريشة وساوس الغير وتسويلات النفس.» وهذه هي الذرائعية، والميل في كل يوم إلی اتجاه وجانب معين، وهي تتنافی مع ذلك الالتزام. علماً بأن القرآن قد أطلق علی الالتزام بالمبادئ والقيم عنوان «الاستقامة»كقوله: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ﴾(10)، في سورة الهود المباركة، أو قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾(11). إذن فالاستقامة هي الالتزام بالمبادئ والقيم في التعبير القرآني.

والمؤشر الثاني هو الهمة العالية لبلوغ المبادئ والأهداف الكبری، وعدم الإعراض والتغاضي عنها. والنقطة المعاكسة لذلك هي التكاسل والإحباط والنزعة المحافظة. فالبعض يحاول أن يبث في نفوس أبناء مجتمعنا وشبابنا اليأس والإحباط، قائلين: «لا جدوی، ولا يمكن، ولا نصل، وأنّی لنا ذلك مع كل هذا الخِصام والعِداء»، وهذه هي النقطة المعاكسة للمؤشر الثاني. فالمؤشر الثاني هو أن لا نُعرض عن بلوغ تلك الأهداف والمطامح العليا أبداً، وأن لا نستسلم أمام الضغوط. علماً بأنك حين تسير في طريق، قد تربّص فيه العدوّ، سيضع أمامك العقبات، ولكن لا ينبغي أن تحول هذه العقبات بينك وبين السير ومواصلة الحركة. فلا نستسلم أمام الضغوط، ولا نرضی بالوضع الموجود، لأن نتيجة الرضا بالوضع الموجود هي التراجع. ولطالما ذكرتُ بأن علی الشباب أن يتجهوا باتجاه التقدم والتحول الإيجابي. وأما لو رضينا بالشيء المتوفر لدينا - فقد حققنا علی سبيل الفرض في الشأن العلمي حالات من التقدم، وحظيت باعتراف العالم كله، وأقرّ بأننا تقدمنا - واقتنعنا بهذا المقدار، لتخلّفنا وتراجعنا.. كلا، فطريق التقدم لا غاية له ولا نهاية، ولا بد من المضيّ قُدماً حتی بلوغ الأهداف الكبری.

والمؤشر الثالث كما ذكرنا هو التمسك بالاستقلال الذي يتسم بأهمية كبيرة؛ بما فيه الاستقلال الداخلي والإقليمي والعالمي والدولي، وصيانة استقلال البلد والنظام علی جميع هذه الأصعدة.

]فالاستقلال السياسي] يعني ألّا نُخدع في الشؤون السياسية؛ ذلك أن العدوّ الذي يهدف إلی فرض التبعيّة له علی الحكومات والشعوب، يتشبّث بشتی الأساليب. فإنه لا يتكلم دوماً بلغة التهديد، بل أحياناً يمارس أسلوب التملّق في كلامه، وأحياناً يبعث برسالة قائلاً للطرف الآخر: تعالوا معنا نحن الأمريكيون لنتآزر سويةً في معالجة القضايا العالمية، ويصبّ حديثه في هذا القالب، وهنا قد تساور المرء الوساوس قائلاً: لنذهب ونتعاون مع قوة كبری في تسوية القضايا الدولية. فإنهم يتحدثون بهذا الأسلوب في إطار المراسلات الرسمية الدبلوماسية، والحقيقة لا تشير إلی ذلك. وإنما تكشف عن أن له خطة، ويدعوك لأن تدخل في خطته، وأن تلعب في ساحته التي رسمها، وقد حدّد بنفسه نوع اللعبة أيضاً، فيطالبك بأن تؤدي له هذا العمل، ليتحقق ذلك الهدف الذي رسم الخطة من أجله. وما كان رفضنا للدخول فيما يسمی بالتحالف الأمريكي في قضايا المنطقة والقضية السورية وأمثالها - رغم مطالبتهم بذلك كراراً - إلا لهذا السبب. فإن العدو قد رسم خطة، وحدّد أهدافاً، ويرغب في بلوغها، ويحبّذ بالطبع استثمار قدرات كل بلد وطاقاته ونفوذه، ومنها الجمهورية الإسلامية. فلو تصرّفت الجمهورية الإسلامية هنا بسذاجة، ودخلت في لعبته، يعني أنها ملأت جدول أعماله، وأكملت خطّته، وهذا يعارض الاستقلال. والعملية هذه في ظاهرها لا تسلّم مقاليد الأمور في بلد لحكومة أو شخص، حتی نقول بأنه قد تبدّد استقلال البلد، ولكنها تقع علی الضدّ من الاستقلال السياسي.

والاستقلال الاقتصادي مهم أيضاً، ولكن أودّ أن أتعرض أولاً للشأن الثقافي والاستقلال الثقافي الذي أعتبره أهم منها جميعاً. والاستقلال الثقافي هو أن نختار في حياتنا، نمط الحياة الإسلامية - الإيرانية. ولقد أسهبتُ في الكلام بشأن نمط الحياة قبل عامين أو ثلاثة (12). ونمط الحياة يشمل الهندسة المعمارية، والحياة في المدن، وحياة الإنسان، والعلاقات الاجتماعية، وشتی المسائل الأخری. وتقليد الغرب والأجنبي في نمط الحياة، يقع بالضبط علی النقيض من الاستقلال الثقافي. ونظام الهيمنة يبذل جهوده في الوقت الراهن علی هذه القضية. فإن هندسة المعلومات، والأدوات الحديثة التي ظهرت في الساحة، كلها أدواتٌ للهيمنة علی ثقافة البلاد. ولا أريد بذلك القول بإخراج هذه الأدوات من حياتنا.. كلا، فإنها أدوات قد تكون مفيدة، ولكن ينبغي سلب سيطرة العدو منها. فمن أجل أن تتوافر لكم شبكات الإذاعة والتلفاز علی سبيل المثال، لا يمكنكم أن تضعوها بين يدي العدو، وهكذا هي الشبكة العنكبوتية، والفضاء الافتراضي، وأجهزة المعلومات وأدواتها، إذ لا يمكن وضعها بين يدي العدو، بيد أنها اليوم في حيازته، وهي وسيلة لنفوذه الثقافي، وأداة لهيمنته الثقافية.

والاستقلال الاقتصادي باختصار، هو عدم الذوبان في هاضمة اقتصاد المجتمع العالمي. ولكم أن تلاحظوا بأن الأمريكيين أنفسهم، وفي خضم قضايا ما بعد المفاوضات النووية، قالوا بأن التعامل النووي لا بد وأن يؤدي إلى دمج الاقتصاد الإيراني في اقتصاد المجتمع العالمي، ولكن ما هو المراد بالدمج؟ وما هو اقتصاد المجتمع العالمي؟ وهل أنّ اقتصاد المجتمع العالمي قائم علی نظام عادل منطقي عقلائي؟ أبداً. فالاقتصاد الذي رسم المجتمع العالميّ خطته، وانتشرت مظاهره المتنوعة في جميع أرجاء العالم، هو عبارة عن خطة ونظامٍ أسسته الطبقة الرأسمالية الصهيونية في غالبيتها وغير الصهيونية في نفرٍ يسير منها، للاستيلاء علی الموارد المالية في العالم بأسره.. هذا هو نظام المجتمع العالمي والاقتصاد العالمي. وأن يعمد بلدٌ إلی دمج اقتصاده في الاقتصاد العالمي، لا يعد فخراً، بل يمثّل خسارة وضرراً وهزيمة. كما أنهم كانوا يقصدون من العقوبات أيضاً هدفاً اقتصادياً، وهذا ما صرّح به الأمريكيون أنفسهم بأنهم فرضوا الحظر علينا من أجل شلّ الاقتصاد الإيراني. والآن حيث دارت المفاوضات النووية، وأفضت إلى نتائج معينة، نجد أن واحدة من أهدافهم في هذه القضية أيضاً هي الشأن الاقتصادي؛ أي ابتلاع الاقتصاد الإيراني بواسطة هاضمة الاقتصاد الدولي والعالمي الذي تتزعّمه أمريكا.

والاقتصاد المقاوم هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال الاقتصادي، ولذا أطلقنا علی هذا العام عنوان: «الاقتصاد المقاوم.. مبادرة وعمل». ولحسن الحظ فقد شرعت الحكومة المحترمة بالمبادرة والعمل، وأنجزت أعمالاً جيدة وفق التقارير التي قدّمتها لي. ولو واصلت طريقها بنفس هذه القوة وهذا الأسلوب، وتقدمت إلی الأمام حقاً، سوف يشهد الناس آثار الاقتصاد المقاوم بالتأكيد. فلا بد من إدراج كل القرارات الاقتصادية الكبری في إطار الاقتصاد المقاوم. ولا بد أن يتبيّن أن الاتفاقيات التجارية أو الصناعية التي نقوم بإبرامها مع البلد الفلاني علی سبيل الفرض، ما هو محلها من الاقتصاد المقاوم؟ فمن الخطأ أن نزعم بأن الازدهار الاقتصادي للبلد لا يتحقق إلا بالاستثمار الأجنبي. علماً بأن الاستثمار الأجنبي أمرٌ مطلوب، ولكنه يملأ خانة واحدة من خانات جدول الاقتصاد المقاوم. والأهم من الاستثمار الأجنبي، هو تفعيل الطاقات الذاتية والإمكانيات الداخلية. فإن لدينا الكثير من الطاقات غير الفعالة التي يجب تفعليها وتنشطيها، وهذا هو العمل الأهم. وذاك بالطبع ضروريّ إلی جانب هذا، ولكن لا ينبغي إناطة كل شيء بمجيء الأجانب إلی هنا لاستثمار أموالهم. وأحياناً يقال بأنهم يجلبون التقنيات الحديثة معهم، وهذا جيّد ولا ضير فيه، ونحن نوافق علی أن يجلبوا التقنيات الحديثة، ولكن إن جلبوها! وإن لم يجلبوها، فقد ذكرت بأن شبابنا الذين تقدّموا في تكنولوجيا النانو، وفي الطاقة النووية، وفي الصناعات التَقَنيّة المعقّدة، ودخلوا في الكثير من المجالات في عداد الدول الخمس أو الست أو العشر الأوائل في العالم، ألا يمكنهم إيصال آبار النفط لدينا إلی الإنتاج الأفضل؟ أو إصلاح مصافي البترول عندنا؟ أو قطاعات أخری نحتاج فيها إلی تقنية أجنبية حديثة؟ علماً بأننا نوافق فيما لو تم نقل التكنولوجيا خلال تعاملنا مع الأجانب، ولا نعارض هذا الأمر.

التفتوا إلی أن المحلّلين في الشؤون الاقتصادية والسياسية أخذوا اليوم في العالم يراهنون علی الاقتصاد المقاوم في بلدنا، فانظروا كم له من الأهمية والحساسية. حيث باتوا يتداولون الأمر ويراهنون علی أن الاقتصاد المقاوم الذي طُرح في إيران، هل سيؤتي ثماره أم لا! وهذا ينبئ عن مدی أهمية الموضوع. إذن فالاستقلال يرد بهذا المعنی. وهذا هو المؤشر الثالث الذي طرحناه.

والمؤشر الرابع هو الحساسية تجاه العدو. فلنعرف العدو، ولتكن لنا حساسيتنا تجاه تحركاته. وأولئك الذين كانوا في جبهات القتال إبّان الدفاع المقدس، يعلمون بأن هناك في المقرات أناسٌ كانوا يرصدون عبر أياديهم أدنی حركة للعدو، ويتحسّسون منها: فعلی سبيل الفرض، قام العدو اليوم بهذا التنقّل، فما هو السبب؟ ولماذا عمد إلی ذلك؟ فكانوا يبحثون عن العلل والأسباب. وهذه هي الحساسية تجاه تحركات العدو. فلنعرف العدو، ولنحدّد مخططاته، ولنكن حساسين تجاه أفعاله وأقواله وتصريحاته، ولنعدّ مضاداً للتسمّم في مواجهة السمّ الذي قد يدسّه، ولنكن جاهزين لإفشال حركاته. وهذه هي الحساسية تجاه العدو.

ولكن ما هي النقطة المعاكسة للحساسية؟ النقطة المعاكسة هي أن البعض يُنكر أساس وجود العدو. فإن تحدثنا عن وجود عدوّ يعادينا، قالوا: «إنكم تعانون من الوهم.. وهم المؤامرة». وباعتقادي طرح وهم المؤامرة بحد ذاته، يعتبر مؤامرة بنفسه، لأنه يحدّ من الحساسيات.. يقولون: «ما هو العدو؟ وأين هو العِداء؟»، ويُنكرون بذلك أوضح الأمور. ونقول بأن أمريكا عدوّة الثورة، والطبيعة الذاتية لنظام الهيمنة تقتضي أن يعادي نظاماً كنظام الجمهورية الإسلامية، لأن مصالحهما تختلف عن البعض الآخر 180 درجة. فإن نظام الهيمنة من أهل الخيانة، وإشعال نيران الحروب، وتأسيس وتنظيم الجماعات الإرهابية، وقمع المجموعات التحررية، وممارسة الضغوط علی المظلومين - كالفلسطينيين وأمثالهم -، وهذه هي طبيعة نظام الهيمنة. ولكم أن تنظروا إلی أنه منذ ما يقرب من مئة عام وأمريكا وبريطانيا يمارسان الضغوط علی الشعب الفلسطيني - سواء قبل تأسيس الكيان الصهيوني في عام 1948 أو بعده إلی يومنا هذا -.. هذه هي حركة نظام الهيمنة. غير أن الإسلام لا يستطيع أن يلتزم الصمت حيال ذلك، والنظام الإسلامي لا يمكنه أن ينظر إلی هذه الممارسات مكتوف اليدين.

إن نظام الهيمنة يدعم البلد الذي يمطر شعب اليمن بالقنابل بصورة مباشرة، وأمريكا تساعد علی قصف اليمن بالصراحة وبشكل مباشر، ولكن قصف أيّ المواقع؟ قصف جبهات القتال؟ كلا، بل قصف المستشفيات والأسواق والمدارس والساحات الشعبية العامة، ومع ذلك تساعدهم أمريكا. فالنظام الإسلامي لا يستطيع أن يمر علی هذه الأحداث من دون اكتراث. ومن هنا فهؤلاء يتخاصمان ويتعارضان في ذاتهما. فكيف يمكن إنكار هذا العِداء؟

إنّ أمريكا هي التي أطلقت انقلاب الثامن والعشرين من مرداد [19/8/1953] وأطاحت بالحكومة الوطنية، وأخذت تعادينا منذ انتصار الثورة وحتی يومنا هذا، وكانت قد أسست السافاك في عهد الطاغوت وهو جهاز لتعذيب الناس والمجاهدين، ودعمت عدوّنا في حرب الأعوام الثمانية أقصی حالات الدعم الممكن، وأسقطت طائرتنا المدنية، وقصفت منشأتنا النفطية، وفرضت علينا الحظر؛ أفلا يعدّ هذا عِداء؟

وأيما فردٍ أو تيارٍ يعمل للإسلام وباسم الإسلام، إذا ما وثق بأمريكا، فقد ارتكب خطأً كبيراً، وسيتلقی صفعته، كما حصل هذا بالفعل. ففي السنوات الأخيرة نجد التيارات الإسلامية، وتحت مظلة التفكير بالمصالح، والعقل السياسي - حيث يعبّرون عنه بالعقل -، والتكتيك - قائلين إنها حركة تكتيكية -، قد صادقوا الأمريكيين، ووثقوا بهم، فتلقّوا ضربتهم وصفعتهم، ومازالوا يعانون من مغبة عملهم. فكلّ من يسير باسم الإسلام وفي سبيل الإسلام، إذا وثق بأمريكا، فقد ارتبك خطأً كبيراً.

علماً بأن لدينا أعداء كبار وصغار، وأعداء يتسمون بالحقارة والدونية، بيد أن أساس العِداء يأتي من قبل أمريكا ومن قبل بريطانيا الخبيثة - وهي خبيثة حقاً، فإنه منذ زمنٍ بعيد، ومنذ أوائل نظام الطاغوت وحتی انطلاقة الثورة، وفي أيام النضال وما بعدها حتی انتصار الثورة وإلی يومنا هذا، دأبت بريطانيا علی معاداتنا باستمرار، وفي الوقت الراهن أيضاً وفي الذكری السنوية لرحيل الإمام الخميني، عمد الجهاز الإعلامي للحكومة البريطانية إلی نشر ما تسمی بوثيقة ضدّ إمامنا الجليل الطاهر المطهّر! ولكن من أين جاؤوا بهذه الوثيقة؟ من مستمسكات أمريكية! غير أن أمريكا التي تقوم بإسقاط طائرة مدنية يستقلها زهاء ثلاثمئة شخص، هل سترتدع عن تزوير الوثائق؟ هكذا هو عِداء البريطانيين - وكذلك من قبل الكيان الصهيوني المشؤوم السرطاني، فهؤلاء هم أعداؤنا الرئيسيون.

فلا بد من معرفة هذا العدو، وينبغي إظهار الحساسية تجاه ممارساته، بل وحتی لو قدّم لنا وصفة اقتصادية، يجب التعامل معها بحيطة وحذر. وذلك كما إذا قدّم لك عدوٌّ دواءاً، وقال لك تناوله لمعالجة المرض الفلاني، فإنك ستتوخی الحيطة والحذر، لأنه من المحتمل أن يكون قد دسّ السمّ في هذا الدواء. وكذلك وصفة العدو السياسية والاقتصادية، لا بد وأن يتم التعامل معها بحيطة وحذر. وهذه هي الحساسية تجاه العدو. علماً بأن هذه الحساسية لو توفّرت، لما بقي للتبعيّة أثر، وقد ذكرنا بأن عدم التبعية هو الجهاد الكبير بعينه. وهذا بدوره هو المؤشر الرابع.

والمؤشر الخامس والأخير، التقوی الدينية والسياسية، وهو غير التقوی الفردية التي هي الأخری ضرورية كذلك. فإن لدينا تقوی فردية، وهي أن نتجنّب - أنا وأنتم - الذنوب، وأن نصون أنفسنا، ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾(13)، وأن نعمل علی الابتعاد عن جهنم، وعن نار غضب الله.. هذه هي التقوی الفردية. والتقوی الاجتماعية - أو التقوی الإسلامية المرتبطة بالاجتماع - هي أن نبذل جهدنا في سبيل تحقق الأمور التي طالبنا الإسلام بها. فإن جميع المبادئ التي ذكرناها، هي مبادئ إسلامية؛ أي أن القضية ليست مجرد حساب عقلائي. وقولنا بضرورة التمسك بالمبادئ والأهداف، ووجوب تحقيق العدالة الاجتماعية، ودعم المحرومين، ومساندة المظلومين، ومواجهة الظالمين والمستكبرين وعدم الرضوخ لهم، هي كلها مطالبات إسلامية، قد طالبنا الإسلام بها، وليست مجرد حسابات عقلائية وإنسانية، وإنما هي وظيفة دينية. وكلُّ من يفصل هذه الأمور عن الإسلام، فهو لا يعرف الإسلام. وكلُّ من يُبعد حوزة الإسلام المعرفية والعملية عن بيئة حياة الناس الاجتماعية والسياسية، فهو جاهل بالإسلام لا محالة. إذ يخاطبنا القرآن قائلاً: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾(14)، عبودية الله وهي التسليم أمام الله، واجتناب الطاغوت، ويقول في آية أخری: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾(15). هذه هي أوامر قرآنية. ونحن حيث نوصي أنفسنا وشعبنا وشبابنا ومسؤولينا بالشعور بالمسؤولية تجاه هذه الأمور، فهي ليست مجرد توصيات عقلائية وسياسية، وإنما هي مطاليب دينية، ومراعاتها تؤدي إلی التحلي بالتقوی الدينية. إذن فهذه هي التقوی الدينية، والتقوی السياسية تنضوي تحت لوائها، فلو تحققت التقوی الدينية، ستتحقق التقوی السياسية إلی جانبها أيضاً. والتقوی السياسية تعني ابتعاد المرء عن المزالق التي يستطيع العدو استغلالها.

وفي الختام أودّ أن أوصي ببعض الوصايا. إنّ الإمام الخميني يعتبر في خارطة الطريق التي ذكرناها، قدوة وأسوة كاملة حقاً. وهو يقف علی القمة في جميع هذه المؤشرات. فلقد عاشرنا الإمام لسنوات طويلة وبأشكال مختلفة، سواء حين كان يمارس التدريس في قم، أو حين تم نفيه إلی النجف، أو حين تسلّم مقاليد الحكم وجلس علی قمة السمعة السياسية الدولية، وشاهدنا الإمام في جميع هذه الحالات، والحق يقال أنه كان يتسم بأعلی الدرجات في جميع هذه المؤشرات التي ذكرناها. فأولوا اهتمامكم بأقوال الإمام وأفعاله، وقوموا أيها الشباب الأعزاء بمطالعة صحيفة الإمام ووصيته والأنس بها والتعمّق فيها.. هذه هي التوصية الأولی.

والتوصية الثانية هي أننا اكتسبنا تجربة في خضم المفاوضات النووية، فلا ينبغي لنا نسيانها. وهذه التجربة هي أننا حتی لو تنازلنا، فإن أمريكا لن تقلع عن دورها المخرّب الهدّام، وهذا ما جرّبناه في المفاوضات النووية. فقد اجتمعنا مع دول 5+1 وتفاوضنا معهم، بل وحتی مع الأمريكيين في اجتماع منفصل، لمعالجة القضية النووية، فتوصّل إخواننا بمساعيهم الدؤوبة إلی نقاط مشتركة ونتائج محددة، وتعهّد الجانب الأمريكي أيضاً بجملة من التعهدات، فعملت الجمهورية الإسلامية بتعهّداتها، بيد أن الجانب الآخر الذي ينقض الوعود وينكث العهود ويسيء المعاملة أخذ بالنكول عما وعده، وهذا ما فعله حتی الآن. وهي تمثل تجربة. علماً بأن الكثير كانوا علی معرفة بذلك قبل هذه التجربة أيضاً، ولكنّ بعض أولئك الذين كانوا لا يعرفون، عليهم أن يعرفوا حالياً بأنكم إن تفاوضتم وتباحثتم مع أمريكا في أي ملف آخر، وتراجعتم وقدمتم التنازلات، فإنها سوف تحافظ علی دورها التخريبي الهدّام، في جميع القضايا، بما في ذلك حقوق الإنسان، والصاروخ، والإرهاب، ولبنان، وفلسطين. ففي أي قضية تنازلتم - علی فرض المحال - عن مبادئكم وأسسكم وأعرضتم عنها، فاعلموا أنها لا تتنازل، وستخوض الساحة بادئ الأمر بالكلام والابتسامة، ولكنها في مرحلة العمل، ستنقض الوعد في إنجاز ما تعيّن عليها إنجازه، وسوف لا تلتزم بتعهداتها، وهذه تجربة للشعب الإيراني فاغتنموها.. هذه هي التوصية الثانية.

والتفتوا إلی التوصية الثالثة، وعندها لربما ستعيدون النظر قليلاً في بعض الشعارات. التوصية الثالثة هي أن لا تزعزعوا الاتحاد القائم بين الحكومة والشعب. فإنك قد تعجبك حكومة، ولا تعجبك حكومة أخری، والآخر قد لا تعجبه تلك الحكومة، وتعجبه هذه الحكومة، وهذا أمرٌ ممكن، ولا ضير فيه. فالمنافسات الانتخابية في محلها، والاختلاف في الآراء في محله، بل وحتی الانتقاد أيضاً في محله، ولكن يجب علی الحكومة والشعب أن يقفا جنباً إلی جنب، وهذا يعني أنه إذا طرأت في هذه المملكة حادثة تهدّد البلاد، یجب علی الحكومة والشعب أن يتعاضدا ويتآزرا لمواجهتها. فلا تعملوا علی إثارة الشقاق والشحناء، وحافظوا علی الوحدة بين الحكومة والشعب، وهذه هي واحدة من توصياتي في جميع الحكومات التي كنتُ قد تقلّدتُ المسؤولية في زمانها بعد رحيل الإمام، رغم اختلافها في سياساتها وفي توجهاتها. فعلی الشعب أن يواكب الحكومة ويسايرها ويحافظ علی الوحدة معها، وهذا لا يتنافی مع الانتقاد أو الكلام أو المطالبة، وهي أمورٌ لا إشكال فيها، والمنافسات الانتخابية أيضاً في محلها. كما يجب علی السلطات الثلاث - الحكومة والمجلس والسلطة القضائية - كذلك أن تتوحد فيما بينها، وهذا أيضاً لا يتعارض مع قيام المجلس بواجباته تجاه الحكومة، والعمل بوظائفه المصرّح بها في الدستور، من السؤال، والمطالبة، وسنّ القوانين، والاستجواب، وأمثال ذلك، ولكن يجب علی السلطات أن تتكاتف مع بعض، وأن تقف في قضايا البلاد الأساسية تحت مظلة واحدة، وهذا واجب الجميع، بما فيهم القوات المسلحة، وأبناء الشعب. إذن هذه هي توصيتنا الثالثة. فلا تسمحوا للمشاعر الشخصية أو الفئوية أو مطلق المشاعر والأحاسيس، أن تتغلّب علی المنطق. فالمنطق يقضي بأن يشعر العدوّ بوجود التلاحم والتكاتف في هذا البلد، إذا ما شاهد أوضاعه عن بعد. وأما أن تُطلق كلمات يُستقی منها وجود تخاصم وثنائية في التيارات والتوجهات والقطبية في داخل أبناء الشعب أو داخل مجموعة النظام، فهذا ما يلحق الضرر بالبلاد.

والتوصية الرابعة هي أن مواجهة أمريكا، تمثل الوقوف أمام جبهة. فإن هناك جبهة تقف أمريكا في قطبها ومركزها، إلا أن امتداداتها تمتدّ إلی أماكن أخری، بل وحتی تمتد إلی داخل البلد أيضاً، فلا تغفلوا عن ذلك. ومراقبة تحرّكات أمريكا العِدائية، تعني أن تراقبوا هذه الجبهة بأسرها. واعلموا أن العداء والخصام لا يصدر من قِبَل الجهاز الأمني في أمريكا وحسب، بل قد تكون لهذا الجهاز الأمني أصابع تظهر بصورة حكومات إقليمية أو بصورة أخری.

والتوصية الخامسة هي ضرورة أن تكون المسافات والخطوط الفاصلة مع العدو ملحوظة وبارزة. فلا تسمحوا لأن تتضاءل الخطوط الفاصلة مع العدوّ الذي يعادي الثورة والنظام والإمام الخميني. فإن بعض التيارات الداخلية قد غفلت عن هذه النقطة، ولم تحافظ علی الخطوط التي تميزها عن العدو، حتی آلت إلی الضعف والتضاؤل. وحال هذه القضية حال خطوط البلد الحدودية التي إن أُزيلت، قد تؤدي إلی أن يدخل من ذلك الجانب أحدٌ إلی هذا الجانب خطأً، وأن يذهب من هذا الجانب أحد إلی ذلك الجانب خطأً، فحافظوا علی الخطوط الحدودية.

والتوصية السادسة والأخيرة هي أن تعتمدوا وتثقوا بوعد الله القائل: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾(16). واعلموا أيها الشعب العزيز، وأيها الشباب الأعزاء، بأنكم أنتم المنتصرون رغم أنف العدو.

إلهنا! احشر إمامنا العزيز مع أوليائه.

إلهنا! احشر شهداءنا الأعزاء مع شهداء صدر الإسلام.

إلهنا! أسبغ هدايتك وتأييدك وتسديدك علی كل من يخدم هذا البلد في أي مكان وبأي زيّ وشكل.

إلهنا! اجعل القلب الأقدس لولي العصر عنّا راضياً، واجعلنا من المشمولين في أدعيته.

إلهنا! اجعل أقوالنا وأفعالنا لوجهك وفي سبيلك، وتقبّلها منا بكرمك.

إلهنا! بحق محمد وآل محمد، اجعل محيانا ومماتنا في هذا السبيل.

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته‌

 

 

الهوامش:

1- اقبال الأعمال، ص 687، المناجات الشعبانية.

2- نفس المصدر.

3- سورة التوبة، جزء من الآية 61.

4- سولرة القلم، الآية 4.

5- سورة آل عمران، جزء من الآية 159.

6- شعار الحضّار ودعوة سماحة آية الله الخامنئي للإستماع لكلمته.

7- سورة آل عمران، الآية 173.

8- العمل بتوجيهات الإمام الخميني (رض).

9- من خطاب سماحته خلال إستقباله رئيس واعضاء مجلس خبراء القيادة (2016/05/26).

10 – سورة هود، جزء من الآية 112.

11- سورة فصلّت، جزء من الآية 30.

12- من خطاب سماحته في حشود شباب محافظة خراسان الشمالية (2012/10/14).

13- سورة التحريم، جزء من الآية 6.

14- سورة النحل، جزء من الآية 36.

15- سورة النساء، الآية 76.

16- سورة محمّد، جزء من الآية 7.