موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

كلمة قائد الثورة الإسلامية المعظم خلال لقائه قادة ومنتسبي قوات التعبئة من أرجاء البلاد بمناسبة أسبوع التعبئة (1)

 

بسم الله الرحمن الرحیم

والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیّدنا محمّد وآله الطاهرین، سیّما بقیّة الله في الأرضین، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین.

يعتبر اجتماعنا هذا في غاية الحسن والحلاوة. وقد فاح في الأرجاء أريج الروح التعبوية. واستفدنا واستمتعنا من كلمات هؤلاء الأعزاء الذين بيّن كلّ واحد منهم بنحو من الأنحاء حقيقة عذبة هامة. والكلام معكم أنتم التعبيّون الأعزاء من الشباب والبنين والبنات طويل.

سوف أستعرض اليوم بضعة نقاط تخصّ التعبئة، ولكن قبل ذلك أودّ أن أستهلّ حديثي بما يناسب هذه الأيام وهذه المسيرة العظيمة والرائعة التي تعدّ حقاً ظاهرة تأريخية كبرى. في مثل هذه الظواهر التي غالباً ما يشاهد المرء أنه لم يتم الترويج لها إعلامياً، ولكنها فجأة تبرز أمام الأنظار، تتجلى فيها يد القدرة الإلهية أكثر من أي موطن آخر، ومن الأمثلة على ذلك نفس الثورة الإسلامية، فإن حالات الكفاح والنضال السابقة محفوظة في محلها، ولكن الذي حدث هو تواجد جماهيري واسع على مدى سنة ونصف تقريباً في بلدٍ كبير كبلدنا. فإنّ نفس الشعار الذي كان يُطلقه أهالي طهران، بات يهتف به المتظاهرون في القرية الفلانية النائية أيضاً. ولذلك قال الإمام الخميني يومذاك - كما بلغنا - سوف تنتصر هذه الثورة، إذ قد تجلّت فيها مؤشرات حضور يد القدرة الإلهية. وفي وقتٍ آخر أيضاً قال سماحته لي شخصياً: لقد رأيت على مدى هذه الثورة وبصورة مستمرة يداً مقتدرة من وراء هذه الحركة الشعبية الهائلة.. هكذا هي الحركات الجماهيرية. والحال ذاته يجري في قضية اقتحام وكر التجسس، وفي القضايا الأخرى التي توالت على البلد بعد ذلك، وفي حادثة التاسع من شهر دي (2009/12/30) التي حدثت مؤخراً، وفي مسألة الاعتكاف أيضاً؛ هذه ظواهر لم يُروَّج لها ولم يُبذَل لتحقيقها أيّ جهد.

ولكم أن تلاحظوا كم يبذلون جهوداً إعلامية في العالم من أجل أن يجمعوا عشرة آلاف أو خمسين ألف شخص، ولا يتحقق ذلك في نهاية الأمر. وهنا رغم كثرة الحواجز والموانع، ينطلق من إيران فقط مليونا شخص للسير مشياً على الأقدام مسافة ثمانين كليومتر - للمشي لا للالتذاذ والاسترخاء في الفنادق - وأضعاف هذا العدد أيضاً من العراق ومن سائر البقاع والأصقاع للاتجاه نحو كربلاء.. إنها حادثة وظاهرة إلهية، تدلّ على أنّ هذه المسيرة هي مسيرة العشق والمحبة المترافقة مع البصيرة؛ فإنه ليس عشقاً جنونياً، وإنما هو عشق يتلازم مع البصيرة، كما هو عشق الأولياء وحبّهم لله؛ «اَللٰهُمَّ ارزُقني حُبَّكَ وَحُبَّ مَن یُحِبُّكَ وَحُبَّ کُلِّ عَمَلٍ یوصِلُني إِلیٰ قُربِك» (2)، فإن هذا الحب والعشق يرافق البصيرة، حيث [يسير المرء في هذا المسير] عن وعي وإدراك، وهذه الجاذبية والمغناطيسية هي التي تجذبه إليه. إذن فالإنجاز إنجاز عظيم والظاهرة ظاهرة كبرى.

إنني أولاً أرحب بأولئك الذين حالفهم التوفيق للذهاب، وأسأل الله أن يتقبل عملهم هذا، وأغتبطهم على هذا الأمر لأنهم وُفِّقوا إليه ونحن حُرمنا منه. وأتقدم [ثانياً] بشكري لشعب العراق على ضيافته ومحبته وتمكّنه من إدارة هذه الحشود الغفيرة خلال بضعة أيام. فالحادثة في غاية الأهمية.

ولكن ما هي النتيجة التي نستخلصها من ذلك؟ هذا ما أريد قوله بأن مثل هذه الأحداث التي تشاهدون وراءها يد القدرة الإلهية بكل وضوح وتشهدون بركاتها، تحتاج إلى شكر. فإن شكرنا تبقى وإن لم نشكر تُسلب. ولو لم يكن الشعب الإيراني قد شكر الثورة لافتقدها، كما اندلعت ثورات في بعض بلدان العالم الأخرى، ولكن [الثوّار] لم يكونوا يعرفون شكرها، فسُلبت من أيديهم، ولم تُسلب منهم وحسب، بل تراجعوا لمدة عشرين أو ثلاثين عاماً. بيد أنّ الشعب الإيراني شكر [نعمة الثورة الإسلامية]. والشكر لا يتلخّص في أن يقول المرء: «شكراً لله»، أو أن يسجد شكراً، بل يكمن الشكر في أن يعمل الإنسان بلوازم هذه النعمة. والشعب الإيراني عمل بذلك، ففي الساحات التي تحتاج إلى تواجد تواجدوا، وفي المواطن التي تتطلب تضحية قدّموا التضحيات، وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأعزاءهم وأولادهم وماء وجههم وكرامتهم، وجاؤوا بكل هذه إلى الميدان. ولا أريد القول بأنّ الشعب الإيراني قام بذلك فرداً فرداً، إلا أن جموعاً غفيرة وأغلبية لا يستهان بها قد انتهجت هذا النهج، فاستجاب لهم الله سبحانه وتعالى وحفظ لهم هذه الثورة. فأصبحت الثورة في هذا اليوم أكثر قوة واقتداراً من يوم انتصارها، وأقدر على التخطيط والبرمجة لمستقبلها.

فاشكروا [الله على الحضور] في هذه المسيرة. ومن شكرها أن تحافظوا في أنفسكم على تلك المعنويات والحالات التي شاهدتموها أو تلمّستموها خلال أيام مشاركتكم القليلة في هذه المسيرة، وعلى تلك الأخوّة، وذلك التحابب والتوادد، وذلك التوجه إلى الولاية، وذلك الاستعداد لتحمّل المشقّة، وترجيح بذل الجهد والتعرّق والسير مشياً على الراحة والدِعة. وهذا ما يجب متابعته في جميع شؤون الحياة، وبهذا يتحقق الشكر.

ومن شُعَب الشكر وفروعه أن نقوم بتسهيل الأمر على العاشقين لهذا العمل، وهذا واجبٌ في أعناق المسؤولين على مختلف قطاعات البلد. فليقوموا بأعمال وقائية وليحولوا دون وقوع الأحداث التي أحياناً ما تقع.

على أيّ حال ينبغي لنا تثمين هذه النعمة العظيمة. وبإذن الله ستبقى نعمة خالدة، وستكون للشعبين الإيراني والعراقي مبعث عزة ومجد وفخر. علماً بأنّ هناك في العالم من يحاول إخماد هذا المصباح المتوهجّ والصدّ عن رؤيته أو تحريفه، ولكنهم لا يُفلحون في كلا الأمرين. فإن واصلتم هذه الحركة، ستتجلى الحقيقة لا محالة.

وأما الموضوع الرئيسي الذي أتناوله في هذا اليوم يتعلق بقضية التعبئة. لقد كانت التعبئة واحدة من تلك الظواهر المذهلة في فترة الثورة، حيث أُلهم الإمام الخميني العظيم من قِبَل الله للمبادرة إلى هذا الأمر، فأعلن تأسيس جيش العشرين مليون تعبوي، وتشكّلت منظمة التعبئة، وكان إنجازاً عظيماً. ولكن ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ الله سبحانه وتعالى علّم الإمام الجليل وألهمه بأن يوكل مصير الثورة إلى الشباب بأسرهم، لا إلى شباب ذلك اليوم. وحين نزل الشباب إلى الساحة، نقلوا هذه الأمانة التي أوكلت إليهم، وهذه الثقة التي حصلت بهم، إلى بعضهم الآخر، وأخذت تتناقلها الأيدي على مرّ الزمان، وهذا ما تحقق بالفعل. إذ لعل تسعين بالمئة منكم أنتم الحاضرون في هذا المجلس لم يشهد عهد الإمام ولم يره ولم يُدرك الحرب، ولكن المعنويات هي ذاتها. وهذا لم أستلهمه من الكلمات التي صدرت هنا من هؤلاء الشباب الأعزاء، وإنما أنا على اطّلاعٍ بذلك وعلى تواصلٍ مع الشباب. فإن المعنويات التي يتسم بها شبابنا في هذا اليوم هي نفسها التي كان يتصف بها الشباب في ذلك اليوم، مع هذا الفارق أن أولئك كانوا يعيشون في وسط غمغمة الثورة، واليوم تختلف الظروف، بيد أن المعنويات ذاتها متوافرة في نفس الوقت. والفارق الآخر هو أن البصيرة والوعي والتجربة التي يتسم بها شباب اليوم، لم يكن لها وجود في ذلك اليوم، وهذا يعني أننا تقدّمنا. فقد أحال الإمام مصير الثورة إلى الشباب، وكل شريحة شابة وكل جيلٍ عندما يتجاوز مرحلة الشباب ويتقادم في العمر، يسلّم في الحقيقة هذه الأمانة إلى الجيل الشاب الذي يأتي من بعده، وهذه السلسلة لا تنقطع.

علماً بأن ما نقوله من أن الإمام قد أحال حفظ الثورة وصيانتها إلى الشباب، لا يعني أنّ غير الشباب لا يتحمّلون هذه المسؤولية، فإن الجميع مسؤولٌ؛ من الشيخ الكبير البالغ من العمر ثمانين عاماً فما فوق إلى الشابّ الصغير، ومن الرجال إلى النساء، ومن النخب إلى غير النخب، فإن أبناء هذا الشعب وهذا البلد بأسرهم مكلّفون بحفظ ثورتهم، وهذا واجبٌ في أعناقنا جميعاً، بيد أنّ الشاب مقدام ومُحرِّك. ولولا الجيل الشاب وإرادته ومبادرته، لتوقّفت الحركة. ولا يمكن استثمار آراء الكبار وأفكارهم وتجاربهم إلا بوجود حركة شبابية، لأنّ الشباب هم رادة هذه الحركة. إذن فإن الإمام قد خاطبكم أنتم الشباب الذين لم تشهدوه، وتكلّم معكم، وتحدّث إليكم، فارجعوا إلى كلماته وخطاباته.. هذه نقطة.

والنقطة الأخرى هي أنّ الحركة التعبوية في بلدنا منتصرة لا محالة. والشرط الأساس في هذا الانتصار هو أن نعتبر التقوى وحُسن الأداء واجبنا جميعاً - شيباً وشُبّاناً - بما في ذلك التقوى الفردية والتقوى الاجتماعية والجماعية، ولكلٍّ منهما مفهومه ومعناه، ولقد تناولت الحديث بشأن التقوى الجماعية ولا أروم تكرار ذلك. إذن فالتقوى مسألة ضرورية، والواجب عليكم مراقبة أنفسكم في الجانب الفردي والجماعي. ولو تحقق ذلك، يقول الله: ﴿إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ (3)، وأن يكون الله مع جماعةٍ، تعتبر قضية بالغة الأهمية.

ولأضرب لكم مثالاً من القرآن ومن التأريخ القرآني: لقد كلّف الله سبحانه وتعالى موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون، وكان عملاً جبّاراً، وهو أن ينطلق رجلان وحيدان لمجابهة ومواجهة قوة عظمى في ذلك اليوم، حيث كانت القوة الفرعونية في غاية العظمة من الناحية السياسية والاجتماعية وحتى من حيث النفوذ في أوساط الناس والهيكلية الإدارية - فإن لهذه السلطة تفاصيلها وجزئياتها - وكان فرعون إنساناً عجيباً مقتدراً مستبداً فعالاً لما يشاء، يتمتّع بإمكانيات هائلة، وإذا يكلّف الله تعالى رجلين أن اِذهبا إلى فرعون لمناهضته ومحاربته. فخاطب النبي موسى ربه قائلاً: إننا نخاف أن يقتلنا فتبقى مهمّتنا ناقصة - ولم يكن خوفهما من القتل، وإنما قالا مخافة أن يبقى العمل ناقصاً -، ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى﴾. لاحظوا هذه هي المعية الإلهية: ﴿إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى﴾ (4). فأن يقول الله: ﴿إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا﴾ - حيث ذكرتُ بأننا لو اتسمنا بالتقوى سيكون الله معنا - هذه المعية الإلهية تعني أنه يمكن إرسال رجلَين وحيدَين بيد عزلاء إلى مقارعة [طاغية] كفرعون.

وفي موضع آخر - علماً بأن هذه القضية قد تكررت في القرآن الكريم، ولكني سأشير إلى مورد واحد - عندما آل أمر النبي موسى إلى المجابهة والمعارضة العلنية، جمع بني إسرائيل، وسار بهم في وقت السحر - في غرة الصباح أو منتصف الليل - إلى خارج المدينة ليفرّوا ويتخلّصوا من فرعون، وحين أشرق الصباح واندلع النهار، وصل الخبر من خلال عيون فرعون أنّ بني إسرائيل أفرغوا المدينة وخرجوا منها، فارتبك فرعون متصوّراً أنّهم سيجتمون في مكان آخر ويصنعون خلية لهم، ولذا أمر بتجييش الجيش، وانطلق وراءهم، ولا أعلم متى تحرّك هذا الجيش، لربما بعد يوم أو يومين أو أقل أو أكثر. بيد أنّ [أصحاب موسى] كانوا يشكّلون مجموعة من الرجال والنساء والأطفال ويسيرون مشياً على الأقدام من غير عُدة، [وفي المقابل كان جيش فرعون] يسير بتجهيزاته وجنوده وخيله وعُدّته الكاملة، ومقتضى ذلك بطبيعة الحال أن يصلوا إليهم بسرعة، ووصلوا بالفعل. فارتبك أصحاب موسى حين رأوا جيش فرعون من بعيد وهو قادم نحوهم. يقول القرآن في سورة الشعراء: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾؛ أي جمع النبي موسى الذي يتجه إلى الأمام، وجمع فرعون الذي كان يسير من وراءهم، عندما رأى بعضهم الآخر، واقتربا لدرجة مكّنتهم من رؤية بعضهم بعضاً، ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ (5)؛ فقد أصاب بنو إسرائيل الذين كانوا مع موسى الرعب، وقالوا يا موسى! سيصلون إلينا، ويقبضون علينا، ويقتلوننا عن بكرة أبينا. ماذا أجابهم موسى؟ قال لهم موسى في جوابهم: ﴿كَلَّا﴾، لن يحدث ذلك أبداً، لماذا؟ ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾، هذه هي المعية؛ ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (6). فانظروا كم لهذه المعية الإلهية من أهمية. ولذا لابد من معرفة قدر هذه المعية في قوله: ﴿إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ (7). ولو استطعنا أنا وأنتم أن نحافظ على هذه المعية الإلهية، فاعلموا! لا أمريكا، بل لو كان هناك في العالم من يمتلك عشرة أضعاف قوة أمريكا، سيُقهر أمام القوة التي يكون الله معها.

أودّ الآن أن أستعرض عدة محاور ترتبط بالتعبئة. فإنّ لكم أنتم الإخوة والأخوات مسؤوليات في قطاعات مختلفة من منظمة التعبئة، وكلّ واحدٍ من هذه المحاور يحتاج إلى شرح وتوضيح - ولكن لا الوقت يسعفنا ولا المجال يسمح بذلك - وإلى برمجية ومنهجية. فإنّ عليَّ سرد المحاور، وعليكم الباقي.

المحور الأول، هو أنّ التعبئة ليست مجرّد حركة عاطفية، وإنما تستند إلى الفهم والمعرفة والبصيرة. هذه هي حقيقة التعبئة، ولابد أن تمضي قُدماً بهذا الاتجاه؛ ذلك أنّ العاطفة لوحدها تتغيّر بأدنى شيء. ففي بداية الثورة كان البعض يدخلون في عداد الذين يواكبون الثورة بكل حماس وهياج ولكن من منطلق العاطفة، لا من منطلق المعرفة الدينية العميقة. وكان لديّ تواصلٌ مع عدد منهم، وأعرف بعضهم في الجامعة وغيرها، حيث كانوا لا يتمتعون بعمق ديني. والنتيجة أنهم انحرفوا عن مسيرة الثورة عبر التردّد على بعض من كان له انحراف عن الثورة - وخصوصية الانحراف أنه يبدأ بشيء قليل جداً، وكلما سار المرء على امتداد هذا الخط، تباعدت المسافة وتوسّعت الدائرة - ووقفوا في النقطة التي تقابل الثورة. بيد أن التعبئة مقرونة بالبصيرة. وهذا هو السبب الذي دعاني إلى التأكيد على البصيرة في سنة 2009 [حيث اندلاع الفتنة التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية]، ما أدى إلى أن يستاء البعض، وتثور ثائرتهم، ويأخذون بالسخرية والاستهزاء وسوء القول وكتابة المقالات بأن فلاناً لماذا يتحدث عن البصيرة. فإنّ من المهم التحلي بالبصيرة والفهم والمعرفة.

الثاني أن التعبئة ليست فئوية، ولا تنتمي إلى التيارين أو الثلاث أو الأربع السياسية في داخل البلد. وإنما هي جيش الثورة وملك الثورة. ولو كانت هناك ثنائية، فهي ثنائية الثوري والمعادي للثورة - وحتى غير الثوري أيضاً يمكن جذبه واستقطابه، فإني أؤمن بحالة الاستقطاب القصوى، ولكن بأساليبه المعيّنة، لا أن نقوم بأي فعلٍ بغية استقطاب أكبر عدد ممكن – [إذن فهي ثنائية] الثورة ومعاداة الثورة. وعلى هذا فكلّ تيّار أو شخصٍ يؤمن بالثورة ويخدمها وينتهج نهجها، يكون مؤيَّداً من قبل قوات التعبئة. وهذا يعني ألّا نعتبر التعبئة تنضوي تحت لواء هذه الفئة أو تلك، من بين الفئات والتيارات المتواجدة في داخل البلد، وإنما هي بحدّ ذاتها تمثل تياراً ونهراً عظيماً يجري باتجاه أهداف الثورة.

النقطة الأخرى هي أنّ التعبئة تحتاج إلى توسّع وتنمية، وهذا يعني ضرورة أن تتواجد فيها مختلف شرائح الشعب، وهو ما يعبّر عنه بتعبئة الشرائح. فلابد أن يدخل فيها الجميع من التلميذ والطالب الجامعي والعامل وأستاذ الجامعة والتاجر والحقوقي ووو. وهذه الدائرة الوسيعة تشكل صورة أفقية. ولكن شريطة أن يتم التنسيق فيما بينهم. فإن من الأمور الضرورية التي أوصي بها والتي يجب إنجازها - وأقولها هنا للمسؤولين الحاضرين أيضاً - هي إيجاد آلية قطعية للتناسق والتعاون وتظافر الجهود في هذا النطاق الأفقي الواسع. إذن فللتعبئة خطٌّ أفقي؛ هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن التعئبة بحاجة إلى لجانات مفكّرة، وإلى هداية عامة، وهذه الهداية تشكّل خطاً عمودياً، وسأفصّل الكلام بشأن هذه الهداية ودورها لاحقاً. ومن هنا فالتعبئة تنطوي على خطّ أفقي وخطّ عموديّ كذلك. لا مثل المؤسسات العسكرية المتداولة أو التشكيلات الإدارية التي تعتبر خطاً عمودياً صرفاً، ولا مثل المجموعات الخدمية الشعبية التي تعدّ خطاً أفقياً محضاً. بل تشتمل على خط عمودي وخطّ أفقي أيضاً؛ ويعتبر كلّ منهما ضرورياً لمنظمة التعبئة بنحو من الأنحاء.

والنقطة التالية هي أنّ التعبئة تجسيد لسيادة الشعب الدينية. نحن حين نتحدث عن سيادة الشعب الدينية والإسلامية، يتصوّر البعض أنّها تتلخص في صناديق الاقتراع والانتخابات، إلا أنّ هذه هي واحدة من مظاهرها. فالسيادة الشعبية تعني أنّ الناس هم الذين يسودون الحياة في المجتمع على أساس الدين والإسلام.. هذه هي السيادة الشعبية الإسلامية. والتعبئة في جميع الساحات مظهر سيادة الشعب الدينية والإسلامية. فإن نزلت التعبئة إلى الساحة الاقتصادية، سيكون الاقتصاد قائماً على أساس السيادة الشعبية، وهذا هو نفس ما صرّح به السادة هنا، وهو صحيح بالكامل. ولو استطاع الاقتصاد المقاوم الذي طرحناه أن يستثمر طاقات التعبئة وقدراتها، سيكون اقتصاداً مقاوماً مبنيّاً على سيادة الشعب، والأمر ذاته يجري في العلم، وفي التطورات الاجتماعية المختلفة، وفي السياسة. فإن التعبئة هي المظهر لسيادة الشعب الدينية.

والنقطة الأخرى تحوم حول اللجانات المفكّرة التي أشرنا إليها، وأنا أصرّ على ألّا أستخدم مصطلح «غرفة العمليات» الذي يستعمله الأوروبيون. فإن غرفة العمليات تعبير غربي، والسادة هنا يجتمعون ويترجمون المفردات الغربية إلى الفارسية ترجمة حرفية، ثم يستخدمونها بافتخار على الدوام؛ كلا، نحن نمتلك لغة، ونصنع المصطلحات. و[مصطلح] «اللجانات المفكرة» أبلغ بكثير من «غرفة العمليات».

نحن بحاجة إلى لجانات مفكّرة، في أين؟ في نقطتين: الأولى في القمة، والثانية في الطبقات، والطبقات المختلفة لقوات التبعئة كثيرة. فإنّ ما قاله هؤلاء الشباب هنا بأن قلوبنا تهفوا [للذهاب إلى ساحات الجهاد] فابعثوا بنا، ولـِمَ لا تفلعوا ذلك، يدخل ضمن الحرب الصلبة. [ونحن بحاجة إلى هذه اللجانات] بدءاً من الحرب الصلبة التي تحتاج إلی لجنة مفكرة لرسم وتعيين حدود هذا العمل، وتحديد أنه من يذهب ومتى يذهب وكيف يذهب؛ إلی الحرب الناعمة التي تغطي ساحة وسيعة جداً، وهي عبر اتساع الفضاء الافتراضي في توسّع متزايد، وتفوق الحرب الصلبة خطورة بكثير، ففي الحرب الصلبة، تتضرّج الأجسام بدمائها، وتطير الأرواح إلی الجنة، وفي الحرب الناعمة إذا ما تغلّب العدوّ لا قدّر الله، تنتعش الأجسام وتبقى سالمة، وتسقط الأرواح في قعر جهنهم؛ هذا هو فرقها، ولذلك فهي أخطر بكثير، وهي الأخری بحاجة إلى لجنة مفكرة أيضاً؛ إلى البناء والإعمار التي تمارسه التعبئة في بعض الأماكن؛ إلى تقسيم المهام الجغرافية الذي يُطلق عليه بالتخطيط الإقليمي، ففي ناحية من نواحي البلد تستطيع قوات التعبئية أن تقوم بعمل معيّن وفي ناحية أخرى إما أنها لا تستطيع أو لا حاجة فيها إلی القيام بذلك، فلابد أن يتم إنجاز هذا العمل بذكاء وحنكة وهذا ما يتطلب وجود لجنة مفكرة. فإن كلّ واحدة من هذه الطبقات المختلفة وغيرها تحتاج إلى لجانات مفكرة.

بالإضافة إلى هذا، نحن نحتاج إلى لجنة مفكرة في أعلى مستويات منظمة التبعئة، من أجل أن تقوم لكل المنظومة التعبوية بوضع البرامج والخطط العامة - وهنا أيضاً لا أرغب في استخدام كلمة استراتيجي، [بل أقول:] مخطِّط؛ واضع للخطط -. فإننا بحاجة إلى مجموعة مخطِّطة يقتصر عملها على التخطيط، وهذا هو من أهم الأعمال. حالها حال المخططين العسكريين - وعلى حدّ تعبيرهم الاستراتيجيين العسكريين - المتواجدين في جميع أرجاء العالم، والذين يجتمعون لتقرير مصير الحرب وتحديد الشؤون العسكرية. فإن هذه من المسائل الضرورية التي يجب إنجازها، ولو قمنا بها، فإنك أينما كنت تمارس عملك في المنظومة التعبوية الكبرى - سواء في حلقات الصالحين، أو في السائرين إلى النور، أو في الثانويات، أو في الجامعات، أو في البيئات العمالية، أو في المساجد - ستعلم أنك عضواً نشيطاً من مجموعة حكيمة هادفة تحثّ الخطى نحو الأمام، وسيتولّد فيك هذا الشعور. ولا أقول كأحد أعضاء البدن، لأن أعضاء البدن، وإن كانت في حركة، ولكنها أسيرة الدماغ، فإن الدماغ هو الذي يقول: انظر.. اسمع.. تكلّم.. تحرّك.. وهو العضو الفعال. ولكن التعبئة لا تسير على هذا المنوال بأن تصدر الأوامر من المركز فقط، بل وكأن كل عضوٍ فيها يشتمل علی دماغ متناسق مع ذلك الدماغ الرئيسي الموجود في الرأس - علماً بأن لهذا التناسق طُرُقه - وبالتالي ستتولّد مثل هذه الحالة.

فإن قمنا بإيجاد هذه اللجانات المفكرة وتفعليها، نحتاج بمعيتها إلی لجانات راصدة، ولكن راصدة لأي شيء؟ إن التعبئة كائن حركي حيوي فعال متنام مقدام، فلابد من رصده لئلا يتوقف، ولا ينحرف عن الطريق، ولا يخطئ، ولا يلحق به الضرر، ولا يصاب بمرض، ولا تتسلل إليه الفيروسات المختلفة. والجهاز الراصد يختلف عن جهاز الاستخبارات وأمن الاستخبارات وأمثالهما، فإن لكلِّ منها مسؤوليته المناطة إليه في محلها، والجهاز الراصد هو ذلك الجهاز المفكّر والعاقل؛ حاله حال الصفيحة المغناطيسية والكهربائية التي يضعها الإنسان أمامه ليرى الحقائق الخارجية ويشهد مجريات الأحداث.

هذه مسائل ضرورية ومطلوبة في سبيل أن تتقدّم التعبئة وأن تتنامى هذه الشجرة الطيبة وتؤتي ثمارها أكثر فأكثر. فإنها شجرة طيبة ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ (8). وإن ابتغيتم تحقيق قوله: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾، ينبغي تطبيق الأمور التي ذكرناها.

وإن هذه المسائل التي أستعرضناها تمثل خطوطاً عامة، وليست تحليلية وذهنية بالطبع، وإنما هي بأسرها أمور عملية ناظرة إلى الواقع، ولكل واحد منها شرح وتفصيل - كما ذكرنا سابقاً - ويحتاج كلٌّ منها إلى منهجية وبرمجية، وهذا أمرٌ موكول إليكم وإلى المسؤولين الذين يجب عليهم النهوض بهذه المهام. فهي خطوط عامة عملية واقعية لابد وأن تؤخذ بنظر الاعتبار.

ولأتطرّق هنا إلى قضية هامشية جاءت في بعض كلمات هؤلاء الأحبة أيضاً، وهي أنّ التعبئة صنعت من نفسها أسوة وقدوة. وهذه القدوة من دون أن يُروَّج لها مطلقاً، ومن دون أن يُكتب أيّ شيء على ورق وكتاب، ومن دون أن تُرسل لأحد رسالة، شقّت طريقها بصورة طبيعية في أجزاء هامة من العالم الإسلامي، وأثبتت نفسها. فبادرت جماعة للاستنساخ منها؛ بعضهم لأهداف صالحة، والبعض الآخر لأهداف طالحة. والإتيان بالشباب وإنزالهم إلى الساحة بدافع الدين، وإناطة المسؤوليات لهم، والثقة بهم، هو الذي صنع القدوة، فأصبحت هذه القدوة مثالاً يحتذى به لأصدقائنا في الكثير من البلدان - التي ذكرها السادة هنا، وأنا لا أروم الإشارة إلى اسم بلد - وعمد الأعداء أيضاً إلى البرمجة والتخطيط لمواجهتها، ومن جملة مخططاتهم هي النفوذ الذي بدأتُ أتحدثُ بشأنه منذ نحو سنة أو أكثر. فلابد لنا أن نخاف من النفوذ، وأن نتوخى الحيطة والحذر حياله. ولا أعني بالخوف هو الخوف ذاته، وإنما أقصد به الاحتياط والحذر، فالنفوذ قضية فائقة الأهمية.

وإنّ من الطرق الأخرى التي يسلكها العدو، هي إيجاد خطوط موازية، وصناعة منافس للتعبئة، وهذا ما هم يفعلونه حالياً. أنا لا أريد الآن الدخول في التفاصيل، ولكني على اطلاع وعلم بذلك، ولعلّ البعض منكم يعلم أيضاً بأن العدو في الحال الحاضر يقوم لقوات التعبئة ولشباب البلد ولهؤلاء الذين أطلقتُ عليهم عنوان «ضباط الحرب الناعمة» بصناعة منافس وخطٍّ موازٍ، من أجل أن يُلهيهم عن هذا الموقع ويجرّهم إلى ذاك. وهذه مسائل تتسم بالأهمية.

فلو أُخذت هذه المحاور التي أشرنا إليها بنظر الاعتبار - وهناك بالطبع قضايا أخرى لا يسع المجال لذكرها - عندئذٍ ستكون التعبئة قادرة على أن تظهر في أهم ساحات المجتمع باقتدار وتأثير، بما في ذلك الساحة العلمية، والساحة الثقافية، والساحة الاقتصادية، والساحة الخدمية. ففي جميع هذه الساحات تستطيع التعبئة أن تظهر كقوة مقتدرة مؤثرة. وهذا هو المراد مما يقال بأن التعبئة لا يكبحها كابح. وبعبارة أخرى، تستطيع التعبئة أن تعين الأجهزة المسؤولة في التوجيه وفي رسم الأهداف وفي العمل أيضاً. وهذا يعني أننا حين نتحدث عن التعبئة ونستعرض هذه المسائل ونتكلم عن قدرات التعبئة، لا نريد بذلك أن ننحت منافساً للسلطة التنفيذية؛ كلا، فإن لهذه السلطة واجباتها ومهامها التي يجب عليها النهوض بها، بيد أن التعبئة بمقدورها أن تعين السلطة التنفيذية على التوجيه الصحيح، وعلى الحؤول دون الوقوع في الخطأ والانحراف في المسير. كما وبوسعها المساعدة في الجانب العملي أيضاً، كالاقتصاد المقاوم الذي أشار إليه بعض السادة. وبمستطاعها كذلك أن تعمل بصفتها مكمّلاً وباعثاً على التفاؤل والأمل. فإن بعض الأجهزة الحكومية قد أصيبت باليأس والإحباط في بعض المجالات قائلة: لا يمكن! كيف يمكن؟ ولكن كيف لا يمكن وقد تم تحقيق كل هذه الإنجازات الكبرى؟! فإن تقدّمت التعبئة إلى الأمام، وإن واصلت هذه القوة الشابة والرائدة حركتها الصحيحة، عندذاك سيتسم حتى ذلك الإنسان اليائس الكئيب بالنشاط والحيوية والأمل.

علماً بأني لا أريد المبالغة إطلاقاً، ولا أروم القول بأن التعبويّ ملاكٌ ومنزَّه عن حالات الضعف البشري؛ كلا، فإننا جميعاً نعاني من حالات الضعف البشري، حيث يصيبنا الخوف والتردّد، ولنا ملاحظات مختلفة، ومشاكل عائلية، ومسائل اجتماعية، ولكن لا يوجد أمامنا طريق مغلق، وهذا ما أريد قوله. فإنّ الشابّ التعبويّ قد ينتابه الخوف في وقت ما، وقد يستولي عليه الشك والتردّد في قضية ما، ولكنه لا يصل إلى طريق مغلق، وذلك لأن هناك من العناصر الكثيرة الهادية والمانحة للقوة والاقتدار والمرشدة في التعبئة ما يمكنها أن تزيل كل نقاط الضعف هذه أو أن تبدّلها إلى نقاط قوة.

نحن اليوم نشاهد أن البلد يعاني من مشاكل في الجانب الاقتصادي، علماً بأننا أطلقنا على هذا العام عنوان المبادرة والعمل، والمسؤولون الكرام بدورهم بعثوا لي يوم أمس تقريراً مفصلاً، ولائحة من المبادرات والأعمال التي تم إنجازها منذ بداية العام وإلى هذه اللحظة، وهذا ما نحن طالبناههم به، وقلنا لهم: ما الذي تم تحقيقه في مجال المبادرة والعمل؟ فوصل بيدي تقرير مفصل، وطالعته فوجدته يحتوي على إحصائيات وأعمال ومبادرات تم إنجازها، ولكن لابد أن تؤتي هذه الأمور ثمارها في ساحة العمل، والمهم أن تظهر نتائج الأرقام والإحصائيات التي نقدّمها في العمل. ولقد ذكرتُ في بداية هذا العام بأنّ علينا أن نعمل بالطريقة التي توفّر لنا إمكانية أن نقدّم في نهاية السنة لائحة، قائلين بأننا قمنا بتحقيق هذه الإنجازات، وهذه هي معالمها ومؤشراتها في العمل وفي واقع المجتمع؛ لا أن نكتفي برفع التقارير. والتعبئة بوسعها أن تلعب دوراً في تحقيق هذا المطلب.

وفي نهاية حديثي أودّ أن أتعرض قليلاً للقضايا التي تدور فيما بيننا وبين هذه الحكومة المستكبرة. علماً بأن الحكومة الجديدة لم تتسلّم مقاليد الأمور بعد، وحالها حال البطيخ الأخمر المغلق الذي لا نعلم ماذا يخرج من مكنونه، غير أنّ نفس هذه الحكومة الموجودة ونفس هذه الإدارة الحالية في أمريكا تعمل على خلاف ما تعهّدت به، وما تم اتخاذ القرار عليه مشتركاً، وما أبلغه المسؤولون لنا في حينها. وأرى من الضروريّ هنا أن أقول بأنّ هؤلاء قاموا بانتهاكات متعددة وخروقات عديدة ليست بالقليلة؛ أحدثها تمديد العقوبات لمدة عشرة أعوام، ولو تحقق هذا الحظر، فإنه يعتبر انتهاكاً مؤكداً للاتفاق النووي لا محالة، وليعلموا أن الجمهورية الإسلامية ستُبدي ردود فعلها حيال ذلك بكل تأكيد.

إنّ حديثي في هذا المجال للمسؤولين وللناس هو أنّ هذا الاتفاق النووي الذي أطلقوا عليه اسم «برجام» لا ينبغي أن يتبدّل إلى وسيلة لفرض الضغوط بين الحين والآخر من قِبَل الأعداء على الشعب الإيراني وعلى بلدنا. أي لا ينبغي لنا السماح لهم بأن يصنعوا منه وسيلة للضغط. فلقد قال لنا المسؤولون بأننا نخوض هذه المهمة ونقوم بهذه المبادرة من أجل إزالة الضغوط الناتجة عن الحظر. واليوم بالإضافة إلى أنّ ذلك العمل الذي عاهدونا بتنفيذه وكان من المقرر أن يتحقق في اليوم الأول، مازال بعد ثمانية أو تسعة أشهر لم يتحقق بشكل كامل بل هو ناقص - وهذا ما يصرّح به المسؤولون ويبيّنه القائمون على هذا الأمر - بالإضافة إلى ذلك يريدون أن يصنعوا منه وسيلة لفرض ضغوط جديدة على الجمهورية الإسلامية، كلا.. إن الجمهورية الإسلامية بالاتكاء على قدرة الله والإيمان بقوة التواجد الجماهيري، لا تهاب أيّ قوة في العالم. ولو قال أحد تبعاً لمعنويات بني إسرائيل الضعيفة: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ (9) - سيصلون إلينا ويهلكوننا - نحن أيضاً نقول تبعاً للنبي موسى: ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾(10).

إلهنا! زد من هدايتك ومعونتك يوماً بعد آخر على هؤلاء الشباب وعلى شباب البلد كافة وعلى أبناء شعبنا العزيز قاطبة.

والسلام علیکم ورحمة ‌الله

 

الهوامش:

1- في بداية هذا اللقاء الذي تم بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس قوات التعبئة (1979/11/26)، تحدث اللواء محمد علي جعفري القائد العام لقوات حرس الثورة، والعميد محمد رضا نقدي رئيس منظمة التعبئة، كما تحدث ثلاثة من الحاضرين نيابة عن التعبويين.

2- بحار الأنوار، ج91، ص 149.

3- سورة النحل، الآية 128.

4- سورة طه، الآية 46.

5- سورة الشعراء، الآية 62.

7- سورة النحل، الآية 128.

8- سورة إبراهيم، جزء من الآية 24 و 25.

9- سورة الشعراء، جزء من الآية 61. 

10- سورة الشعراء، جزء من الآية 62.