موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

خطبتي صلاة عيد

الخطبة الأولى:


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوكل عليه، ونصلي ونسلم على حبيبه ونجيبه وخيرته في خلقه سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين سيمّا بقية الله في الأرضين، وصلّ على أئمة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين.


قال الله الحكيم: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[1].


اُبارك عيد الفطر السعيد لجميع أفراد الشعب الإيراني المسلم وجميع الأمة الإسلامية، كما اُباركه لكم أيها المصلين الكرام.


إنَّ إكمال شهر رمضان بالعبادة والصوم والتوسل والذكر والخشوع, والدخول في يوم عيد الفطر يعدّ عيداً حقيقياً للمؤمن.


إنَّ هذا العيد ليس عيداً دنيوياً مادياً، بل هو عيد رحمة الله ومغفرته، وعيد شكر أُولئك الذين أفلحوا في إتمام شهر رمضان بعبادة الله, والدخول في ضيافته بصحة وعافية, وتمكنوا بمقدار استطاعتهم الاستفادة في هذا الشهر من الذكر والدعاء والتضرّع والخشوع والصيام والصلاة.


إنَّ هذا العيد هو عيد اُولئك المسلمين الذين أمضوا دورة بالعبادة ورياضة النفس على أمل الغفران والمثوبة حتى بلغوا يوم الفطر.


في رواية عن سويد بن غفلة أحد أصحاب أمير المؤمنينA, وقيل عنه أنه كان من خواص أمير المؤمنينA: (دخلت على أمير المؤمنين يوم عيد الفطر، فإذا عنده خوان وصحفة فيها خطيفة[2] وملبنة فقلت: يا أمير المؤمنين أيوم عيد وخطيفة؟ فقال: إنما هذا عيد مَن غفر له)[3] أي أن العيد ليس بأكل الطيّب من الطعام وقضاء الوقت بالألعاب الصبيانية وإنما هو عيد لأولئك الذين أفلحوا في الحصول على مغفرة الله.


وفي رواية أخرى قال أمير المؤمنينA: (إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصي الله فيه فهو يوم عيد).[4]


وطبعاً اُمرنا في عيد الفطر بإلقاء التحية على بعضنا ولبس الجديد وجعله يوم حبور وفرح، إلا أنَّ لُبَّ هذا العيد عبارة عن الاهتمام بالمعنويات وطلب المغفرة والرحمة الإلهية.


إخوتي وأخواتي من الصائمين الأعزاء، إنكم من خلال صيامكم في هذا الشهر الكريم ـ بالنسبة للذين وجب عليهم الصوم ـ ومن خلال دعائكم وعبادتكم وتضرعكم وقيامكم في الليل وتلاوتكم للقرآن وذكركم وخشوعكم وفَّرتم لأنفسكم فرصة التقّرب من الله تعالى، فاغتنموا هذه الفرصة, وهذا المحصول الكبير وحافظوا عليه.


إنَّ شعبنا شعبٌ مؤمن، وإنَّ أفئدة شبابنا وضّاءة وطاهرة، وإنَّ علاقة رجالنا ونساءنا بالله سبحانه صادقة ومخلصة.


هذه فرصة جيدة لشعبنا من أجل استحصال الرحمة الإلهية.


اللهم إِنَّا نقسم عليك بمحمد وآل محمد إلا ما وفقتنا وأيدتنا في ميادين المعنوية والنمو والرخاء المادي وفي المجالات الفردية والإجتماعية.


اللهم وفقنا إلى التقوى والدوام عليها.


اللهم أعزَّ شعبنا وارفع مكانته واشملنا جميعاً والماضين منا برحمتك ومغفرتك واشملنا بأدعية الإمام بقية الله أرواحنا فداه.


بسم الله الرحمن الرحيم


{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}


الخطبة الثانية:


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين سيما علي أمير المؤمنين والصدّيقة الطاهرة والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر علي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف القائم المهدي صلوات عليهم أجمعين وصلّ على أئمة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين.


اُوصيكم عباد الله بتقوى الله.


نشكر الله على أن وفّق شعبنا في مختلف الميادين.


قلت للشعب الإيراني في خطبة عيد الفطر من العام المنصرم أن يستعد للانتخابات.


واقترحنا على الشعب في بداية السنة تسمية هذا العام بـ (عام الوحدة الوطنية والمساهمة الجماهيرية) وقد استجاب شعبنا لطلبنا المتواضع وخاض الانتخابات بسرور ورفعة وحماسة ونشاط، وسطروا بالإدلاء بأصواتهم إنتخابات خالدة في البلاد وفي تاريخ الجمهورية الإسلامية. يجب أن تمضي مسيرة الشعب الإيراني قُدماً نحو الأهداف, وأن تزداد يوماً بعد يوم بجدية أكثر وانسجام أكبر, وأن تكون منسجمة مع الأسس والضوابط, وإنَّ شعبنا يتمتع باستعداد تام.


برغم مساعي أعداء هذا الشعب ونظام الجمهورية الإسلامية ـ المنبثق من رحم هذا الشعب وعقيدته وإرادته ـ طوال أكثر من عقدين على إخماد بريق الثورة الإسلامية إلاَّ أنهم لم يُفلحوا سواء في الداخل أو على مستوى العالم الإسلامي.


صحيح إنه لولا الإعلام المعادي لتمكن إخوتكم في كافة الأقطار الإسلامية, بل في جميع أقطار العالم من التعرف على انجازاتكم الباهرة، ولكن برغم وجود هذا الإعلام فقد تمكن الشعب الإيراني من تقديم صورة للعالم عن نفسه تظهر شجاعته وعزمه وارادته وطموحه وهمته وكفاءته ومقدرته.


وأخذ العالم يرى فيكم شعباً قادراً على بلوغ أي هدف يسعى إلى بلوغه، وهذا هو الواقع.


وما الضجيج الذي يثيرونه إلا لأجل هذه الحقيقة.


ولكن علينا أن نضيف خصوصية أخرى للشعب الإيراني ألا وهي ظلامته.. فإنَّ شعبنا شعب شجاع وذو إرادة, وعزم راسخ, ومظلوم وقد تعرَّض للظلم من قِبَل المتجبرين الذين يسعون لسحق الإنسان وهضم حقوقه ولا يأبهون بذلك, همهم هو السلطة والقدرة اللامسؤولة والمطلقة ويسعون للحصول على ذلك عالمياً.


إنَّ يوم الثالث عشر من آبان نموذج على مظلومية الشعب الإيراني، وقد هتف الشعب الإيراني بمظلوميته في هذا اليوم.


إنَّ وثائق وكر التجسس ـ التي يضمها حوالي مئة مجلد وهي مطبوعة وفي متناول الجميع ـ تُظهر أن حكومة الولايات المتحدة لم تأل جهداً عن التآمر بحق الشعب الإيراني خصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية.


إلا أن هذا الشعب العظيم ليس من تلك الشعوب التي تذعن للظالم, بل إنه يقف بوجه الظلم ولا يتحمله.


لقد مضى زمن طويل على ذكرى الثالث عشر من آبان وأصبحت من التاريخ، إلا أن الحقيقة التي جسدتها حادثة الثالث عشر من آبان واحتلال وكر التجسس, وهي حادثة مظلومية الشعب الإيراني وعدم تحمله للظلم آياً كان مصدره، لا تزال على حيويتها، وهكذا الحال اليوم.. فنحن اليوم لا نظلم أحداً ولا نعتدي على أي شعب، ولا نهدر حقوق أي شعب في أي نقطة من العالم، إلا أن القوى العظمى إذا انتهكت حقوقنا كما هي عادتها فإن شعبنا سوف لا يتحمل الظلم أياً كان مصدره, وسيعتمد في رد الظلم على قدراته الذاتية ولا يركن في ذلك إلى أي قدرة عالمية.


فاعتمدوا على ذاتكم.


وإنَّ رجائي من جميع أفراد الشعب الإيراني والفئات السياسية ومختلف التيارات أن لا تخدش هذه الذات العظيمة والشامخة من خلال الأوهام والنزاعات الطفيفة.


إنَّ هوية الشعب الإيراني العظيمة التي نالها بإيمانه قذفت به إلى الأمام لسنوات متمادية.


إنَّ جبران التخلف الماضي وإن كان لا يزال بحاجة إلى جهود وعمل أكبر, إلا أنكم قادرون إن شاء الله, وستبلغون المستوى اللائق بهذا الشعب بشرط الاعتماد على هويتكم والتوكل على الله وطلب الهداية والعون والتوفيق منه، ولا تسمحوا للخلافات والنزاعات السياسية الفارغة والتذرع بالأمور التافهة أن تخدش ذات الشعب الإيراني التي تمثل هويته العظيمة والساطعة.


اللهم إِنَّا نقسم عليك بمنزلة أوليائك أن توفق الشعب الإيراني في مسيرته.. اللهم أحشر شهدائنا الشامخين مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).. اللهم احشر إمامنا العظيم مع أوليائه... اللهم اشملنا بأدعية الإمام بقية الله الأعظم (أرواحنا فداه)..


بسم الله الرحمن الرحيم


{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته