موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

نداء القائد

    • فلسطين
    • الثورة الإسلامية
      • النظرة الكونية والفكرية للإسلام
      • لماذا وقعت الثورة الإسلامية وكيف انتصرت؟
        سهلة الطبع  ;  PDF
        لماذا وقعت الثورة الإسلامية وكيف انتصرت؟

        كانت ثورتنا نهضة جماهيرية كبرى ضد حكومة اتصفت تقريباً بكل ما قد تتصف به حكومة سيّئة من سلبيات؛ اذ كانت فاسدة، وعميلة، وفرضت على الشعب بانقلاب عسكري، وكان ينقصها التدبير والكفاءة. وسأقدّم في ما يلي شرحاً لكل واحدة من الخصائص الأربعة التي ذكرتها آنفاً.
        كانت الحكومة السابقة فاسدة مالياً وأخلاقياً، ويكفي من فسادها المالي ان الشاه نفسه وأسرته كانت لهم يد في أغلب الصفقات الاقتصادية الضخمة للبلد، وكان هو وإخوته وأخواته من الذين جمعوا اكثر الثروات، وكان رضا خان قد جمع خلال فترة حكمه البغيض الذي امتد على مدى ستّ أو سبع عشرة سنة اموالاً طائلة. ولا بأس ان تعلموا ان بعض مدن البلاد ـ كما تشير الوثائق والمستندات ـ كان ملكاً صرفاً لرضا خان؛ فمدينة فريمان على سبيل المثال كانت برّمتها ملكاً خاصاً لرضا خان! وكانت أفضل الأملاك وأخصب الاراضي في هذا البلد ملكاً له؛ حيث كان له ولع شديد بمثل هذه الاملاك وبالمجوهرات. في حين كان لأولاده مشارب أكثر شمولاً؛ إذ كانوا يرغبون في اية ثروة كانت ويستحوذون على كل ما تطاله أيديهم، وأوضح دليل على ذلك انهم حينما خرجوا من البلد كانت ثرواتهم في المصارف الاجنبية تقدر بمليارات الدولارات. ولعلكم تعلمون اننا حاولنا من بعد الثورة استرجاع اموال الشاه، ولكن كان من الطبيعي جداً ان لا يُلبى طلبنا. كان مجموع اموال هذه الأسرة يقدر حينذاك بعشرات المليارات من الدولارات. واتجه كل واحد من اعضاء تلك الاسرة نحو دولة معيّنة وصاروا من كبار الاغنياء هناك. ومن الطبيعي انهم لم يحصلوا على تلك الاموال بكدّهم ولا بعرق جبينهم، وانما استحوذوا عليها بأساليب غير مشروعة. فكيف كانت اذن طبيعة نظام غارق في مثل هذا الفساد المالي وكيف كان يتعامل مع ابناء الشعب.
        اما فسادهم الأخلاقي فقد كان معروفاً من خلال عصابات التهريب التي كانت تمارس نشاطها بإمرة إخوة الشاه وأخواته، وكانت هناك فضائح أخلاقية وجنسية يندى لذكرها الجبين. وقد نشر في ما بعد بعض أفراد الحاشية والمقربون من تلك الاسرة شيئاً من تلك الفضائح في ما كتبوه من مذكّرات.
        كان الفساد الاداري مستشرياً في كل الارجاء؛ ولم تكن الكفاءة تراعى عند اختيار المدراء والمسؤولين، وكل ما كان يؤخذ بنظر الاعتبار في مثل هذه الشؤون هو علاقاتهم الشخصية وتوجهات الاجهزة الجاسوسية والأمنية الأجنبية.
        لاحظوا اذن مدى سوء الحكومة التي كانت تأخذ الرشاوى، وتكتنز الثروات، وتتعامل بالتهريب وتخون الشعب. ولو شاء المرء تدوين كل هذه الامور بأدلّتها وشواهدها لاستلزم ذلك مجلدات ضخمة.
        وكانت القطيعة بينهم وبين أبناء الشعب سبباً لعمالتهم للأجانب واستنادهم اليهم للحفاظ على سلطتهم؛ فمن الحقائق التاريخية المسلّم بها هي ان الانجليز هم الذين جاؤوا برضا خان الى السلطة، وهم الذين ثبتوا محمد رضا على رأس الحكم. ومن بعد عهد مصدق خطف الامريكيون زمام الامور من الانجليز ودبّروا تلك المؤامرة وتسلطوا على شؤون البلاد وأصبح هنالك عشرات الآلاف من المستشارين الامريكيين في اهم المراكز العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، ويشغلون مواقع حساسة ويحصلون على اموال طائلة؛ وكانوا في الحقيقة هم الذين يسيّرون شؤون البلاد ويوجهونها حسب ما يشاؤون. وكان الامريكيون والاسرائيليون هم الذين أسسوا الجهاز الأمني في إيران.
        وعلى الصعيد السياسي كانت الحكومة خاضعة لتوجيهات الانجليز، في حين خضعت في الآونة الاخيرة لتوجيهات الامريكيين. وكانت سياستها على الصعيد الاقليمي والعالمي، بل وحتى في المجالات الاقتصادية ـ من قبيل اسعار النفط وكيفية بيعه، والكيفية التي يجب ان تكون عليها اوضاع شركات النفط الاجنبية في إيران ـ قائمة على تنفيذ ما يُملى عليها. وكانت طبعاً تأخذ مصالحها الخاصة بنظر الاعتبار. ولم تكن تلك التضحيات من اجل الأجانب أنفسهم، وإنما لغرض الحفاظ على حكومتهم. ولهذا فسحوا المجال للأجانب وبسطوا أيديهم تماماً للتطاول على البلد وعلى الشعب، واعتمدوا عليهم في كل شيء.
        هذا فضلاً عن ان تلك الحكومة جاءت بواسطة انقلاب عسكري وفرضت على الشعب فرضاً؛ فقد جاء كل من رضا خان، ومحمد رضا الى السلطة عبر انقلاب عسكري. ومن الواضح ان الحكومة التي تفرض على الشعب من خلال انقلاب عسكري لا تحترم آراء الشعب ولا معتقداته ولا إرادته، ولم تكن ثّمة صلة حميمة بين الحكومة والشعب؛ بل كانت العلاقة عدائية، علاقة أسياد وعبيد؛ لأن النظام كان ملكياً، وهذا هو معنى الملكية؛ أي انها كانت حكومة مطلقة لا تقيّد بشيء أمام الشعب. وهكذا حكمت الأسرة البهلوية بلدنا على مدى خمسين سنة.
        وأخيراً كانت تلك الحكومة لا تملك الكفاءة؛ فكل مواطن في هذا الدولة يعلم تماماً ـ وخاصة انتم الشباب ـ اننا يجب ان نبذل جهوداً لسنوات طويلة حتّى نتمكن من بلوغ المكانة اللائقة بنا في الحقول العلمية والصناعية والتقنية، والتقدم في ميادين البحوث والدراسات. وهذا التخلف الذي نعيشه ناجم عن حكم استمر خمسين سنة لنظام غير كفوء لم يستثمر طاقات هذا الشعب، ولا الامكانات الهائلة في هذا البلد. وأنتم اليوم تلاحظون الطاقات العلمية المتفجرة لدى شبابنا في المسابقات العلمية العالمية، بينما لم يكن يُعتنى بهذه الطاقات ولم تستثمر في تلك الآونة، وانما تُستعمل في اطار رغباتهم ومآربهم الخاصّة، ولهذا هاجر الكثير من اصحاب الطاقات والكفاءات، بينما بقي الكثير منهم، ولكن بدون ان تزدهر طاقاتهم وكفاءاتهم أو ان ينتفع منها في عمل ما.
        لقد تركوا وراءهم بلداً مدمّراً تماماً. وفي مرحلة ما بعد الحرب كان اكبر همّنا يتركّز على بناء ما دمّرته الحرب، ولكننا وجدنا الدمار الذي خلّفته الحرب يقل كثيراً عمّا خلّفته الأسرة البهلوية من دمار طوال سنوات حكمها على هذا الشعب.
        وفي عام 1341 [1962م] عندما ارتفعت صيحة الامام اخذت حيّزها في القلوب وتفجّر غضب الجماهير؛ اذ كان البعض قد ألف الاوضاع حينذاك، بينما اثارت سخط الكثيرين من أبناء الشعب. واعلموا ان الامام حينما رفع صوته لم يكن حينها مرجع تقليد معروفاً؛ فعلى الرغم مما كان له من وجاهة وشهرة ومكانة مرموقة في قم بين العلماء والاكابر والفضلاء وطلبة الحوزة العلمية، إلا انه لم يكن معروفاً لدى عموم أبناء الشعب، ولكن بما ان تلك الصيحة كانت صيحة حق وكانت منطلقة من إرادة الجماهير وقائمة على أسس الدين، فقد دوّت أصداؤها في كل الأرجاء تلقائياً وتداولتها الألسن وتناقلتها الأيدي وانتشرت في كل مكان وغرست حب الامام في القلوب. فالإمام الخميني الذي لم يكن يتمتع بتلك الشهرة في عام 1341 [1962م]، أضحت له مكانه في القلوب في خرداد عام 1342 [حزيران 1963م] الى درجة دفعت بالشعب الى النهوض ضد الحكومة في الحادثة المعروفة بحادثة الخامس عشر من خرداد، التي أسفر عنها مقتل الآلاف من الاشخاص في سبيل الامام. وقد جاء هذا كله اثر أحقية تلك الصيحة.
        لقد بين الامام للشعب تعاليم الإسلام ومعنى الحكومة ومعنى الشخصية الإنسانية، وشرح له طبيعة ما يجري عليه وكيف ينبغي ان تكون حياته؛ وهي حقائق لم يكن الآخرون يجرؤون على التصريح بها، إلا انه صرّح بها جهاراً لا همساً ولا على شكل منشورات ولا بأساليب سرية وخلايا تنظيمية كما تفعل الاحزاب عند طرح الامور لكوادرها، لقد اتبع الامام الخميني اسلوب الجرأة والصراحة في بيان الحقائق للناس، ولهذا لبّى أبناء الشعب نداءه.
        لقد مرّت خمس عشرة سنة عصيبة منذ ان بدأ الامام نهضته الى حين انتصار الثورة؛ وخلال تلك الفترة فهم تلاميذ الامام وأنصاره وأصدقاؤه وعموم أبناء الشعب عمق ومضمون رسالة الامام، فتداولوها ونشروها بين مختلف الاوساط والشرائح الاجتماعية. وأدى تداولها وتدارسها والثبات عليها الى خلق مشاكل جمّة لأولئك الناس؛ فاستشهد الآلاف منهم، وطال التعذيب أضعاف ذلك العدد.
        لقد كان عهداً عصيباً حّقاً، حتى ان البعض لم يشعر بالطمأنينة والراحة في بيته حتّى ليلة واحدة، ولم يخرج من بيته يوماً وهو آمن من أنه لن يصيبه في ذلك اليوم مكروه. وكان الامام يقود تلك المسيرة بعزم وحكمة وشجاعة طوال تلك المدّة، الى ان تعاظمت في السنة الاخيرة الامواج الجماهيرية الهادرة؛وحيثما نزل أبناء الشعب الى الساحة بدوافع إلهية ودينية وبعيداً عن المطامع المادية، لا يمكن لأية قوّة ان تقف بوجههم، أو كما قال الامام انهم لم يستطيعوا بكل ما لديهم من معدّات وتجهيزات الوقوف بوجه شعبنا الاعزل. وهكذا وقعت هذه الثورة وانتصرت.

        كلمة سماحته عند لقائه نخبة من الشباب الإيراني، 17/10/1419
      • مميزات الثورة الإسلامية
      • القيم التي حققت الثورة لأجلها
      • الإمام الخميني والثورة
      • الاستقلال والحرّية
      • ذكريات القائد من أيام النضال
    • العراق
    • الحج العبادي و السياسي
    • الوحدة الوطنية والإنسجام الإسلامي
    • الرسول الأعظم(ص)
700 /