موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي

نداء القائد

    • فلسطين
    • الثورة الإسلامية
      • النظرة الكونية والفكرية للإسلام
      • لماذا وقعت الثورة الإسلامية وكيف انتصرت؟
      • مميزات الثورة الإسلامية
      • القيم التي حققت الثورة لأجلها
      • الإمام الخميني والثورة
        • الإمام الخميني والثورة الإسلامية
        • الإمام الخميني ونظرية الحكومة الإسلامية
          سهلة الطبع  ;  PDF
          الإمام الخميني(ره) ونظرية الحكومة الإسلامية

          أهمية عمل الإمام (ره)
          لقد كان اختيار عنوان «نظرية الحكومة الإسلامية» لهذا المؤتمر مهماً وحساساً في آن واحدٍ، لأن بيت القصيد في عمل الإمام الخميني هو مسألة «الحكومة الإسلامية» ؛ فلو كان قد أسقط الإمام عن هذه الثورة بكل خصائصها شعار إقامة الحكومة، أو اكتفى بمجموعة من الإصلاحات أو قام بأعمال على غرار ما حصل في حركة «عدالت خانه»(1) وتنظيمات المشروطة [الحركة الدستورية]، لما كان لذلك العمل أهمية تعادل عشر ما تحقق حالياً، ولما تمخض عن ذلك سوى ذهاب تلك الأسرة ومجيء جناح أو تيار المتدينين، بيد أن ذلك العمل كان شيئاً، وهذا العمل شيء آخر.
          تكمن أهمية عمل الإمام في أنه طرح قضية حاكمية الإسلام؛ فالحكومة الإسلامية لا تعني حكومة المسلمين، بل تعني سيادة الإسلام. ولو كانت تعني حكومة المسلمين فقط لكان غاية ما تسعى إليه هو أن يكون على رأس الأمور شخص مسلم، وأن يكون سلوكه حسناً، ولا يسمح أحياناً بظهور الفسق والفجور في المجتمع، إلا أن إدارة شؤون الحياة في البلاد لا تكون على أساس الإسلام، ويبقى عندئذٍ للأمزجة والأذواق والعادات والثقافات والفهم الخاطئ بمختلف أنواعه تأثير. بيد أن ما يصون المجتمع الإسلامي هو الحكومة الإسلامية بمعنى حاكمية الإسلام؛ فكانت مهارة الإمام في طرحه لقضية حاكمية الإسلام.

          ولاية الفقيه من واضحات الفقه الإسلامي
          كما أن دعامة الإمام الخميني لحاكمية الإسلام هي ولاية الفقيه التي هي ذات ركيزة راسخة ومتينة؛ فرغم تباين آراء العلماء حول ضيق وسعة دائرة ولاية الفقيه، إلا أن أصل النظرية من واضحات الفقه الإسلامي. وإذا لم يكن البعض قد طرحها في الماضي، أو نظروا إليها بفتور، فذلك يُعزى إلى أنهم رأوا عدم جدوى طرح ما لا يمكن تحقيقه عملياً. وإلاّ فليس هناك من الفقهاء من يجيز سيادة حكم آخر غير الحكم الإسلامي، وهذا ما يمكن ملاحظته في مختلف أبواب الفقه، وهو من المسلَّمات. والتعابير التي استخدمها المرحوم صاحب الجواهر حول ولاية الفقيه تدل على أنها تعتبر في رأيه أيضاً من الواضحات؛ فتعابيره، ليس في باب الولاية على الصغار فحسب، بل حتى في باب الجهاد والأبواب الفقهية الأخرى، تدل على أنه ينظر إلى دائرة الولاية بتلك السعة كجزء من واضحات الفقه الإسلامي.
          كما صرّح فقهاء آخرون كالمرحوم النراقي بهذه المسألة، غير أننا لسنا بصدد طرح رأيه حالياً، وإنما نقصر حديثنا على أولئك الذين لم يعرضوا هذه المسألة في مباحثهم. والغرض من ذلك هو التأكيد على أن لولاية الفقيه أساساً متيناً، وقد طرح الإمام الخميني مشروعه بناءً على ذلك الأساس.

          الحكومة الإسلامية تعني حاكمية الإسلام والدين
          أرجو من السادة المتصدين لهذا المؤتمر، وخاصة الشباب الأفاضل ذوي الفكر الوقّاد والفاعل الالتفات ـ وخاصة في ضوء النكتة التي سأشير إليها لا حقاً، وهي نكتة تجعل القضية أكثر حساسية ودقّة ـ إلى أن مشروع الحكومة الإسلامية التي دعا إليها الإمام الخميني وتريدون أنتم تثبيتها وتدوينها وتبيينها، لا تتحول عن غير وعي وإرادة إلى حكومة غير إسلامية. وهذه هي النكتة المطروحة في هذا التحدي الفكري فيما بيننا وخصومنا على الصعيد العالمي.
          إن خصومنا لا يعارضون من يحمل اسم الإسلام ويحكم في مكان ما، وإنما المهم بالنسبة لهم هو أن يتولّى الدين إدارة شؤون المجتمع، ويطرح فكراً جديداً للعالم. ولهذا يجب عليكم الالتفات إلى أن الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه التي أبدعها الإمام الخميني وطرحها أمام العالم هي تلك الحكومة الإسلامية التي تعني حاكمية الإسلام والدين والشريعة، وهذا المعنى يجب أن يفهم جيّداً.
          من الممكن أن يسعى فقهاؤنا وفضلاؤنا إلى تنقية الشريعة مما يوجد في فقهنا من نقاط ضعف ونواقص، فهذا بحث آخر، إلا أن ما يجب طرحه ـ وهو ما يمثل رأي الإمام الخميني قطعاً ـ هو أن تملأ أجواء المجتمع بالشريعة والفقه والأحكام والعمل الإسلامي، ولم يقبل أي بديل عن ذلك تحت أية حالة كانت.
          كنت ذات مرّة أتحدث معه حول قضية مهمّة تتعلق بولاية الفقيه وما شابه ذلك، وعرضت عليه أثناء الكلام بأنني قبل الثورة عندما كنتُ أبحث مع الأفاضل والزملاء، كنت أرى بعضهم يقول إن الإسلام لا يوجد فيه منهج خاص في باب الاقتصاد، وأي منهج يتكفّل بتحقيق المثل الإسلامية كالعدالة مثلاً، فهو منهج إسلامي. بينما رأيُنا هو أن الإسلام قد بّين الخطوط ووضع منهجاً وحدّد إطاراً للاقتصاد الإسلامي يجب السير في ضوئه، فقال الإمام: "هذا هو الصحيح".
          وأنا طبعاً لا أريد الاستناد إلى هذا المطلب لإثبات صحّة هذا الأمر، وإنما أريد الاستناد إلى أن رأيه كان هذا، وأنه لم يكن يرضى بما هو أدنى من ذلك.
          وفي الموارد التي كانت تبحث فيها الأحكام الثانوية، كان يطرح هذا الرأي كحكم إسلامي وفقهي، وبقي على هذا الحكم إلى النهاية.
          وكان هذا هو مبناه الفقهي أيضاً في مسألة الغناء ـ الموسيقى ـ التي طرح فيها رأياً جديداً. طبعاً ما قاله في كتاب المكاسب يختلف عن هذا المطلب في بعض الجوانب، غير انه طرح هذا الرأي على أساس المباني الفقهية دون أن يأخذ المصلحة وقبول الناس بنظر الاعتبار. فيجب تبيين رأي الإمام. من المحتمل طبعاً أن يوجد من لا يوافق على هذا الرأي في خطوطه الكلية أو تفاصيله الجزئية، غير أن رأي الإمام يجب أن لا يُحَّرف. يجب عليكم ان تحرصوا على طرح رأي الإمام كما ورد في كلماته وكتبه وتوجيهاته وسلوكه. وهذه في رأيي مسؤولية تاريخية وأمانة في أعناقكم.

          موقف مراكز السلطة العالمية من الحكومة الإسلامية
          النكتة الأخرى هي أن أساس الحكومة الإسلامية جاء بديعاً في العالم، وجعل ميزة للثورة ميّزتها عن كافة الثورات المشابهة، وتم تثبيته في الدستور كمسألة جديدة تماماً، ومعناه أن يكون على رأس السلطة شخص نعلم بأنه لا تصدر منه أية مخالفة، وإذا صدرت منه مخالفة فهو غير خليق بهذا المنصب. وهذه نكتة في أساس الحكومة، والكثير من مشاكل الحكومات ناجمة عن عدم رعاية هذا الشرط.
          طبعاً أثيرت ضجة حول هذا الموضوع وقيل إن هذه الفكرة قديمة ورجعية، في حين كانت هناك في عهد انتصار الثورة حكومات عديدة في العالم جاءت إلى السلطة بانقلابات عسكرية؛ حيث يأتي ضابط بجزمته وبندقيته ويستولي على السلطة، وقد قُبلوا واعتُرِف بهم رسمياً. ولكنهم عارضوا الحكومة الإسلامية والإمام ورفضوا هذه الحركة العظيمة؛ وذلك لأنها طرحت نظرية جديدة في العالم قادرة على منافسة المعايير والثقافات السياسية التي كانت شائعة في العالم، وكانت لديها مقدرة تفوق مقدرة الماركسية والحكومة الشيوعية في بدء ظهورها. طبعاً الشيوعية صعد نجمها في ما بعد على أثر ما قامت به من دعاية وما قدّمته من أعمال وما اتّصفت به من جذّابية. لكن لا يشك في أن مقدرة الحكومة الإسلامية كانت في بداية الأمر تفوق مقدرة الشيوعية، وقد شعرت جميع الدول التي يتواجد فيها مسلمون بهويّتها وشخصيّتها وأظهرت رغبتها نحوها.
          لابد وأنّكم أيّها السادة على بينّة من أن أهم ما تعنى به مراكز القوّة السياسية في العالم على المدى الطويل هي السلطة الثقافية. من المحتمل طبعاً أن لا تكون الثقافة هي الغاية الأساسية، لكن أهم ما يوفر لمراكز السلطة العالمية المقدرة الحقيقية والمضمونة على المدى الطويل هي السلطة الثقافية؛ وذلك لأنها إذا هيمنت على بلد ما فإنَّها ستكون مطمئنة البال. وتحظى مسألة الثقافة السياسية بالأهمية الأولى في نظرهم من بين المسائل الثقافية. وانطلاقاً من هذه الرؤية نجدهم يعيرون أهمية كبيرة للترويج لمبدأ الليبرالية والديمقراطية الغربية.

          الحذر من التأثر بإيحاءات الثقافة الأجنبية
          أودّ أن ألفت أنظاركم إلى أن الثورة جاءت بكلام جديد وهو نظرية الحكومة الإسلامية، إلاّ أن هذه النظرية لا تبقى جديدة على الدوام؛ إذ من الممكن أن تعتريها بعض النواقص في البداية، أو قد تتعرض لاحقاً لسوء الفهم وتلحق بها بعض النواقص، وهذا ما يستدعي أن تعمل أفكار سليمة وقويّة بشكل دائم على تكاملها في اتجاهها الصحيح وسد نواقصها دون الإضرار بأصولها أو نفي أساس وجودها. وهذا العمل يتطلب التجديد. إلاّ أن ما أشرت إليه سابقاً ويتطلب منكم مضاعفة الدقة في عملكم هو وجوب الالتفات إلى أن عملية التجديد يجب أن لا تكون متأثرة بإيحاءات الثقافة الأجنبية، وهي تلك الثقافة الساعية وراء التسلط والهيمنة.
          فاليوم تنفق الأموال من أجل نشر الثقافة الغربية في العالم كلّه، وتستخدم أساليب الكذب والدعايات والأفلام من أجل عرض أمور لا حقيقة لها أو من أجل تضخيمها وتجميلها وتلميعها وإظهارها أمام العالم وكأنها أمور حقيقية، في سبيل استقطاب الأفكار إليها. وهذا ما يتطلب منّا عدم التأثّر بهذه الايحاءات.
          كانت كلمة "الديمقراطية" متداولة على الألسن في بداية الثورة، وكان يُقال أحياناً قبل عودة الإمام "الجمهورية الديمقراطية الإسلامية". فجاءنا المرحوم الحاج أحمد الخميني بتوصية من الإمام وهي أن الإمام يقول أن لا تستخدموا كلمة الديمقراطية، وأن عنوان "الجمهورية الإسلامية" وحده كافياً. ولعل البعض قد أثارته الدهشة بأنَّ كلمة الديمقراطية لا تستلزم مثل هذه الحساسية! إلاّ أن تلك الحساسية كانت صحيحة وصائبة تماماً؛ وذلك لأن المصطلح الأجنبي يحمل معه بعداً ثقافياً، ويعكس نوعاً من الشعور الذي يتأصل لدى الإنسان تدريجاً.
          يجب عدم أخذ عينات من الثقافة الغربية، والديمقراطية الغربية، والليبرالية، في تبيين مباني الحكومة الإسلامية. قد توجد في ذات وبين ثنايا ولاية الفقيه أمور من هذا القبيل، ويجب علينا في مثل هذه الحالة كشفها وتنقيحها، ولكن يجب أن لا يستوحى ولا يفرض عليها شيء من خارجها. لننظر إلى سيرة الخلافة الإسلامية، والحكومة الإسلامية في صدر الإسلام، وفي عهد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين(عليه السلام)، ونعمل على أساس الجوانب المقبولة منها ونركّز عليها وندخل عليها ما تحتاج إليه من تنقيح يوماً بعد آخر.
          ومن حسن الحظ أن شريحة جديدة من الشباب الأفاضل ظهرت اليوم في قم، وهي تفكر في هذه المسائل، ولكن يجب عليها الحذر من الآفات. يجب أن لا يتلاشى الصفاء والنقاء الذي يطبع هذه الفكرة الجديدة. ويجب أن لا نخدع من خلال تصورنا أننا نحن الذين نفكّر، في حين أن ما يدور في أذهاننا لا يمت إلينا بصلة وإنما هو فكر أجنبي يختلج في أذهاننا وقلوبنا ومعلوماتنا ويفرز شيئاً إلى الخارج! علينا بالحذر من هذه الآفة.
          يجب الاعتماد على المباني والمصادر الإسلامية والعمل على تكميل هذه النظرية من أجل السمو بها، وتبيانها بمختلف الأساليب.
          تلقى اليوم شبهات يمكن الرد عليها بسهولة في أوساط طلبة العلوم الدينية، ولكن بما أنها تثار بأساليب وباصطلاحات الأوساط الثقافية، لهذا السبب يظنها البعض شبهات مهمة قد تترك تأثيراً على عقول بعض الناس. فيجب الرد عليها بأسلوب ومنطق قوي وبمعنويات عالية؛ إذ إن للمعنويات العالية أهمية كبرى. ينبغي عدم الشعور بضعف أمام هذه الهجمات وهذه الأقوال.

          الأمة الإسلامية بحاجة إلى القيادة اليوم
          إننا لازلنا في أول الطريق، وأمامنا عمل كثير، وفي انتظارنا خطوات كبرى وأعمال جبّارة. فالأمّة الإسلامية بحاجة اليوم إلى قيادة؛ وهذه المهمة تقع على عاتق هذا الشعب بصفته شهيداً ومثالاً للجميع {لتكونوا شهداء على الناس}.
          الشهيد معناه الانموذج والأسوة، ولابد أن يكون هناك شعب نموذجي وأسوة لتقتدي به الشعوب. لقد بدّلت قضية الحرب أحوال الكثيرين؛ فتصغيان هؤلاء الشباب والصمود في الحرب وعدم الرهبة أمام تهديدات الاستكبار وأمريكا، ليس بالأمر الهيّن.
          إن نظام الجمهورية الإسلامية يقف اليوم بصلابة أمام أعتى قوة مادية في العالم، ليس من منطلق الرغبة في الحرب أو التحدي بل اعتماداً على نقاط قوّته، وهي الإيمان والعقيدة ومسايرة الشعب للحكومة، رغم أن الأعداء يريدون لنا الاعتماد على نقطة ضعيفة وهي القوة المادية والسلاح.
          إننا نعتمد على نقطة القوّة الأساسية في نظام الجمهورية الإسلامية، ولسنا متخلّفين في هذا الميدان، بل استطعنا أن نقاوم، وسنستطيع بعد ذلك أن نقاوم أيضاً بعون الله. وفي مثل هذه الحالة سيكون شعبنا مثالاً لكل الشعوب، وسيرى المتفرجون هذه المسيرة، وسيكون هناك أشخاص يتجرأون ويضعون أقدامهم على هذا الطريق، وقد لا يجرؤ أشخاص آخرون ولا يضعون أقدامهم على هذا الطريق؛ ولكن المسألة المهمة هي أن الطريق مرسوم وواضح.
          وفي ضوء هذه الرؤية المستقبلية والمطامح التاريخية والعالمية يتضح أنّه مازالت أمامنا مهام كبرى، وهناك في انتظار نظامنا وثورتنا الإسلامية أعمال جبّارة، وأنتم الذين يجب أن تنهضوا بعبء هذه الأعمال.
          عليكم ـ أيّها الشباب وأيّها الجيل الجديد من العلماء ـ أن تستندوا إلى الكتاب والسنة والفكر الإسلامي الصحيح واستقلال المعنويات وعلو الهمّة، ومن خلال عدم التدنّس بأشياء تافهة وحقيرة وبمسائل مادية وسياسية وعلاقات شخصية ـ وهي مسائل غلّت وللأسف أيدي وأرجل بعض الأشخاص ـ أن لا تتورطوا في هذه المسائل؛ فأمثالكم يستطيعون أن يكونوا مفيدين جداً للمستقبل. ومسؤولية هذه الأعباء تقع على عاتقكم.

          كلمة سماحته عند لقائه أعضاء الهيئة العلمية للمؤتمر «الإمام الخميني(ره) ونظرية الحكومة الإسلامية»، 19/10/1420

          ـــــــــــــــ
          1. عدالت خانه، حركة قام بها الأحرار في إيران وأرغموا مظفر الدين شاه القاجاري (1854 ـ 1907) خامس ملوك السلالة القاجارية، على إنشاء دار للعدالة. ثم تطورت الأمور لاحقاً إلى قيام الحركة الدستورية وإقرار الدستور عام 1907.

      • الاستقلال والحرّية
      • ذكريات القائد من أيام النضال
    • العراق
    • الحج العبادي و السياسي
    • الوحدة الوطنية والإنسجام الإسلامي
    • الرسول الأعظم(ص)
700 /