موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي
تحميل:

سائر الكتب

  • الفكر الأصيل
  • ضَرورة العَودة إلى القرآن
  • العودة إلى نهج البلاغة
  • روح التوحيد رفض عبودية غير الله
  • دروس وعبر من حياة أمير المؤمنين (عليه السلام)
  • الامام الرضا(ع) وولاية العهد
  • عنصر الجهاد في حياة الأئمة (عليهم السلام)
  • كتاب الفن والأدب في التصور الإسلامي
  • الإمامة والولاية في الإسلام
  • المواعظ الحسنة
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • قيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
    • قصة المحاضرة
    • نظرتان خاطئتان
    • النظرة الصحيحة
    • مراحل مسيرة الإمامة
      سهلة الطبع  ;  PDF

       

      مراحل مسيرة الإمامة

        استمرت مسيرة الإمامة منذ رحلة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في شهر صفر سنة 11 هجرية، حتى وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في ربيع الأول سنة 260 هــ. وخلال هذه السنين طوت المسيرة أربع مراحل كان للأئمة في كل منها موقف متميز تجاه حكام المجتمع الإسلامي:

        المرحلة الأولى: مرحلة السكوت، أو مرحلة التعاون مع الحاكم.
        تميزت هذه المرحلة بأن المجتمع الإسلامي الوليد كان محفوفاً بأخطار الأعداء الذين تربّصوا بالإسلام من الخارج بعد أن أحسّوا بخطر الرسالة عليهم، وكان هناك أعداد غفيرة من جماعات حديثة العهد بالإسلام لا تطيق أن ترى تشتتاً في المجتمع الإسلامي، وكل ثغرة في جسد الأمة تشكل تهديداً لأساس المجتمع الإسلامي ووجوده.
        ومن جانب آخر لم يكن منحنى الانحراف قد ارتفع بحيث لم يعد قابلاً للتحمّل بالنسبة لشخص مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي هو أحرص الناس على سلامة الرسالة وسلامة المجتمع الإسلامي. ولعل هذه الحالة التي حدثت في المجتمع الإسلامي هي التي أشار اليها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين أوصى تلميذه الفذّ بالصبر عند وقوعها.
        لقد استوعبت هذه المرحلة حياة الإمام علي (عليه السلام) منذ وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتى توليّه الخلافة. وقد شرح الإمام موقفه في هذه المرحلة خلال الكتاب الذي وجهه إلى أهالي مصر مع مالك الاشتر لما ولاّه إمارتها إذ جاء فيه:
        «فأمسكت يدي، حين رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلّى الله عليه وآله) فخشيت إن لم انصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم.. فنهضت في تلك الأحداث..».
        حين عزفت عنه الولاية سكت في سبيل الإسلام، وحين واجه المجتمع أخطار جسيمة، قام ينافح عن الإسلام والمجتمع الإسلامي هادياً وموجهاً وعاملاً في المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية. وفي نهج البلاغة وسيرة علي (عليه السلام) ما يدل بيقين على طبيعة تحرك الإمام خلال هذه الفترة.
        المرحلة الثانية: مرحلة استلام الحكم. وهذه استغرقت أربعة أعوام وتسعة أشهر من خلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وبعضة أشهر من خلافة ولده الحسن (عليه السلام). ومع كل ما اكتنف هذه المرحلة من آلام وهموم ومشاكل ومصاعب تكتنف عادة كل حكومة ثائرة، فأنها سجلت أنصع الصفحات وأروعها في تاريخ الحكومة الإسلامية، بما قدمته من طريقة إنسانية في التعامل، ومن عدل والتزام دقيق بأحكام الإسلام بأبعاده المختلفة في إدارة المجتمع الإسلامي، هذا إلى جانب الحزم والصراحة والجرأة في التطبيق واتخاذ المواقف.
        هذه المرحلة من تاريخ الإمامة كانت النموذج الذي دعا أئمة أهل البيت (عليه السلام) خلال القرنين التاليين إلى تطبيقه في الحياة السياسية والاجتماعية. وأتباع مدرسة أهل البيت منشدّون باستمرار إلى تلك الفترة التاريخية، ينشدون استعادتها في حياتهم، ويتخذونها أساساً في تقويم أنظمة زمانهم.
        وبهذا المعيار يدينون الأنظمة المنحرفة عن النهج الإسلامي، كما كانت هذه الفترة تجربة ودرساً لحكومة إسلامية ثورية تماماً في مجتمع عصفت به الأهواء والانحرافات. وكانت حالة المجتمع هذه قد ألقت عبئاً ثقيلاً ومسؤولية كبيرة على الأئمة التالين.
        المرحلة الثالثة: هي التي استوعبت السنوات العشرين بين صلح الإمام الحسن (عليه السلام) سنة 41 هــ، وشهادة الإمام الحسين (عليه السلام) سنة 61هــ.
        بعد صلح الحسن (عليه السلام) بداً نوع من العمل شبه سرّي، هدفه إعادة القيادة الإسلاميّة إلى أصحابها الحقيقيين، إذ كان الأمر يتطلّب التريّث ريثما تنتهي مدة حكم معاوية، وخلال هذه المدة القصيرة توجهت الجهود البناءة للتمهيد إلى المرحلة التالية.
        المرحلة الرابعة: هي التي نحتاج إلى أن نقف عندها ولو قليلاً، لأنها هي التي تعنينا في دراسة الإمام الصادق (عليه السلام). في هذه المرحلة التي استمرت قرابة قرنين، تواصلت مسيرة الإمامة ضمن خطة بعيدة المدى لتغيير المجتمع وفق نظرة الإسلام في جميع المجالات، بما في ذلك القيادة السياسية. كانت مفعمة بالانتصارات والانتكاسات، ومقرونة بنجاح باهر في مجال العمل الفكري والعقائدي، وممتزجة بألوان الأساليب الرائعة في العمل التكتيكي المناسب، ومزدانة بأسمى وأروع مظاهر الإخلاص والتضحية والتفاني والعظمة الإنسانية على الطراز الإسلامي.
        هذه المرحلة بدأت من محرم سنة 61 هجرية، بعد استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وبدء إمامة على بن الحسين (عليه السلام). وفي هذه المرحلة نشط الأئمة ــ كما ذكرنا ــ في الحقل الايديولوجي ومكافحة الانحرافات والتحريفات التي خلّفتها مراكز القدرة والأذهان الجاهلية، إلى جانب العمل على المدى البعيد لإقامة حكم إسلامي ينتهج القرآن وسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويتمثّل نموذج حكومة علي (عليه السلام).
        واضح أن تنفيذ منهج ثوري أصيل عميق في مجتمع مرّت عليه سنون من الانحراف الفكري والعملي يستدعي تكتيكاً دقيقاً وتخطيطاً أساسياً. فالمجتمع الإسلامي آنئذ قد مرّت عليه فترة حكومة معاوية بكل ما فيها من تخدير وتحريف وتزييف وابتعاد عن الروح الرسالية وحرمان من القيادة المبدئية، مما أدّى إلى تفاقم خطر الانحراف، حتى إنّ الأمر آل إلى مقتل ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في كربلاء على مسمع ومرأى من هذا المجتمع المرعوب المشلول المهزوم أمام الارهاب الأموي.
        لابّد إذن من عمل كبير يعيد إلى هذا المجتمع معنوياته المفقودة وشخصية المسحوقة، انها لعملية تغيير كبرى يحتاجها هذا المجتمع كي يعود مرّة أخرى مؤهلاً لحمل الرسالة والنهوض بأعباء المسؤولية الثقيلة. لابد من ثورة كالتي أعلنها رسول الله في المجتمع الجاهلي، ثم تولّي قيادة هذا المجتمع انطلاقاً من هذه الثورة.
        أن إعادة الحياة الثورية وتجديدها عملية لا تقّل صعوبة وأهمية عن خلق الثورة وإيجادها. عملية التجديد الثوري بحاجة إلى إيمان عميق، وعزم راسخ، وعقل مدبر، وفكر يقظ وواع وفعّال. فمن الذي يحمل عبء هذه المسؤولية؟!
        تلك الفئة التي ما استطاعت أن تسير وراء الإمام الحسن (عليه السلام) وما ارتفعت إلى مستوى مناصرة الإمام الحسين (عليه السلام) غير قادرة دون شك على عملية الإحياء هذه. والاعتماد على هذه الفئة ليس وراءه إلا الفشل والخسران.
        إن تجربة «التوابين» ثم قيام المختار وإبراهيم بن مالك خير دليل على ما ذهبنا إليه.  

    • موقف الإمام السجاد (عليه السلام)
    • حياة الإمام الباقر (عليه السلام)
    • قيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
    • معالم حياة الإمام الصادق (عليه السلام)
700 /